سعر الذهب اليوم السبت 4-5-2024 في مصر.. الآن عيار 21 بالمصنعية بعد الارتفاع الأخير    أخبار مصر: خبر سار للاقتصاد المصري، فرمان بنهاية شيكابالا في الزمالك، شيرين تثير الجدل بالكويت، أمريكا تطالب قطر بطرد حماس    بعد إعلان موعد فتح باب التقديم.. اعرف هتدفع كام للتصالح في مخالفات البناء    وانتصرت إرادة الطلبة، جامعات أمريكية تخضع لمطالب المحتجين الداعمين لفلسطين    حسين هريدي: نتنياهو ينتظر للانتخابات الأمريكية ويراهن على عودة ترامب    حزب الله يستهدف جنود الاحتلال الاسرائيلي داخل موقع بيّاض بليدا    روسيا ترد على اتهامات أمريكا بشأن تورط موسكو في هجمات إلكترونية ضد دول أوروبية    صلاح سليمان يعلن رحيله عن قناة النهار بسبب هجوم إبراهيم سعيد على شيكابالا    مفاجآت بالجملة في تشكيل الأهلي المتوقع أمام الجونة    حالة الطقس المتوقعة غدًا الأحد 5 مايو 2024 | إنفوجراف    نشرة المرأة والصحة : نصائح لتلوين البيض في شم النسيم بأمان.. هدى الإتربي تثير الجدل بسعر إطلالتها في شوارع بيروت    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام وولفرهامبتون    30 دقيقة تأخير في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية» السبت 4 مايو 2024    اكتشاف جثة لطفل في مسكن مستأجر بشبرا الخيمة: تفاصيل القضية المروعة    إصابة 15 شخصًا في حادث سيارة ربع نقل بالمنيا    المالية: الانتهاء من إعداد وثيقة السياسات الضريبية المقترحة لمصر    بعدما راسل "ناسا"، جزائري يهدي عروسه نجمة في السماء يثير ضجة كبيرة (فيديو)    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم السبت 4 مايو    حدث ليلا.. خسارة إسرائيل وهدنة مرتقبة بغزة والعالم يندفع نحو «حرب عالمية ثالثة»    بكام الفراخ البيضاء اليوم؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية السبت 4 مايو 2024    الداخلية توجه رسالة للأجانب المقيمين في مصر.. ما هي؟    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    وفاة الإذاعي الكبير أحمد أبو السعود.. شارك في حرب أكتوبر    إغماء ريم أحمد فى عزاء والدتها بمسجد الحامدية الشاذلية    دراسة جديدة تحذر من تربية القطط.. تؤثر على الصحة العقلية    رسالة من مشرعين ديمقراطيين لبايدن: أدلة على انتهاك إسرائيل للقانون الأمريكي    إسماعيل يوسف: «كولر يستفز كهربا علشان يعمل مشكلة»    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال أعياد القيامة وشم النسيم    المحكمة الجنائية الدولية تحذّر من تهديدات انتقامية ضدها    مالكة عقار واقعة «طفل شبرا الخيمة»: «المتهم استأجر الشقة لمدة عامين» (مستند)    مصطفى بكري عن اتحاد القبائل العربية: سيؤسس وفق قانون الجمعيات الأهلية    37 قتيلا و74 مفقودا على الأقل جراء الفيضانات في جنوب البرازيل    ارتفاع جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 4 مايو 2024 في المصانع والأسواق    رشيد مشهراوي ل منى الشاذلي: جئت للإنسان الصح في البلد الصح    معرض أبو ظبي للكتاب.. جناح مصر يعرض مسيرة إبداع يوسف القعيد    جوميز يكتب نهاية شيكابالا رسميا، وإبراهيم سعيد: بداية الإصلاح والزمالك أفضل بدونه    حسام موافي يوضح خطورة الإمساك وأسبابه.. وطريقة علاجه دون أدوية    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    مصرع شاب في حادث اليم بطريق الربع دائري بالفيوم    برش خرطوش..