لا تنفصل المشاورات الدولية الأخيرة حول سوريا عن اجواء الصراع بين القوي الكبري سواء في ساحة الشرق الأوسط أو خارجه, واخطر ما يتعرض له نضال السوريين اليوم هو استخدام السلطة( الأسد وأعوانه) والمعارضة المسلحة كأوراق لعب بين واشنطنوموسكو وبكين وبروكسل. وربما أداة لتخليص البعض لحقوقه من البعض الآخر بعد امتلاك الولاياتالمتحدة زمام المبادرة في ليبيا قبل عام كامل وخروج حلفاء النظام السابق صفر اليدين تقريبا. تظل بلاد الشام علي ما يجمع شعوبها صاحبة السبق في تشكيل معالم النظام الشرق أوسطي في نهاية حقب وبداية حقب جديدة وهو ما تعول عليه واشنطن اليوم بهدف تأكيد صورة الدولة القائد في المنطقة رغم كل الصعوبات التي تعتري القوة الأمريكية في القرن الحادي والعشرين. وفي الصراع الدولي يلعب الرئيس السوري بشار الأسد دور المخلب لصالح عواصم كبري بينما تتلمس المعارضة المسلحة بأظافرها الناشئة طريقها في ظلمة الألالعيب الدولية التي لا ترحم معاناة الشعوب ولكنها دائما تؤسس لمكاسب الكبار علي حساب الضعفاء. في السياق السالف, اختلطت أوراق تجارة الأسلحة الدولية بحسابات مواجهة إيران سواء من جانب إسرائيل بسبب البرنامج النووي أو نتيجة قلق دول الخليج العربي من سطوة طهران وتهديدها لمنابع النفط في الدول البترولية الصغيرة أو لحسابات العلاقة بين السنة والشيعة في سائر المشرق العربي في حال سقوط نظام الأسد. كل تلك الحسابات تركت أثارها علي مشاورات مجلس الأمن الدولي بشأن القرار الأخير حول الوضع في سوريا وظهرت وجوه عارية تماما إلا عن مصالحها. رقعة الشطرنج الدولية رسمت نقلات جديدة لقطع اللعب بين القوي الدولية والإقليمية حيث سعت الولاياتالمتحدة وبعض الدول العربية إلي استصدار قرار يتضمن النص علي خروج بشار الأسد أو نقل السلطة تدريجيا إلي نائبه من أجل حقن الدماء والانتقال إلي مرحلة جديدة بعيدا عن العنف الدموي إلا أن حسبة الروس جاءت مختلفة وهي رفض خروج الأسد أو التلويح باستخدام مجلس الأمن لأية صلاحيات تتضمن اللجوء إلي القوة أو حتي فرض حظر علي صادرات الأسلحة ووصلت حسابات موسكو إلي حد التلويح في الغرف المغلفة أثناء المفاوضات إلي تخوفها من زحف الإسلام المسلح علي السلطة في العالم العربي بعد موجة التحرر من الديكتاتورية الأخيرة وهو ما يهدد الفناء الخلفي لروسيا ومصالحها الحيوية في الفضاء الإسلامي في اسيا الوسطي. وأخطر ما يحيق بسوريا اليوم هو ما قاله الصحفي الأمريكي جاكسون ديل قبل أيام إن معالم حرب طائفية إقليمية ترسم علي أرض سوريا. والأخطر أيضا هو ما قاله لمراسل الأهرام الخبير الأمريكي إيان بريمر رئيس مجموعة أوراسيا للأبحاث في نيويورك في حوار سابق من أن غياب مصر عن المشهد السوري وعدم وجودها في الترتيبات الإقليمية الراهنة مسألة بالغة الأهمية وتترك إنعكاسات سلبية علي مستقبل المنطقة نتيجة انشغال مصر بترتيبات نقل السلطة من الحكم الانتقالي الحالي. والثقل المصري في الأزمة الحالية مفتقد علي نطاق واسع ولو كانت الأمور قد استتبت لحكم جديد في القاهرة لربما وجدنا مصر