تكتسب مباحثات وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله التي يجريها اليوم في مصرأهميتها من التوقيت الدقيق التي تجئ فيه, فمن ناحية تسبب تفتيش السلطات المصرية لمكتب مؤسسة كونراد اديناور الألمانية في القاهرة، في الشهر الماضي في توتر العلاقات بين البلدين واستدعاء السفير المصري في برلين, لذا فمن المتوقع أن يتصدر هذا الملف مباحثات فسترفيله التي سيجريها وفقا للجانب الألماني مع كل من المشير طنطاوي ورئيس الحكومة كمال الجنزوري ووزير الخارجية محمد كامل عمرو. من ناحية أخري انتهت في مصر مرحلة رئيسية من مراحل التحول الديمقراطي بانتخاب البرلمان الجديد الذي أحكمت قوي الإسلام السياسي السيطرة عليه, الامر الذي يتطلب التحاور معها لمعرفة رؤيتها لمستقبل مصر وعلاقاتها الإقليمية والدولية. ووفقا للمتحدث باسم وزارة الخارجية الالمانية فإن فسترفيله يريد أن يطلع علي الأوضاع في مصر بعد عام علي الثورة وتأكيد ضرورة استمرار عملية الإصلاح الديمقراطي والإسراع بتسليم السلطة لسلطة مدنية, كما انه سيلتقي إلي جانب ممثلي الأحزاب السياسية في البرلمان الجديد ممثلين عن الأقباط نظرا لاهتمام المانيا الكبير بوضع الأقباط في مصر. وقبل توجهه إلي مصر ضمن جولة شرق اوسطية أدلي وزير الخارجية الألماني بتصريحات كشف فيها عن موقف المانيا من القوتين الرئيستين في مصرالآن, فباتجاه المجلس الأعلي للقوات المسلحة أثني فيسترفيله علي الانتخابات وتشكيل البرلمان المصري الذي يعد العلامة الأكثر وضوحا بأن عهدا جديدا قد بدأ ولكنه قال إن الديمقراطية في مصر لم تنتصر بعد ولا بد من انتقال سريع وكامل للسلطة إلي اياد شرعية وديمقراطية ولابد أن تبقي الديمقراطية هي خارطة الطريق وهو ما ينطبق علي الانتخابات الرئاسية المقبلة في مصر. وباتجاه القوي الإسلامية قال وزير الخارجية إننا نتوقع الشيء ذاته من الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية فلابد أن تلتزم القوي السياسية الجديدة بالديمقراطية والتعددية التزاما واضحا مؤكدا ان بلاده ستدخل في حوار مكثف مع جميع الأطراف السياسية الفاعلة في مصر. وعلي صعيد الدعم المالي والاقتصادي جاءت كلمات وزير الخارجية الألمانية صريحة وواضحة بأن هذا الدعم سيرتبط في المستقبل بمدي التقدم الذي تحققه مصر وغيرها من دول الربيع العربي علي مسار التقدم الديمقراطي ودعم المجتمع المدني دون الإشارة إلي اي مبادرات جديدة لدعم الاقتصاد المصري في هذه المرحلة الحرجة. وبات واضحا أن برلين ترغب في استخدام المساعدات التنموية والاقتصادية للضغط من اجل ضمان الحريات وحماية الأقليات وعدم التضييق علي منظمات المجتمع المدني وفي مقدمتها المؤسسات الألمانية العاملة في مصر. وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلي أن وزير التعاون التنموي الالماني ديرك نيبل الذي يقوم هذه الايام ايضا بزيارة ذات الدول التي يزورها فسترفيله وهي: عمان والأردن والمناطق الفلسطينية لن يزور مصر ولكن يزور بدلا منها كينيا, وقد يكون هذا مؤشرا علي عدم وجود جديد علي صعيد التعاون التنموي بين البلدين او علي صعيد مبادرة مبادلة ديون مصرية لدي المانيا قيمتها240 مليون يورو وعدت بها المستشارة ميركل مع بداية الثورة المصرية. وفي تصريحات للأهرام قبل زيارة فسترفيله أكد السفير رمزي عز الدين رمزي سفير مصر في المانيا أنه متفائل بالنسبة لعلاقات البلدين, وشدد علي أن المانيا من اولي الدول التي أعلنت دعمها للثورة المصرية كما قال إنه خلال استقبال المستشارة الالمانية للسلك الدبلوماسي في برلين منذ بضعة ايام تحدثت عن مصر وثورتها وقالت ان المانيا مهتمة اهتماما شديدا بما يحدث هناك وإنها تقف كتفا إلي كتف مع مصر حتي تصل لبر الامان فهي دولة مهمة ومحورية للغاية في منطقة الشرق الأوسط. واوضح السفير المصري أن زيارات الوفود الرسمية والبرلمانية الألمانية لم تنقطع لمصر ومستمرة بشكل مكثف, وحول الموقف الألماني مما يحدث في مصر, اوضح السفير أنه كان هناك قلق المانيا قبل الانتخابات البرلمانية ولكن الآن بعد فوز القوي الإسلامية اصبح هناك توجها براجماتيا المانيا ورغبة في التعاون مع القوي الجديدة, مشيرا إلي أن المحك والمعيار الرئيسي في التعامل مع اي سلطة سياسية في مصر في المستقبل بالنسبة للحكومة الألمانية سيكون مدي التزامها بمبدأ تداول السلطة وقدرتها علي الوفاء بمتطلبات الشعب المصري وتأكيدها ثوابت السياسة الخارجية المصرية كعنصر استقرار في المنطقة. اما فيما يتعلق بأزمة تفتيش فرع مؤسسة كونراد اديناور في القاهرة فأوضح السفير المصري أن هناك رغبة من الجانبين في وضع المشكلة في حجمها الطبيعي وإيجاد مخرج لها في إطار ما يسمح به القانون المصري. اما بالنسبة للوضع الاقتصادي في مصر, فالحكومة الألمانية تتابعه بقلق نظرا لارتباط اي تقدم علي المسار السياسي في مصر بالتقدم علي المسار الاقتصادي ولكن الألمان بقدر رغبتهم في دعم الاقتصاد المصري فهم في النهاية يساعدونك بقدر ما تساعد نفسك وينتظر كثيرون هنا استقرار الأوضاع, ورغم ذلك اوضح السفير أن الصادرات المصرية لألمانيا زادت خلال العام الماضي بنسبة كبيرة وهناك مشاركة مصرية كبيرة في معرض الخضر والفاكهة في برلين في الإسبوع المقبل كما أن مصر ستكون الدولة الرئيسية في بورصة برلين للسياحة هذا العام واوضح أن زيارة فسترفيله لمصر لها بعد إقليمي, حيث يناقش في القاهرة الجهود المبذولة لاستئناف مباحثات السلام والأوضاع في سوريا والسودان والعراق.