إصابة 4 من أبناء العمومة بمشاجرة بسوهاج    هييجي امتي بقى.. موعد إجازة عيد شم النسيم 2024    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    عرض غريب يظهر لأول مرة.. عامل أمريكي يصاب بفيروس أنفلونزا الطيور من بقرة    سلوي طالبة فنون جميلة ببني سويف : أتمني تزيين شوارع وميادين بلدنا    250 مليون دولار .. انشاء أول مصنع لكمبوريسر التكييف في بني سويف    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    أول تعليق من الخطيب على تتويج الأهلي بكأس السلة للسيدات    برلماني: تدشين اتحاد القبائل رسالة للجميع بإصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    توفيق عكاشة: الجلاد وعيسى أصدقائي.. وهذا رأيي في أحمد موسى    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    «البيطريين» تُطلق قناة جديدة لاطلاع أعضاء النقابة على كافة المستجدات    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن البهجة وأحوال الوطن
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 04 - 2014

ديوان صغير من الشعر ، في حجم كف اليد، أو يزيد قليلاً، أبدعه شاعر شاب ، يحمل في قلبه قدراً طيباً من الألفة تجاه عالمه ، الذي آثر أن ينشده على هذا النحو ، وآثر أن تغامر قصائده أحيانا، عابرة ذلك الفضاء،متأملا اياه ، ومحتشدا دوما بالظلال ، وحالات الغياب والرحيل ، وحصاد العزلة ، عند الضواحي البعيدة ، المتاخمة للصحراء، وحضور مقاطع من شمس محملة بحنين مؤجل ، في العادة لا يتحقق في أسر زمن يقضي فيه الغرقي مساءاتهم بعيدا عن النهر.
ثماني قصائد نثرية ، تتقاطع ، وتتجاور ، محاولة الخروج من أسر القصيدة القديمة ، تؤسس حداثتها من خلال المعني في الرؤية ، وبناء شكلها، تفسح الضوء في الظلام ، وتفتح نافذة مشرعة على لحظة كاشفة ، تحاول الانفلات من ثبات قديم ، كاتبة نصها الخاص.
عنون الشاعر الشاب ديوانه «بائع البهجة» .
العنوان مفتتح لقصائد تمد أناملها ، وتتراسل مع هؤلاء الذين نشعر بهم في أحلامنا ، وهم في كل أحوالهم رفقة للمكان، وزمنهم معنا زمن وطن يعيش خياراته المستحيلة !!
قتلة\ وماء عكر\خالطه الدم
هكذا بدت\المدن التى أحببنا\ ولفظتنا\ ذات مساء
عراة\ننشد أوطانا أخرى
عالم من فرط صدقه ، ينبع من هناك ، من الألفة ، فيما يتلمس «عبدالحكيم صالح» ذلك العالم الذي يتسم بعزلة الكائن ، وتلك المساحة من الظلال ، والحيرة في القصائد ، كأنها الوجل الخفى لشيء مفتقد ، تفرض وجودها فى رؤى الشعر الذي يتبدى أحيانا في بعض القصائد ، محايدا ، وباحثا عن معنى.
تسعى القصائد للقبض على كونها الصغير ، ذلك الكون الذى نراه يلوح أمامنا ليتشكل من هؤلاء البشر.
أحب الشعر ذا الدلالة الغامضة . الذي نراه هناك مثل ضوء شاحب لكنك لا تستطيع أن تدرك ما الذى يسعي إليه.
أتذكر أننى قرأت يوما بيتا من الشعر لكورتثار ... نسيت نفسي ، ولم يبق إلا رجع الكلمات بصداها الداخلي مثل رجع الجرس .
كان البيت : أين يذهب الضباب وبقايا القهوة وتقاويم الزمن الماضي؟
في ديوان «بائع البهجة» لحظات مثل تلك.