تستعيد القيادة الإقليمية من البوابة السورية التي تركت اليوم لقوي إقليمية متوسطة أو دول صغيرة تمارس لعبة بناء القوة الإقليمية دون تأثير حقيقي في مسار الأحداث لغياب الثقل السياسي الفعلي. ويخشي الخبراء في العاصمة الأمريكية من اللغة المراوغة في البيانات الدولية التي تراعي الحسابات الدولية وتفتح الباب امام التفسيرات الواسعة والتي في نهاية الأمر لا تخدم سوي الغموض علي الساحة الداخلية السورية وتعطي الأطراف الدولية والإقليمية فرصة التقاط الأنفاس والتحضير لمعركة أكبر دفاعا عن مصالحها بينما الدماء تسيل كل ساعة علي أرض سوريا بلا رادع حقيقي للنظام القمعي وقواته التي تقتل السوريين بدماء باردة. وبعيدا عن المناورات الدولية والإقليمة, يظل السؤال الغامض هو كيف يمكن للجامعة العربية التي قدمت مشروع القرار لمجلس الأمن أن تدفع في طريق الحوار بين السوريين-حكومة ومعارضة- من اجل إنهاء الصراع الدموي مع تمسك الأطراف الداخلية بمواقفها وغياب القوي الإقليمية المؤثرة وتحديدا مصر عن المشهد وفي جميع الحالات يمثل ما حدث في الأممالمتحدة فصلا جديدا في لعبة التوازنات التي لا يدفع ثمنها سوي الشعوب التعيسة وحتي يحسم الشعب السوري صراع السلطة يبقي بشار الأسد ناشبا مخالبه ومدعوما بموسكو وبكين وتبقي المعارضة لحكمه رهينة الحسابات والرهونات المعتادة سواء من الولاياتالمتحدة أو القوي الإقليمية التي تظهر التعاطف مع الشعب السوري ولكن حقيقة الأمر مصير الشعوب ربما يكون أخر ما يفكرون فيه! موسكو بين "المبادئ " و "المصالح" موسكو د. سامي عمارة بنبرة غلب عليها عدم الاكتراث رفض سيرجي لافروف الرد علي مكالمة هاتفية من نظيرته الامريكية هيلاري كلينتون وكانت تريد مناقشته في المشروع الغربي المقدم بالتعاون مع الجامعة العربية الي مجلس الامن حول سوريا. دون تقديم اي اعتذار فسر الوزير الروسي موقفه بأنه كان مشغولا بمباحثاته مع نظرائه في استراليا. وبغض النظر عن التفاصيل فان لافروف وحسبما يبدو اراد يقينا تأكيد ان بلاده لن تتحرك قيد انملة عن موقفها الرافض لاي مشروع قرار يتضمن من قريب او بعيد اتاحة الفرصة لاي تدخل اجنبي عسكري في سوريا بما يعني انها استوعبت مرارة الدرس الذي تلقته في ليبيا حين نزلت علي رغبة واشنطن ووافقت علي التصويت مع القرار.1973علي ان لافروف ومع ذلك سارع ليؤكد ان موقف موسكو لا يعني تأييد او دعم الرئيس السوري بشار الاسد قائلا: اننا لسنا اصدقاء او حلفاء الرئيس الاسد وهو ما يتفق مع ما سبق واعلنه فلاديمير بوتين رئيس الحكومة الروسية حول ان موسكو لا ترتبط مع دمشق باية علاقات خاصة. وكان لافروف قد قال ايضا:ان موسكو لم تقل يوما ان بقاء الاسد شرط لحل الازمة وانما قالت بضرورة ان يكون الحل سوريا وان تجلس كل الاطراف المعنية الي مائدة الحوار لتقرير من يرحل ومن يأتي. واذا كان لافروف اردف قوله: ان تغيير الانظمة ليس مهنتنا فان هناك من يتذكر ما سبق واعلنه الرئيس ميدفيديف حول ان الاسد مطالب بتنفيذ الاصلاحات او القبول بالرحيل وهو ما قد يبقي علي الامال التي تراود