جزء من مشكلة البحرين يعود بالفعل إلي أن الإيرانيين يعتقدون أن السيطرة علي البحرين تمكنهم من السيطرة علي معظم دول الخليج, وتعطيهم ورقة تفاوض قوية تعزز موقف إيران في الأزمة الراهنة مع الغرب حول الملف النووي الإيراني. لكن ما من شك أن نسبة غير قليلة من الشيعة البحرانيين تسعي لإقامة دولة جعفرية إستنادا إلي اعتقادهم بأنهم يشكلون الأغلبية العددية, ولعل ذلك هو الجزء الأهم من المشكلة لأنه يقسم وحدة البلاد ويقدم مصالح الطائفة علي مصالح الأمة ويورث الفرقة والبغضاء بين عنصري المجتمع. وطبقا لأخر إحصائيات رسمية تمت في عهد الاحتلال البريطاني فإن نسبة السكان السنة تشكل 55 في المائة, علي حين يشكل الشيعة 45 في المائة في إحصاء عام 52, وفي إحصاء 57 تغيرت الأمور ليشكل الشيعة نسبة تقرب من 54 في المائة.., والواضح من حواري مع وزير الداخلية البحريني أن المعادلة السكانية في البحرين قابلة للتغيير إذا ضم التعداد الرسمي أعداد المقيمين السنة سواء من العرب أو الباكستانيين بما يجعل التفوق العددي للسنة حاسما, لكن إجراء إحصاء رسمي علي أساس طائفي, كما يراه وزير الداخلية, أمر غير لائق وربما يزيد المشكلة تعقيدا. وبرغم هبوط حدة الأزمة بعد صدور تقرير لجنة تقصي الحقائق الدولية الذي أكد أن ما حدث في البحرين هو مجرد تمرد طائفي وليس ثورة, وأثبت أن الدولة البحرينية كانت ولا تزال جادة في مصالحة وطنية صادقة, وإن فريق المعارضة المتمثل في جماعة الوفاق الشيعية هو الذي أغلق الباب رغم إلحاح ولي العهد البحريني علي ضرورة الحوار حفاظا علي وحدة البلاد, والواضح أن تقرير اللجنة الدولية وضع المعارضة الشيعية في مأزق صعب خاصة أن الملك قبل بإجراء عدد من التعديلات الدستورية تعزز سلطة مجلس الشعب المنتخب في استجواب الوزراء وتمنحه حق سحب الثقة من الحكومة وتجعله المنوط وحده بإصدار التشريعات المطلوبة, كما قبل الملك معظم توصيات التقرير التي تنص علي إصلاح الشرطة ووقف محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية وإلغاء قوانين أمن الدولة, وقصر عمل أجهزتها علي جمع المعلومات وعدم تخويلها حق القبض علي أي من المواطنين.., ويعتزم الملك دعوة لجنة تقصي الحقائق إلي المجئ إلي البحرين مرة ثانية لتقييم تنفيذ الدولة للتوصيات التي حددتها اللجنة المتعلقة بإصلاح السلطتين التشريعية والتنفيذية وتحقيق استقلال القضاء, الأمر الذي وضع المعارضة الشيعية في حرج بالغ وجردها من مساندة غالبية الشعب البحريني. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد