هل تصدق أن كاتبًا كبيرًا سخر قلمه وفكره دفاعًا عن الإخوان وإرهابهم اتهم المصريين بالسعى لإبادة الجماعة وأفكارها، مثلما فعل الزعيم النازى أدولف هتلر مع اليهود الذين أحرقوا فى أفران الغاز داخل معتقلات أقامها هتلر خصيصا لهذا الغرض الوحشى ببولندا، فى أثناء الحرب العالمية الثانية؟!.. هذا ما حدث بالفعل الأسبوع الفائت، عندما كتب مقالا مطولا يدعونا فيه لمحاولة تصديق ما يصدر عن الإخوان من بيانات ينفون فيها صلتهم بأعمال العنف، وأن نهجهم يقوم على الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، واستدعائهم شهادات لشخصيات، من بينها حسنى مبارك، واللواء حسن الألفى يؤكدون فيها أن أولاد حسن البنا انقياء أطهار، وأنهم ابعد ما يكونون عن العنف ودروبه، وتلقوا الصفعة تلو الأخرى خلال العهود السابقة دون أن يفكروا فى استخدام القوة ردًا على ما يتعرضون له من غبن وتعذيب ومطاردة. والطرح من أساسه فاسد ومغرض، فالمصريون لم يطلبوا التخلص كلية من الإخوان، لكنهم يلحون ويحثون على معاقبة من تلوثت أيديهم الآثمة بدماء الأبرياء الذين يسقطون فى سيناء وخارجها من قوات الجيش والشرطة، حتى مع شطط بعض الأصوات الداعية لمبادلة عنف الإخوان بعنف أشد، أو نفيهم لقطر وتركيا وأمريكا. وغاب عن الكاتب أن من بين الإخوان من ينتشى ويرقص فرحا عند مهاجمة الشرطة والجيش، وهناك عشرات الصفحات الإخوانية على مواقع التواصل الاجتماعى التى تشجع على الإرهاب وتبرره، وأن مئات المنتمين لجماعته يعيشون آمنين بين جموع الشعب ولم يمسهم احد بسوء، ولم تحرق بيوتهم ومتاجرهم وسياراتهم ، كما نرى الآن لكل من ينتقد الإخوان ويفضح خبايا عقيدة التكفير التى يؤمن بها كثير من القيادات العليا والوسطى للجماعة. والأمثلة الدالة كثيرة آخرها كان مكتب المنشق الإخوانى ثروت الخرباوى، وفيلا المهندس ممدوح حمزة، ومن قبل منزل الأستاذ محمد حسنين هيكل، والدكتور على جمعة، والداعية الأزهرى أحمد كريمة. كذلك غاب عنه كذب الإخوان وثبوت ذلك بالأدلة القاطعة، وأن الدولة مدت يدها أكثر من مرة للإخوان داعية إياهم للحوار والاحتكام للعقل، والحفاظ على وحدة الصف الوطنى وعدم تقسيم البلاد، لكنهم سدوا آذانهم، وفضلوا مواصلة شق الصفوف واستعداء المؤسسات والهيئات الدولية والإقليمية على وطنهم ومطالبتها بفرض عقوبات عليه وعلى المسئولين فى الحكومة، ولم يدخروا جهدًا لتشويه سمعة مصر داخليًا وخارجيًا وتزييف الحقائق بلا حياءا وخجل ودون أن يرمش لهم جفن. وإن كان الكاتب قد حبذ استدعاء صفحة من الماضى السحيق للتدليل على صحة رؤيته أحادية الجانب غير المنصفة، فإننا سوف نستدعى الحاضر الماثل أمام عيوننا لدحض مقولة سلمية الإخوان الذين باعوا مصر بثمن بخس، ولأجل عرض دنيوى هو كرسى السلطة الزائل الهدف الذى يلهث خلفه أعضاء الجماعة والمتحالفون معها. أولا: الملثمون والمسلحون الذين يظهرون فى مظاهرات ومسيرات الإخوان التخريبية فى القاهرة وبقية المحافظات، وإطلاق النار العشوائى على المواطنين الذين ضجوا وأصبحوا لا يحتملون مزيدا من استهتارهم وعدم تحملهم بالمسئولية الوطنية ومراعاتهم ظروفنا الحرجة على مختلف الأصعدة. يلحق بذلك إحراق طلاب الإخوان بالجامعات سيارات القنوات الفضائية لدى تغطيتها وقائع مشاغباتهم. وهل يمكن للمدافعين عن الإخوان تقديم تفسير منطقى يقبله العقل لإصرار الجماعة على تحويل الجامعات إلى بؤر مشتعلة دائما، خصوصا يومى الأحد والأربعاء، ومحاولتهم إفساد العام الدراسى. ولعل ما تعرضت له جامعة الأزهر ولا تزال خير برهان على هذه الحقيقة، وليس بمقدور كائن من كان الزعم بأن من اعتدوا على منشآت الأزهر وأساتذته وتفننوا فى إشاعة الفوضى والخراب بجامعات القاهرة وعين شمس وحلوان والإسكندرية ليسوا من الإخوان؟ ثانيا: بالعودة إلى منصة رابعة فإنها كانت حافلة بقرائن لا حصر لها للحض على الكراهية والعنف وإراقة الدماء بدعوى الدفاع عن الإسلام، والتهكم على الواقفين خارج دائرة إشارة رابعة، والتشكيك فى كونهم من المسلمين الصالحين الغيورين على دينهم. وكلنا يتذكر التصريحات النارية من عينة سوف نسحقهم وندمرهم على لسان طارق الزمر، وعاصم عبد الماجد، وصفوت حجازى، ومحمد البلتاجى، ومحمد عبد المقصود، فضلا عن فتاوى تكفير المعارضين. الم يحتضن الإخوان عبد الماجد والزمر وغيرهما من قادة الجماعة الإسلامية الذين ضربوا عرض الحائط بالمراجعات التى تبنوها فى تسعينيات القرن المنصرم لنبذ العنف، فهؤلاء من أشعلوا نيران العنف والحقد والبغضاء فى البلاد قبل فرارهم إلى حضن قطر الدافئ؟. وإذا عدنا للوراء قليلا فإن من بين مؤسسى الجماعة الإسلامية الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الذى التحق بركب الإخوان فى مرحلة تالية اى أن الوشائج تربط الجماعة بتنظيمات العنف والإرهاب. بل إن الإخوانى شكرى مصطفى مؤسس جماعة المسلمين “ المعروفة إعلاميا «بالتكفير والهجرة» كان رفيقا فى زنزانة واحدة لسيد قطب صاحب نظرية الحاكمية المعتمدة على تكفير المجتمع وإجازة محاربته لإقامة الدولة الإسلامية. إن من يلحون على أن الإخوان باتوا فئة مستضعفة، وأن الجميع يعمل لاستئصالهم من الحياة العامة والسياسية بأسلوب الحل النهائى الذى ابتدعه هتلر، إنما يسعون إلى طعن الوطن بخنجر مسموم، بغية تنفيذ مخطط أثيم لا يخفى على احد أبعاده وأغراضه الشريرة. [email protected] لمزيد من مقالات محمد إبراهيم الدسوقي