البعض حول القبول برحيل الاسد في اطار صيغة تقترب من الصيغة التي خرج بموجبها الرئيس علي عبد الله صالح من اليمن, وتتضمن تنازله عن صلاحياته الي نائبه, لكن دون ان يكون ذلك نتيجة تدخل عسكري اجنبي علي غرار ما سبق وشهدته ليبيا. وعلي الرغم من تأكيدات وتعهدات الكثيرين من ممثلي الدوائر الغربية حول ان مشروع القرار المقدم الي مجلس الامن لم يتضمن الاشارة الي اي من انواع التدخل العسكري او التهديد به او بفرض عقوبات ضد النظام السوري, فإن موسكو لا تزال عند موقفها الذي اوجزه فيتالي تشوركين المندوب الدائم لروسيا في مجلس الامن في اعلان رفض موسكو ومطالبته بان تنأي الامم المتحدة بنفسها عن اي نزاع داخلي ومناشدته المعارضة والحكومة السورية الموافقة علي الحوار دون اية شروط مسبقة, مشيرا الي ان مطالبة الرئيس الاسد بتفويض صلاحياته الي نائبه يعتبر شرطا مسبقا, في نفس الوقت الذي عاد فيه الي مطالبة النظام السوري بتنفيذ الاصلاحات وتأمين مصالح الشعب. وكان جينادي جاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسية اشار في تصريحه الي وكالة انباء انترفاكس الي ان مشروع القرار الاخير: غير متوازن ويترك الباب مفتوحا امام احتمالات التدخل في الشئون الداخلية السورية.واشار الي ان بلاده سبق وصوتت مع الصين ضد مشروع القرار الذي اقترحه الشركاء الغربيون في اكتوبر الماضي وكان يتضمن تصورا غير مقبول للتسوية مشيرا الي ان النص الاخير ليس بعيدا عن الصيغة القديمة والتي لا يمكن لروسيا ان توافق عليه. اما عن اسباب الاصرار علي عدم قبول مشروع القرار المقدم الي مجلس الامن فقد اوجزتها موسكو علي لسان عدد من مسئوليها ومنهم قسطنطين كوساتشيف النائب الاول لرئيس لجنة الشئون الخارجية بمجلس الدوما الذي اشار منها الي ضرورة التمسك بمبادئ الشرعية والقانون الدولي فيما يجنح الاخرون من الاصدقاء والخصوم علي حد سواء نحو اعتبار الرغبة في الحفاظ علي المصالح تفسيرا لما تقوم به موسكو من خطوات ثمة من يري فيها دعما لنظام بشار الاسد في نفس الوقت الذي تبدو فيه دفاعا عن المصالح الجيوسياسية والاقتصادية والعسكرية. وكانت موسكو قد اعلنت صراحة عن اصرارها علي مواصلة امداد سوريا بالاسلحة والمعدات العسكرية طالما لا تخرج في ذلك عن اطار المواثيق الدولية والتزاماتها وما وقعت عليه من معاهدات واتفاقيات وهو ما يدر عليها مئات الملايين من الدولارات, الي جانب حاجتها الي ميناء طرطوس الذي تتخذه قاعدة دائمة للاسطول الروسي منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي وهي مصالح قال ممثلو المجلس الوطني السوري باستعدادهم لمناقشتها واخذها في اعتبارهم. العربي ينقذ االمعارض السوري ثائر الناشر: االنظام السوري لن يصمد أكثر من3 أشهر نتوقع انهيارا قريبا في أسرة الأسد أو انقلابا عسكريا حوار: محمد فؤاد في محاولة للغوص في تطورات المشهد السوري المتأزم منذ اندلاع الثورة السورية علي نظام حكم الرئيس الرئيس السوري بشار الأسد تحدثنا مع السيد ثائر الناشر الإعلامي والناشط السوري المعروف وسألناه عن رأيه في تلك التطورات وتصوره لما تحمله الأحداث السورية خلال المرحلة الحرجة المقبلة. { ما هي الايجابيات التي يحملها مشروع القرار العربي في مجلس الأمن والسلبيات أيضا ؟ مشروع القرار العربي جاء ضمن خطة عمل قدمتها اللجنة الوزارية العربية من ايجابياتها أنها تفهمت رغبة الشارع السوري في إسقاط النظام من خلال دعوة الأسد للتنحي وترك السلطة لنائبه ولكن سلبياتها أنها جاءت متأخرة عن بداية الثورة. والجامعة العربية عندما طرحت المبادرة كان ذلك نتيجة الانسداد السياسي الذي وصل إليه الوضع في سوريا عقب تجميد عمل بعثة المراقبين العرب لسوريا, وكذلك نتيجة الضغط الشعبي وحالة الاحتقان والغضب لما يتعرض له الشعب السوري. { وما رأيك في الموقف الروسي الرافض لمشروع القرار العربي في مجلس الأمن ؟ الموقف الروسي لم يتغير إزاء دعم النظام السوري وهذا يعود إلي عمق العلاقة بين النظام الروسي ونظيره السوري. ولايمكن أن ننسي أن النظام السوري أبرم عدة صفقات سلاح مع الروس وكان ذلك في منتصف عام 2010وكل هذه الصفقات والعلاقات الاقتصادية تجعل الروس لن يتخلوا عن الأسد بسهولة, وهم الآن يبحثون عن طرف ثالث يجنبهم الخسائر. ولو استخدمت روسيا الفيتو ضد مشروع القرار العربي فلابد أن يفكر المجتمع الدولي في العمل خارج نطاق مجلس الأمن من خلال التوجه إلي الجمعية العامة للأمم المتحدة. خاصة وأن قطر ترأسها وإمكانية الحصول علي مائة صوت لتأييد المبادرة أمر ممكن الأمر الذي يجعلها تحظي بتأييد دولي أكبر والحصول علي مائة صوت متاح بنسبة70%. { هل تري أن الحل ممكن من خلال التدخل العسكري ؟ جميع المسئولين في الغرب أكدوا مرار وتكرارا أن التدخل العسكري غير مطروح في سوريا وأن السيناريو في سوريا لن يكون كليبيا. ولكن إسقاط النظام السوري لن يتم إلا بالقوة العسكرية. والتدخل الدولي يمكن أن يتم من خلال دعم الجيش الوطني الحر وتسليح الجنود المنشقين عن قوات بشار الأسد. وكل المؤشرات تدل علي بداية تقهقر قوات الأسد والطريق لحل الأمر في سوريا لن يكون إلا من خلال دعم الجيش الوطني الحر وتوفير حظر جوي أيضا مع تقديم مساعدات إنسانية للمدنيين. { ومم يتشكل الجيش السوري الحر ؟ الجيش السوري الحر هو نواة للجيش الوطني السوري الحر ويتشكل من العسكريين الذين انشقوا عن بشار منذ ابريل الماضي نتيجة استخدامهم في قتل المدنيين. وقد تمكن بعض أفراد الجيش الوطني الحر من الفرار إلي مناطق آمنة وكانت بدايته عبارة عن كتائب عسكرية ثم نظمت نفسها في لواءات عسكرية, وهي موزعة في جميع أنحاء الجمهورية السورية وأكبرها كتيبة خالد بن الوليد في حمص ومنها تتشعب سرايا الفاروق والرستن المجاورة لحمص وهناك أيضا كتائب في درعا. وقد ولد الجيش السوري الحر في سبتمبر الماضي. وله قيادات في الداخل والخارج في تركيا وهي مقيمة في معسكرات لاجئين في أنطاكيا, أما في الداخل فهو يضم ضباطا ما زالوا يعملون في قوات بشار ولكن دون إعلان انشقاقهم رسميا. { وماذا عن المعارضة لماذا تبدو دائما ضعيفة ومفككة ؟ االمعارضة السورية لم تكن موجودة خلال سنوات حكم الأسد فلم يكن هناك أي معارضة فاعلة علي الأرض وجميع المعارضين كانوا في الخارج, نظرا لقمع الأسد ولم يكن لهم تواصل حقيقي مع الداخل ولذلك فإن المعارضة السورية فوجئت بانطلاق الثورة السورية, ولذلك كانت غير متحدة الصفوف, وبالتالي حاولت أن تكون جزءا من الحراك الثوري الجماهيري. والمعارضة حاولت لملمة صفوفها ولكن في النهاية هناك اختلاف في الأيدولوجيات والأهداف, ولكن الحراك ثوري والبوصلة اليوم لدي الشارع وليس لدي المعارضة السياسية. والثورة لاتحتاج لواجهات سياسية. ولايمكن اختزال المعارضة في المجلس الوطني المعارض فهو جزء من المعارضة لايتعدي50% إلي60%, وهناك تيارات أخري غير ممثلة تشكل 45% من المعارضة السورية. { وماذا نتوقع خلال الأيام القليلة المقبلة ؟ يمكننا القول إن بداية انكسار النظام السوري قد حدثت وأن رحلة السقوط بدأت منذ حوالي اسبوعين وموازين القوي تميل حاليا لصالح الثورة, وذلك بفضل المتظاهرين الذين لم ينكسروا وساعد علي ذلك الانشقاقات الواسعة في الجيش السوري, فكل هذا غير ملامح المشهد السوري. ولاشك أن الأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة وسيسرع من هذا الحسم دعم الثوار السلميين والعسكريين فنظام الأسد يستميت في البقاء والحسم سيكون خلال أشهر قليلة نحو شهرين إلي ثلاثة أشهر. ولايمكن أن ننسي أن هناك مفاجآت منتظرة فانشقاق ضباط كبار كان له وقع كبير في الشارع السوري مثل اللواء محمد خلوف وهو ضابط استخبارات سوري فقد أدي خبر انشقاقه إلي زلزال في دمشق. ويمكن أن نتوقع انقلابا عسكريا وانهيارا في الأسرة الحاكمة فهناك من يري أنه لابد من الخروج مثل زوجة بشار واخته ووالدته وغيرهم, وهذا كله قد يكون له دور في حسم الأوضاع مع ضرورة وضع أن الانشقاقات والعمليات العسكرية سيكون لها دور في حسم الأوضاع بشكل سريع. الانقسام الاعربى ينقذ الأسد فتحي محمود هل يمثل نقل الجامعة العربية الملف السوري إلي مجلس الأمن اعترافا رسميا بفشل الحل العربي رغم إتفاق الدول الكبري في المجلس علي دعم المبادرة العربية ؟ الحقيقة أن جميع الأطراف ساهمت ولاتزال في إضعاف الحل العربي, فالمعارضة بمختلف اطيافها رفضت في البداية اقتراحا تؤيده روسيا بتطبيق النموذج اليمني علي الوضع السوري, ظنا منها أنها قادرة علي تغيير النظام بقوة الشارع, وعندما عجزت عن ذلك وقبلت بالإقتراح تراجعت روسيا لأنها تريد ثمنا محددا للتخلي عن النظام السوري, قد يكون الاحتفاظ بقاعدة تدمر الجوية وبقاعدة طرطوس البحرية, وأن تكون شريكا مع دول الغرب في منطقة الشرق الأوسط حماية لمصالحها الحيوية. ودول الخليج تريد إسقاط النظام في أسرع وقت ممكن بغض النظر عن موازين القوي علي الأرض داخل سوريا, لأن لديها حسابات أخري تتعلق بالمشروع الإيراني في المنطقة, وهناك انقسامات بين الدول العربية حول التدخل العسكري الخارجي في سوريا مع تأييد لبنان والعراق والجزائر الكامل لدمشق, والأمانة العامة للجامعة لا تمثل سوي الإرادات السياسية للدول الأعضاء. ونظام الأسد يري أن استمرار عمليات القمع الأمني هو السبيل