تحقيق:سيد صالح في مزارع الدواجن.. الواقع مزعج! فلدينا عدد كبير من المزارع غير المرخصة, ومزارع أخري تفتقر الي شروط الأمان الحيوي, والوقائي, وثالثة تعاني من التصميم البدائي, والعشوائي, ورابعة تمركزت داخل الكتلة السكنية بسبب زحف العمران, وخامسة لم تسمع من قبل عن الطب البيطري! يقول الدكتور سعد نصار مستشار وزير الزراعة, أن هناك ما يقرب من22 ألف مزرعة في مصر, يبلغ حجم استثماراتها نحو20 مليار جنيه, ويعمل بها نحو5,1 مليون عامل.. والدواجن هي المصدر الثاني للبروتين بعد الأسماك من حيث رخص الأسعار نسبيا, وكانت مصر تنتج منها نحو مليوني دجاجة يوميا, ووصلنا إلي مرحلة الاكتفاء الذاتي, وبدأنا في التصدير إلي أوروبا, والدول العربية, إلي أن جاءت أنفلونزا الطيور في عام2006, فأصابت نسبة كبيرة من المزارع, وانخفض الإنتاج إلي800 ألف دجاجة يوميا, ثم بدأ الإنتاج يعود إلي معدلاته نسبيا, وأصبحنا ننتج الآن1,5 مليون دجاجة يوميا. تجارة الطيور الحية.. محظورة ويضيف نصار:ومن أجل حماية ثروتنا الداجنة, تقرر منع تربية الدواجن, والطيور المنزلية في المدن, واتجهنا لمنع تجارة الطيور الحية بالمحال بموجب القانون رقم790 لسنة2009, ومنذ بداية يوليو2009 بدأنا بمنع هذه التجارة في6 مدن رئيسية هي القاهرة والجيزة, والإسكندرية, وحلوان, والمعادي, و6 أكتوبر والشيخ زايد, واعتبارا من يوليو2010 ولمدة عام سوف نكون منعنا تجارة الطيور الحية من مختلف مدن وعواصم مصر بالكامل. وكان من المنطقي في ظل صدور قانون منع تجارة الطيور الحية, أن نتجه إلي إنشاء مجازر, وثلاجات تكفي لاستيعاب الإنتاج, ولذلك تم تشجيع الاستثمار في هذا المجال. الأمان الحيوي.. والبعد الوقائي ولتنفيذ هذه الإستراتيجية, وجدنا أن هناك مزارع غير مرخصة, وأخري مرخصة لكنها غير مستوفاة لشروط الأمان الحيوي من حيث إتباع إجراءات النظافة السليمة, ووسائل دفن المخلفات, وسلامة الأعلاف,, والبعد الوقائي, بمعني ضرورة ألا تقل المسافة بين المزارع والمنطقة السكنية عن500 متر, وفي سبيل تنظيم الأوضاع, دعونا المزارع غير المرخصة للحصول علي تراخيص, والمرخصة لكي تجدد الترخيص, وفي كل الأحوال نحن لا نمنح ترخيصا جديدا, ولا نجدد التراخيص القائمة إلا للمزارع المستوفاة للشروط. المزارع عزفت عن التطوير! بالطبع, وجدنا أن تطوير مزارع الدواجن القائمة, أو إنشاء أخري جديدة, أو الاستثمار في أي نشاط يرتبط بهذا المجال كإنشاء مجزر, أو ثلاجات حفظ الدواجن, أو بناء مزرعة,يحتاج إلي تمويل, فبحثنا عن مصادر للتمويل,و تمكنا من الحصول علي قرض ميسر من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية بقيمة500 مليون جنيه بدءا من عام2008, وحتي عام2010 بفائدة بسيطة قدرها5,6%, والقرض قابل للتجديد, وشكلنا مجلس أوصياء للقرض, ويمكن لمن يرغب في الحصول عليه التقدم إلي الصندوق الاجتماعي مباشرة, أوبنك التنمية والائتمان الزراعي, وبنك مصر, وقد تم اقراض نصف المبلغ فقط, وهناك250 مليون جنيه متاحة كقروض لتطوير الاستثمار الداجني, لا تجد من يستفيد منها.. وربما يرجع ذلك إلي عدم دراية أصحاب المزارع بهذا القرض, أو لخوفهم من ضخ استثمارات جديدة بسبب إنفلونزا الطيور. صندوق تعويض المضارين و منذ8 أشهر- والكلام ما زال لمستشار وزير الزراعة-أسسنا صندوقا لتعويض المضارين من إعدام الدواجن المصابة بأنفلونزا الطيور, حيث يجري تعويض أصحاب المزارع بنسبة تصل إلي80% من التكلفة, بشرط الإبلاغ عن الإصابات فور حدوثها, وبعد تطهير المزرعة من الإصابات بشهر واحد, نسمح لصاحبها ببدء الإنتاج, تقدم إلينا أصحاب3 