صباح اليوم التالي لأول عملية خلف خطوط العدو في سيناء شاركت فيها بعد قبول طلب تطوعي بالصفة المدنية بقوات الكوماندوز, توجهت للقاء القائد إبراهيم الرفاعي بمكتبه ومقر قيادته بحلمية الزيتون, وفوجئت به وهو يمد يده بورقتين وقال والابتسامة تغمر وجهه وتطل من عينيه, هذا تقرير صحفي عن العملية ربما يفتح الباب أمامي لأعمل تحت رئاستك بجريدة الأهرام مثلما تعمل أنت الآن تحت قيادتي هنا, وواصل قائلا: لا تخش من منافستي لك, ولا من تطلعي لكي أحل محلك: ..... نص الرسالة عبده باشا.. الهدف مطار الطور حيث قام العدو باطالة ممراته وتجهيزه للهبوط الليلي واستخدامه في عملياته الخاصة ضد قواتنا في الصعيد ومنطقة البحر الأحمر وحيث يقوم بحراسته جيدا بعد ضربه في المرة السابقة بواسطة رجال المجموعة39 قتال.. اتري هل توجد دوريات بحرية للعدو هذه المرة.. وهل هناك كمائن تنتظر الرجال.. إنها مجازفة ومخاطرة كبيرة.. أن ينزل الرجال في نفس المكان السابق تماما... ولكنها المفاجأة.. التي يعتمد عليها الرجال دائما.. وأولا وآخرا وعلي مساعدة الله لهم.. فهو الوحيد المساعد لهم في كل عملياتهم السابقة واللاحقة. المكان نقطة البداية علي ساحل البحر الأحمر.. والكل منهمك.. البعض في تركيب القوارب والبعض في تجهيز قذائف الصواريخ التي تطلق الجحيم علي العدو من حيث لا يدري.. والأب الروحي للمجموعة والأخ الحبيب لهم مصطفي يبتسم ابتسامته العريضة وهو يري الكل منهمك;.. فبعد ساعة سيقف وحده ينادي عليهم ويطمئن عليهم ويحاول أن يخفي قلقه دون فائدة فهو جزء منهم وهم جزء منه وذلك شيء لا يعرفه إلا المحاربون وهم قلة جدا في وقت يجب أن يكون فيه الكثيرون. الوحيد الذي كنت أراقبه بعناية عبده أو كما أسميه عبده باشا لأنه يستحق التقدير ولا أستطيع أن أكافئه سوي بأن أشركه معي في عمليات مجموعتي وذلك اعتبره أقصي درجات المكافأة لأنه لايعبر الخليج أو القناة لملاقاة العدو سوي الرجال أما من أخذوا الفرصة ولم يعبروا فهم أشباه الرجال ولا رجال. إن عبده يبدأ في لبس البدلة وهي أول مرة يلبسها.. ويلبسها بعناية وكأنه ذاهب لمشاهدة عرض أزياء أو حفلة كوكتيل.. وأحاول أن أساعده وأقول له أيه رأيك هل هترجع في كلامك ويجيب بسرعة لأ وأعود فأقول له ربما تخاف فيقول جاي فهي أول مرة لكنني معكم ويقحمني برده وتعجبني شجاعته.. فكل إنسان يخاف ولكن الرجال يتغلبون علي الخوف بل وينسونه تماما ساعة القتال. الشمس غربت تقريبا.. وزميل لي يعطي التلقين.. واتفرغ أنا لتلقين عبده فأقول له اتبعني حيثما كنت وسوف أتولي الدفاع عنك بنفسي ويفحمني عبده مرة أخري.. لا تشغل نفسك بي وخليك مع الرجال. بدأ نزول القوارب والسير لمدة30 دقيقة ثم نصف طلعة وأصدر أوامر بالوقوف وأخذ تمامات ويبدو أن أحد الرجال نسي أن يؤمن بندقية فخرجت منها إحدي الطلقات مزقت القارب وبدأ في الهبوط إلي الماء وأمرت الرجال بالخروج منه إلي باقي القوارب, بسرعة ويقفز زميل لي إلي القارب المصاب ويبلغني أنه من المتعذر السير به فطلبت منه أن يقوده بمفرده حيث إنه محمل بالصواريخ وأن يتبعني وفعلا استطاع السير به وتبعني واضطررت إلي تهدئة السرعة ونظرت إلي عبده إن الجو بارد وبدأ ينكمش وإن كان يبدو سعيدا بما يراه من حوله وأقول له بردان فيرد بسرعة أبدا واتعجب أنني نفسي بردان فكيف يكون عبده باشا حران وفجأة يظهر درفيل ويبدأ في ملاعبة الرجال ويبدأ الجميع في اللعب معه واتركهم بعض الوقت ثم اشخط فيهم حتي لا ينسي كل منهم واجبه. ساعتان تمران ويبدأ الساحل ساحل أرضنا سيناء في الظهور وأصدر تعليمات حازمة بالاستعداد وأنظر إلي وجه عبده إنه ينظر إلي الساحل يتمعن وأحاول قراءة تكفيره ماذا يا تري سوف يحدث وهل يا تري سيفتح العدو نيرانه فجأة علينا.. أم ماذا؟ قارب الاستطلاع يزيد من سرعته ويدخل إلي نقطة النزول وقبل أن يعطي تمام بخلو المنطقة وصل قارب وأنزل بسرعة لاختيار مكان الضرب إن عبده يلازمني كظلي.. وبدأت أعطيه أوامر اذهب واحضر القواذف إلي هنا حاضر يا افندم قالها بسرعة وبدأ يساعد الرجال وفجأة سألني عن أحد الرجال فأخبرته أنه في مكان بعيد يزرع الألغام ويؤمن ظهرنا وأن كل شيء علي ما يرام. وبعد مدة انتهي العمل إن الصواريخ موجهة إلي قلب المطار وشارك فيها عبده باشا وأمرت الرجال بالعودة إلي القوارب والتفت إليه ما هو شعورك قال أنا أسعد إنسان في الدنيا قلت له هل ستعبر معنا ثانية قال إن شاء الله علي طول. وفكرت ما الذي يجبر هذا الزميل علي هذه المخاطرة؟ إن رجال البحرية قالوا إنه من المستحيل عبور البحر الأحمر بواسطة قواربنا هذه لكننا أثبتنا لهم العكس وقال عنا قادة يقال عنهم إنهم كبار أننا مجانين لكننا أثبتنا أننا نحن الكبار أما هم فمازال عليهم الكثير لكي يتعلموه وقال زملاء لنا ما الذي يجبركم علي عمل ذلك؟ وأرد عليهم إنه الواجب إنه الشرف إنها التضحية إنها أرضنا تنادينا وأرواح شهدائنا تطالبنا بالثأر. إننا في طريق العودة ومصطفي ينادينا وأرد عليه وأقول.. عبده باشا يهديك تحياته.. ويضحك مصطفي من قلبه.. ويقول أبلغه تحياتي وأن هناك وجبة ساخنة في انتظاره. القارب يصل إلي الشاطئ وأصافح عبده باشا وأقبله فقد شارك في أقدس واجب وارتبط برباط الدم مع رجال المجموعة39 قتال.. الرجال الذين شطبوا من قاموس اللغة كلمة اسمها المستحيل. ويعود عبده باشا إلي جريدته وقد وضع علي صدره شارة العبور وعليها الرقم(1) رمزا للعبور الأول وليكون أول مراسل حرب يعبر إلي الأرض المحتلة.