الأساسي للحفط علي وجوده, مع القيام بإصلاحات شكلية لا تحقق مشاركة كافة الأطياف السياسية في حكم البلاد من خلال نظام ديمقراطي. وإذا كانت القوي الكبري تؤكد دعمها لمبادرة الجامعة العربية دون الدخول في تفاصيلها, فإن التفاصيل تؤكد استحالة تنفيذها في ظل الظروف الحالية, فالمبادرة دعت إلي تشكيل حكومة وحدة وطنية سورية خلال شهرين, وتفويض الرئيس بشار الأسد نائبه الأول بصلاحيات كاملة, وهو أمر لن يتم إلا بموافقة النظام السوري, ولذلك يطالب البعض بأن تتضمن طريقة تنفيذ الحل العربي طمأنة حزب البعث السوري القائد للأمة وفقا للمادة الثامنة من الدستور السوري, علي رغم من اقتناع غالبية الشعب السوري وكثيرين من العرب انه ترهل وصار غير فاعل, وتحول غطاء لممارسات فرد وعائلته ولالعصبية الشعبية التي ينتمي اليها, ذلك ان اعضاءه وهم بالملايين يعتبر قسم كبير منهم ان النظام لم يعد بعثيا, وان ممارساته لم يكن فيها شيء من البعث, وانه دفعهم غصبا عنهم الي اصطفافات طائفية ومذهبية, وكان يفترض في حزبهم ان يلغي تأثيراتها السلبية. فضلا عن ان نائب الرئيس السوري فاروق الشرع, الذي اقترحت المبادرة العربية ان يتولي صلاحيات الرئاسة انتقاليا, ينتمي حزبيا الي البعث, ومذهبيا الي غالبية الثائرين علي النظام, ومناطقيا الي مدينة درعا التي شهدت أول قمع دموي بالغ القسوة من قوات الأسد, ومن شأن ذلك ربما دفع الثوار الي قبوله وإن لمرحلة موقتة. ثمة من يقول إن البديل هو إنشاء ممرات آمنة داخل الاراضي السورية ومناطق آمنة يلجأ اليها السوريون هربا من الحرب, وهذه الممرات تستخدم لمساعدات انسانية توفر الغذاء والدواء ويتولي حمايتها الجيش السوري الحر بدعم تركي إذا تعذرت الاستعانة بقوات عربية غير متورطة في الصراع مع سوريا مثل الجزائر والسودان, وان مثل هذه الممرات والمناطق تشكل ملاذا آمنا لمن يرغب في الانشقاق عن الجيش السوري, حتي إذا ما اتسع ذلك فإن هذا الجيش يفقد عندئذ قوته القتالية وقدرته علي حماية النظام. ولكن ذلك لن يتم أيضا إلا بتضافر الجهود العربية والدولية, وكأننا ندور في حلقة مفرغة. تحت حماية الفوضي والخوف أشرف أبو الهول: بعيدا عن الحسابات المثالية للثوار السوريين فأننا يجب أن نعترف أن أي محاولة للإطاحة بالقوة بنظام بشار الأسد في سوريا قد تؤدي إلي فقدان السيطرة علي الأوضاع في العالم العربي وربما انهيار جامعة الدول العربية نفسها وذلك بسبب تعقد الموقف الإقليمي ونجاح البعث السوري علي مدي سنوات في خلق بؤر توتر جاهزة للانفجار في الدول المحيطة بسوريا وفي مقدمتها لبنان والعراق وإلي حد ما غزة. وفيما يتعلق بلبنان فالكل يعلم أن حزب الله الشيعي وتنظيمات لبنانية أخري لايمكن أن تعيش بدون دعم النظام السوري فعن طريق الأراضي السورية تأتيهم الأسلحة والمعدات والخبرات سواء من إيران أو من كوريا الشمالية ولأن حزب الله هو الذي يسيطر علي مقاليد الحياة في لبنان حاليا فمن غير المستبعد أن يقوم بتفجير الأوضاع علي الأراضي اللبنانية سواء داخليا أو في اتجاه إسرائيل لتخفيف الضغط علي