مزارع فقط, حتي ننتظر قيام أصحاب المزارع بالإبلاغ عن الإصابات, شكلنا لجانا من الهيئة العامة للخدمات البيطرية, والمعمل القومي للرقابة علي الإنتاج الداجني, ولان أعضاءها يحملون صفة الضبطية القضائية, ولهم حق التفتيش علي المزارع, واتخاذ قرار بإعدام الطيور عند اكتشاف إصابتها, ففي هذه الحالة لا يحصل صاحب المزرعة علي التعويض, لأنه لم يبادر بإبلاغ الجهات المعنية بوجود إصابات في مزرعته. نقل المزارع إلي الصحراء ويضيف: ولا شك أنه إذا لم يتم نقل المزارع خارج الكتلة السكنية, وتغيير نشاط المحال من بيع الطيور الحية إلي مجمدة أو مبردة, فإن مخاطر أنفلونزا الطيور سوف تظل قائمة, والخطر هنا يهدد الجميع: الطيور والبشر علي حد سواء, وإذا لم يتم تطوير مزارع الدواجن, باتباع الأساليب السليمة في التربية, والتغذية, والعلاج, والرقابة البيطرية, والتهوية السليمة, بالاضافة إلي التوسع في إنشاء المجازر, وبناء منظومة للنقل المبرد, فسوف تبقي الثروة الداجنة في مواجهة التحديات!! الثروة الداجنة في خطر الدكتور مصطفي بسطامي عميد طب بيطري القاهرة, يؤكد أن مصر لن تكون منتجة للحوم الحية بالشكل الكافي, لانخفاض نسبة المراعي الخضراء, وفي ظل ارتفاع تكلفة العلف, وانتشار الأوبئة في اللحوم الحمراء, يبقي الأمل معقودا علي صناعة الدواجن التي تعد مصدر البروتين الحيواني الرئيسي للمستهلك المصري, وكنا قد وصلنا إلي مرحلة الاكتفاء الذاتي, وبدأنا في التصدير للخارج, ثم تدهورت الأحوال, وبدأنا في استيراد الدجاج المبرد, والمجمد, ولا نعلم كيف ذبحت؟, ونتيجة نقص الإنتاج من الدواجن, ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء بشكل كبير, حتي وصل سعر الكيلو في بعض المناطق إلي60 جنيها, أي نسبة30% تقريبا, والآن تتقلص الثروة الحيوانية, وعدد المواطنين في تزايد مستمر, وإذا لم ننتبه, ونضع الخطط اللازمة للنهوض بهذه الثروة سوف يصل سعر كيلو اللحوم الحمراء إلي150 جنيها خلال عامين, كذلك فسوف يرتفع سعر كيلو الدجاج إلي20 جنيها. نستهلك مليوني دجاجة يوميا ويؤكد ان مصر تحتاج كل طلعة شمس إلي مليوني دجاجة يوميا أي60 مليونا دجاجة في الشهر.. وقبل عام2006, أي قبل ظهور الإصابة بأنفلونزا الطيور كنا ننتج80 مليون دجاجة شهريا, نستهلك60 مليونا منها, والباقي نصدره, الآن تراجع الإنتاج إلي نحو36 مليونا فقط, ونلجأ إلي نسد الفجوة بين الإنتاج, والاستهلاك بالاستيراد من الخارج, وبشكل عام, تظل صناعة الدواجن في مصر بحاجة إلي مزيد من الاهتمام. التطوير يبدأ من هنا في المقابل, يري الدكتور عبد الرحمن عطا أستاذ فسيولوجيا الدواجن في كلية الزراعة جامعة القاهرة, أن التطوير يتم في المزارع الكبيرة فقط, أما المزارع الصغيرة, فلابد أن تقوم بتغيير نظام التهوية في عنابر التربية, وتكييفها, حتي لا تتعرض الدواجن للنفوق بفعل ارتفاع درجات الحرارة, كذلك من الضروري استخدام معالف, ومساقي أوتوماتيكية, لكن من الملاحظ أن بعض أصحاب المزارع يقومون بتأجيرها, والمستأجر لا يعنيه الإنفاق علي التطوير, والاستثمار فيه, بل يهمه البحث عن الربح السريع. عشوائيات صناعة الدواجن ومظاهر العشوائية في مزارع الدواجن كثيرة, فمعظمها يتركز في مناطق معينة, والمزارع قريبة من بعضها, مما أوجد فرصة كبيرة لانتشار الأوبئة, والأمراض بسرعة فيما بينها, وإذا ظهرت إصابة في مزرعة, انتقلت العدوي إلي المزارع المجاورة, وقد حدث ذلك في منطقة الدلتا, كما أن بناء المزارع, وتصميم العنابر يتم بشكل بدائي, دون مراعاة للشروط المطلوبة في التهوية, والارتفاعات, والتغذية, والتربية, والنظافة.