فى مثل هذا التوقيت من عام 1948 ، عرف العالم للمرة الأولى "قوات حفظ السلام" ، أو ما يسمى ب"أصحاب القبعات الزرقاء" والتى نفذت منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا أكثر من 70 عملية عسكرية لحفظ السلام فى أربع قارات من بين قارات العالم الست. ومع إقامة احتفال اليوم العالمى لقوات حفظ السلام للأمم المتحدة ، والذى يوافق يوم 29 مايو من كل عام ، والذى تم خلاله تكريم أسماء 106 من أفراد هذه القوات الذين ضحوا بحياتهم من أجل تنفيذ هذه المهمة العظيمة ، يثار الحديث حول الهدف من تشكيل هذه القوات ، والقوانين المنظمة لعملها ، وأبرز النجاحات والإخفاقات التى مرت بها ، وأسباب ذلك ، فضلا عن الفضائح والانتهاكات التى تورطت فيها ، والدور الذى تلعبه فى عالمنا المعاصر ، وما إذا كانت تؤدى مهام مستقلة ونزيهة بحق ، أم أن هناك من يستغلها لتحقيق أغراض معينة. وهذه التساؤلات تبحث عن إجابة ، وهو ما نستعرضه فى هذا الملف. مصر ودورها التاريخى فى السلم والأمن باسل يسرى على الرغم من حالة العزلة التى عاشتها مصر خلال العقود السابقة عن قارتها الإفريقية سواء فى الوجود أو التواصل على المستوى الرئاسى، الأمر الذى عقد كثيرا من المشكلات، الا أنها لم تغب أبدا عن اداء دورها فى صون السلم والأمن فى القارة السمراء، فتوجه الدولة كان ومازال - حتى فى أصعب المحن - هو الالتزام بالمساعدة على تحقيق التسوية للنزاعات ومعالجة جذورها ومن ثم التوجه نحو التنمية. فعمليات حفظ السلام التى تشارك فيها مصر تعتبر من وجهة نظر السياسيين أداة سياسية فعالة متاحة للمجتمع الدولى لمعالجة الأزمات وتحقيق السلام المستدام، وهى مقسمة لأربع خطوات تبدأ بإرسال قوات من الجيش أو الشرطة أو كليهما لما يعرف سياسيا بعمليات تثبيت الاستقرار، ثم نشر العناصر المدنية لإرساء مباديء المواطنة وحقوق الإنسان، ثم السيطرة الأمنية ونزع سلاح المقاتلين السابقين، وبعدها تأتى المرحلة الأخيرة وهى عودة اللاجئين والمشردين ومن ثم التنمية فى البلاد. ويأتى دور مصر من منطلق حرصها الشديد بضرورة مساعدة كل الدول التى تحتاج اليها فالقوات المصرية الآن موجودة فى أكثر من دولة إفريقية من خلال المساهمة فى بعثات حفظ السلام للحفاظ على سلامة المدنيين المعرضين للخطر وصولا لإعادة المساهمة فى بناء مؤسسات الدولة المنهارة فى إطار تحقيق التنمية وبناء السلام. ولمصر قوات فى إقليم دارفور فى السودان حيث قامت بإرسال عدد من المراقبين العسكريين وضباط هيئة وذلك ضمن قوات الحماية التابعة للاتحاد الافريقى بدارفور، هذا بخلاف المشاركة ببعثة الأممالمتحدة بالسودان. كما شاركت مصر ضمن قوات حفظ السلام الدولية فى الكونغو الديمقراطية فى فترة الستينيات من القرن الماضى، فضلا عن حفظ السلام فى الصومال وتدريب عناصر الشرطة الصومالية. بالإضافة الى المشاركة المصرية فى أفريقيا الوسطى، بين عامى 1998 و2000، وفى موزمبيق شاركت مصر فى الفترة ما بين عامى 1993 و 1995 بعشرين مراقبا عسكريا. والآن لمصر وجود فى دولة الكونغو الديمقراطية والكوت ديفوار ومشاركة بعدد 24 مراقبا فى الصحراء الغربية وفى دولة ليبريا أيضاً بصفة مراقبين بالإضافة الى دولة هاييتى فى أمريكا الجنوبية فضلا عن القوات المشتركة فى دارفور السودانية، ليصل العدد الإجمالى للقوات المصرية العاملة فى هذه الدول لحفظ السلم والأمن فيها الي 2649 من قوات الجيش والشرطة، كما تعتزم مصر إرسال قوات الى دولة مالى الإفريقية خلال الشهور القادمة لمساعدة هذا البلد على حفظ الأمن والسلم بداخله، لتصبح مصر رقم 11 على مستوى العالم من حيث الوجود والمشاركة فى عمليات حفظ السلام. جدير بالذكر أن بمصر أيضاً قوات دولية تعمل فى محافظتى سيناء وهى من القوات المتعددة الجنسيات والمراقبين للاشراف على تطبيق البنود الأمنية فى معاهدة السلام المصرية - الاسرائيلية وتضم أفراداً من عدد من الدول الأوروبية بالإضافة الى الولاياتالمتحدةالأمريكية.