دمشق. وبالنسبة للعراق فالكل يعلم أن العديد من القوي المسلحة النشطة هناك سواء من المعسكر السني أو الشيعي كانت تتحرك عبر الحدود السورية وبدعم من نظام بشار حيث كان يستخدمها كورقة ضغط ومساومة لتحقيق أهدافه في المنطقة وبرغم الانسحاب العسكري الأمريكي من الأراضي العراقية فأن بعض هذه الجماعات ومنها التيار الصدري يمكنها أن تسبب في حالة اكبر من الفوضي في العراق وهذا الاحتمال قوي لأن إيران هي الداعم الرئيسي لتلك الجماعات لاسيما الشيعية منها وبالتالي فأنها يمكن أن تتحرك بسرعة لأن الإيرانيين علي قناعة بأن إزالة نظام بشار سيكشف ظهورهم ويمهد للحرب ضدهم. وبالنسبة لغزة فأن الخروج التدريجي غير المعلن لقادة حركتي حماس والجهاد الإسلامي من الأراضي السورية لايعني أن احتمالات توريط الفلسطينيين في الدفاع عن نظام الأسد من خلال التصعيد ضد إسرائيل قد انتهت فهناك جماعات اصغر ولكنها أكثر التصاقا من حماس والجهاد بالنظام السوري يمكنها أن تفعل أي شيء للإبقاء علي بشار ومنها جماعة أبو نضال والجبهة الشعبية القيادة العامة إلي حد ما فعناصر هاتين الجماعتين وغيرهما يمكن أن تشارك في إطلاق الصواريخ من غزة تحت أي مسمي لأنها ببساطة ستموت إذا مات بشار فلا أحد يريد بعضا منها علي أرضه كما أن بعض الروايات غير المؤكدة تشير إلي تورط فعلي لعناصر فلسطينية في عمليات القمع التي يقوم بها الأمن السوري ضد مواطنيه. ويبقي أحتمال أخر هو أن تنظيمات أخري مدعومة من إيران يمكن ان تتحرك لإشعال الموقف ليس دعما للأسد ولكن خوفا من أن يؤدي سقوطه إلي تقليص قائمة الأهداف التي تنوي إسرائيل ضربها ومنها المقاومة الفلسطينية قبل أن تتحرك كما هو متوقع في الربيع القادم ضد طهران. وهناك عنصر اخر قد يستفيد منه النظام السوري يتمثل في خوف بعض الأنظمة العربية مثل الجزائر وموريتانيا والسودان وغيرها من أن يؤدي أنتصار المعسكر الذي تقوده قطر في الجامعة العربية وهو معسكر التصعيد وتشجيع العمل العسكري إلي تراجع أدوارها إقليميا لمصلحة الدوحة وبالتالي فأن هذه الدول مازالت تشكل غطاءا دبلوماسيا لبشار الأسد ورجاله وهو مايهدد وحدة جامعة الدول العربية والتي تأثرت بشدة مؤخرا بسبب فداحة الخسائر من التدخل العسكري الغربي في ليبيا وقتامة الصورة هناك رغم مرور شهور علي إنهيار النظام وإعدام ألقذافي. ويضاف إلي ما سبق ان الأسد كان دائما يعول علي فكرة انه يقود المعسكر المقاوم ضد إسرائيل في المنطقة نظرا لدعمه المعلن لحركات المقاومة وللقوميين العرب ووقوع إسرائيل علي حدوده وبالتالي فأن الكثيرين سيحاولون إنقاذ هذا النظام خوفا من أن يفسر البعض سقوطه بأنه يأتي في مصلحة إسرائيل خاصة بعد الخروج الفعلي لدول الربيع العربي من دائرة المواجهة بسبب تدهور الأوضاع فيها والانشغال المتوقع لأنظمتها بالشأن الداخلي لسنوات طويلة حتي تعيد بناء هياكلها التي خربتها الأنظمة الفاسدة المخلوعة وقضت علي ما تبقي منها حالة الفوضي التي أعقبت الثورات فيها ومصر علي رأس تلك الدول ومعها ليبيا التي لا يتصور الكثيرون أنها يمكن أن تتعافي سريعا