لسنغافورة تجربة تنموية متميزة للغاية أوصلتها لأن تكون رائدة فى العالم فى مجالات عديدة، حتى أصبحت دولة متقدمة تكنولوجيا، وصناعيا وتعليميا،بالإضافة إلى كونها أحد أكبر معابر التجارة العالمية، وواحدة من أهم المراكز الاقتصادية والمالية على مستوى العالم ومنذ تولى السفير ساداسيفان بريمجيت مهام منصبه بسفارة سنغافورة بالقاهرة مؤخرا قام بالعديد من الأنشطة والزيارات لعدد من المسئولين،كما تم الاتفاق على عدة برامج تدريبية لجهات و هيئات حكومية مصرية وهو ما استوجب استيضاح معالم وآفاق التعاون المشترك بين البلدين، ومحاولة معرفة وجهة نظر تلك الدولة فى الاقتصاد والأحداث فى مصر فكان هذا الحوار . متى بدأ عملكم بمصر وما هو انطباعك عنها حتى الآن ؟ وصلت الى مصر منذ حوالى سبعة أشهر بعد التغيير الذى حدث فى مصر منتصف يوليو الماضى وقدمت أوراق اعتمادى رسميا للرئيس عدلى منصور فى أواخر أكتوبر 2013، ومن حسن حظى اننى تواجدت خلال تلك الفترة التى تحفل بتغييرات سياسية سريعة لكى أتفهم جيدا الأحوال فى مصر التى لدينا معها علاقات عميقة وواسعة، وقبل تكليفى بالعمل فى مصر رسميا زرتها مرتين المرة الأولى كانت قصيرة ليوم واحد فقط، و الثانية كانت زيارة دراسية على رأس وفد دبلوماسى من وزارة الخارجية فى سنغافورة للتعرف على الشرق الأوسط عام 2005 ، ولأن مصر هى حجر الزاوية، ونافذة تلك المنطقة بالكامل أرسلتنا وزارة خارجيتنا للقاهرة لفهم كل ما يتعلق بالشرق الأوسط. وخلال الشهور الستة الأولى من عملى سافرت الى العين السخنة و توشكى وأسوان،و ابوسمبل. وكل شهرين سوف ازور منطقة مختلفة فى مصر للتعلم، ودراسة، واكتشاف وفهم الثقافة المصرية خلال سنوات اقامتى وعملى بمصر. ماهى مجالات التعاون الحالية بين مصر وسنغافورة ؟ خلال السنوات ال 10- 15 الماضية وقعنا اتفاقية إطارية للعمل و الاستثمار فى مصر، ففى عام 1997 وقعنا اتفاقية لضمان الاستثمار بين الطرفين ومنذ ذلك الحين لدينا العديد من الاتفاقيات للتعاون المشترك فى مجالات عديدة فى الأمور الاقتصادية والسياسية،والاجتماعية،والثقافية، والعسكرية، ومنذ ذلك العام نما التعاون المشترك بين بلدينا. وفى سنغافورة هناك "برنامج سنغافورة للتعاون" تأسس عام 1995 للتعاون التنموى مع الدول النامية ومن خلاله يسافر آلاف من المسئولين الحكوميين المصريين إلى بلادنا للتدريب القصير، ومحدد الهدف فى مجالات حكومية محددة، وهو احد الركائز الأساسية فى التعاون بين بلدينا.وهناك مجال آخر فى التعاون المشترك حيث تقوم مصر بتدريب و تعليم آلاف من الطلبة السنغافوريين فى جامعة الأزهر حيث ان مصر مذهبها الاسلامى شافعى مثل مسلمى سنغافورة ،ومصر هى أساس العلم الدينى لنحو 250-300 طالب من سنغافورة فى الأزهر سنويا، كما ان رجال الإفتاء فى سنغافورة تخرجوا من الأزهر الشريف و تقوم دار الإفتاء المصرية بتدريب رجال و علماء الدين عندنا فمصر بالنسبة إلينا هى البطل والنموذج لتعليم الإسلام الحديث المتسامح الذى يعكس التنوع فى مصر وهو شيء يثير إعجاب المواطنين المسلمين فى بلدنا ، ومؤخرا دعت جامعة الأزهر، ووزارة الأوقاف المصرية 50 طالبا من سنغافورة للمشاركة فى معسكرات طلابية تنظمها فى مصر. ولدينا أيضا استثمارات فى مجال الشحن و العمليات البحرية. كما أن لدينا حضورا فى مجال الاستثمار الزراعى فى مصر، واظن انه سيكون هناك حضور اكبر لشركات سنغافورية فى هذا المجال لاننا متفائلون جدا بالعمل فى المجال الزراعى فى مصر على المدى القصير و المتوسط . ما هو تقييمكم للسوق المصرية فى تلك الفترة ورؤيتكم لمستقبل اقتصادها ؟ أنا متفائل على المدى المتوسط و الطويل فى مصر بسبب الديموجرافيا فأكثر من 65 ٪ من شعب مصر اقل من 25 عاما ، وهو أمر مهم جدا فى مجالى التصنيع، أو الخدمات ،وإذا ما توافرت بعض الاشتراطات و الإجراءات يمكن لمصر أن تصبح وجهة استثمارية جاذبة فمصر تمثل ما بين 28-30 ٪ من إجمال حجم الشرق الأوسط و أى شخص يريد الاستثمار فى المنطقة لابد أن يؤسس أعمالا فى مصر، وحاليا معظم المستثمرين الأجانب الذين اعرفهم متفائلون بمصر لكنهم يبحثون عما ستتخذه الحكومة المصرية من قرارات فى مجال التشريعات و الإجراءات المتعلقة بالاستثمار و هل ستكون جاذبة ومواتية لخلق البيئة الصالحة للاستثمار. ووفقا للمعطيات الحالية يمكن لمصر أن تحقق معدل نمو 7-8٪ ، وبينما توجد مصر اليوم فى المرتبة ال 38 بين اقتصاديات العالم بعائد يصل الى 250 مليار دولار، يمكنها بسهولة ان تحقق عوائد لا تقل عن 800 مليار دولار ، ويمكنها أن تصبح بسهولة واحدة من اكبر 20 اقتصادا فى العالم فالفرص فيها هائلة، لكن لا يزال هناك ما يجب عمله فى مجال المميزات والحوافز للمستثمرين، وتحسين بيئة الاستثمار، و نظام ضرائب جيد، وضمانات لحماية الاستثمار، و هيئات قادرة على حل المشاكل بعدالة وشفافية، إضافة إلى الأمن والاستقرار السياسى. نصيحة ورسالة تقدير لمصر من خبرة بلدنا التنموية تعلمنا الكثير من العالم كله لكننا صنعنا سنغافورة التى نريدها، فلا بأس أن تتعلموا أنتم أيضا من جميع التجارب ولكن اصنعوا رؤيتكم للتقدم وتمسكوا بها، واجعلوها واضحة أمام العالم حتى يسهل أن يشارككم فيها من يريد المشاركة. وعلاقات مصر و سنغافورة متميزة جدا لأن مصر من أوائل الدول التى اعترفت باستقلالنا عام 1965 ولذلك ستظل لمصر دائما مكانة خاصة فى قلوب شعب سنغافورة، ونحن لدينا رؤية والتزام طويلى المدى تجاه مصر،و سنقوم بكل ما يمكننا تقديمه لها كى تعبر تلك المرحلة الانتقالية، والتحول إلى اقتصاد أقوى و أكثر مرونة،، وبالمناسبة الخطوط الجوية االسنغافورية هى الوحيدة آسيويا التى تسير رحلات منتظمة إلى مصر منذ عام 1984 على الرغم من تراجع معدلات السياحة والسفر الى مصر حاليا، وسنغافورة من خلال سفارتها، وشركة طيرانها، وكل شركاتها، وبرنامجها للتعاون ملتزمة بدعم مصر، ومع بعض الإجراءات التى يمكن ان تقوم بها مصر سيكون هناك المزيد من الاستثمارات السنغافورية.