في قصيدة «الإنجيلية» يجسد الشاعر عالماً مختلطاً ، يتجاوز مراراتنا المحدقة ، بالمكان والوقت والبشر, باحثين عن سؤال ، وحشد من الألم : عن الذين غابوا، ومضوا ، لا نعرف هل سيعودون ؟! وعن نساء مهجورات، فيما يلوح منطفئا حلم الإنجيلية التي جاءت تتأبط ذراع المسيح ، ومقاطع من شمس تلك النسوة الجالسات على العتبات ، اللاتي يحببن حكي الحكايات ، وأيضا عن الأطفال الذين يحبون الله ، في انتظار أن يشرق وجهه بالنور ، وهم يتأملون ملامح آبائهم في شرفات البيوت ، ذات الظلال المهتزة ، هؤلاء الآباء الموغلين في العمر:
الانجيلية\ التي ألقت بشباكها\ علي الكلمات
وانتظرت\ الخبز والنبيذ\الإنجيلية
التي غادرتها السنون\ واحدة فواحدة
باغتتني هذا المساء\ فرحة
وقد تأبطت ذراع المسيح
يتمرد الشاعر في أكثر قصائده علي ما يراه ، ويمضي وحيدا ، فيما لا يقدر الشيطان أن يقول لا ، حتى ولا يملك رفاهية الرفض .
ثمة حرية بلا دليل ، وسماء غير واقية ، تبدو علي البعد مثل قدر هابط ، وبين امتداد البصر وسقوط السماء من علوها البهيج ، يصنع الشاعر قصائده :
السماء\ التي رتقتها بيديه\ تساقطنا عنها
واحدا تلو آخر\ وغلقت
ينتقل الشاعر بخبرة الملاحظة بين عوالم شعره ، ولأن الحيرة اول الحصاد ، واللقية التي لاقته في البدء ، فكان القلق والرحيل والجروح ذات الحواف الخشبية والغوايات حيث نشدان الخلود ، والطوفان بين ورد النهر والجثث التي تبدو علي البعد عبر الضفة المقابلة ، وحكم القدر الذي كان قاسياً ، والمساء الأخير لمدينة تغرق في ظلامها .
ثمة قتيل أسفل الطاولة تقام فوق رأسه المآدب والاحتفالات فيما يجتاح الحفل صرخة ، تسود وجه الليلة ، ممزقة التواطؤ بين الدم والجلاد في اللحظة التي كانوا ينصبون المشانق علي شرفات القصر ويبتهجون!!
يختتم «عبدالحكيم صالح» ديوانه بقصيدة «بائع البهجة» ، ململما فيها أحوال الوطن في سنينه الأخيرة وينبع الشعر مما يجري في المكان ، ويمتطي الشاعر جواد الثورة جامحاً ، فيشاهد عبر رمحه في الأنحاء وتأمله مجريات الأمور ، أن القصيدة آخر أمرها «تشبه الجرح الذي لا ينسي» وينبع الشعر من الذاكرة أحيانا ، ومن الواقع الذي عشناه يوما ومضي ، والتقينا فيه بذلك الريفي الذي يسكن الميدان ، وهؤلاء الذين داسوا الجثث الرطبة ، والوجوه التي غادرت حيث السماء البعيدة ، والأصدقاء الفقراء الذين خلت منهم المقاهي ، وكانوا حالمين ، إلا أنهم بسبب تغير الأحوال ثانية أضحوا قطاعا للطرق ، يقفون علي الجسر ، يستوقفون المارة والعربات ، في الشوارع المثقلة بالغاز ، وأحذية الجند ، والرصاصات ، وفي الأخير ينشد الشاعر الشاب الجميل :
كعادته\ وفي مكانه الأليف\ كان الطفل النحيل\ بائع البهجة ممدداً
وفي الجوار كنا نتراص\ منتظرين ان ينضج الحبات\ حبات البطاطا
وحده\ ذلك الطفل\ ذلك النحيل\ كان يعلم
أننا لن ننالها أبدا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.