أعتقد أن ما قاله المشير السيسى بأن كرسى الرئاسة فى مصر ليس مطمعا وإنما هو كتلة من نار يمثل توصيفا دقيقا للحالة المصرية الراهنة، وليس معنى ذلك أن الحالة المصرية حالة ميئوس منها ولكنها حالة صعبة واستثنائية تحتاج إلى حلول غير تقليدية تستهدف تقليص الإحساس بالظلم الاجتماعى حتى يمكن تبريد وتخفيف الأنشطة الاحتجاجية التى تحد من قدرة الدولة والمجتمع على استعادة العافية لماكينة العمل والإنتاج. الحالة المصرية شأنها شأن أحوال دول كثيرة حولنا أو بعيدة عنا تعانى منذ حقبة السبعينيات فى القرن الماضى أثار وتداعيات القفز الفجائى من بساتين الدولة الكفيلة بكل شيء إلى متاهات ودهاليز الخصخصة التى قيل إنها ستنهى اشتراكية الفقر وتجلب رأسمالية الرخاء فكانت النتيجة مغايرة تماما بازدياد الفجوة بين قلة غنية مترفة وأغلبية فقيرة مطحونة . وفى اعتقادى أن المشير السيسى لديه - مثل غالبية المصريين - حلم الارتقاء بالوطن كمقدمة ضرورية لضمان كرامة المواطن، ومن ثم فإن بعض الذين تحدثوا إليه - ولست واحدا منهم - لمسوا حرصه على تجديد مفهوم دقيق لمعنى ومضمون العدالة وأنه لا يحبذ إطلاق الشعارات الجوفاء وإنما ينتمى لمدرسة التعريفات الدقيقة المحددة للأشياء. وطبقا لشهادات أثق فى القائلين بها فإن السيسى يرى أن العدالة الاجتماعية تعنى إنهاء كل أشكال الفقر المدقع وضرب كل مظاهر الاستقلال والاحتكار السلعى بمفهوم أخلاقى يسبق المفهوم السياسى لدفع عجلة المجتمع باتجاه عدالة شاملة تضمن تكافؤ الفرص وتوزيع عادل للثروة والدخل مرتكزا إلى ارتباط حقيقى بين الأجر والجهد بعد توفير فرص كافية للعمل تحت مظلة شفافة من المساواة وغياب المحسوبية. والطريق إلى ذلك يبدو صعبا ولكنه ليس مستحيلا من وجهة نظر المشير السيسى الذى يرى ضرورة استعادة الدولة دورها فى قيادة قاطرة التنمية وتطبيق نظام حديث للضرائب وتحسين الأداء فى المجالات الخدمية. خير الكلام: فى الحظيرة الواحدة يوجد جواد وإلى جواره جحش !. لمزيد من مقالات مرسى عطا الله