انتشرت في الفترة الأخيرة العديد من البرامج الطبية على شاشات الفضائيات وأصبحت وجوه عدد من الأطباء شبه دائمة وارتفعت أسعار تواجدهم في البرامج رغم أنهم لا يحظون بالمهنية العالية. بل وظهر العديد منهم من مدعي الطب في بعض البرامج مقابل مبلغ مالي يدفعه الطبيب وتصل الي 15 ألف جنية وذلك مقابل ظهور رقم وعنوان الضيف و40 ألف جنية مقابل الظهور لمدة ساعة. بالإضافة الي بيزنس البرامج الطبية, تحولت مهنة الطب كلها الي بورصة كبيرة..فتحول الدواء الي بيزنس..وتحولت عمليات التجميل ومستحضراته الي بيزنس ...وتحولت التحاليل والأشعات الي بيزنس....وتحول علاج العيون الي بيزنس...وتحول حلم الرشاقة الي بيزنس...وأصبح المواطن وصحته في أخر اهتمامات تجار الطب, بل وتحول الطب والقائمين علية الي مجرد سماسرة همهم هو الشهرة وهاكسب من وراهم كام. لذا كان هذا التحقيق. على غرار البرامج الطبية الأمريكية الشهيرة مثل «د. اوز» و «ذا دوكتورز» حاولت الفضائيات المصرية تقليد التجربة وأطلقت أشكالا مختلفة من نوعية هذه البرامج التي يتناول فيها الطبيب أو المذيع خلال الحلقة الأسئلة الشائعة في تخصص الطبيب أو في المجال الذي يعمل به سواء كان السمنة والأمراض الجلدية والعظام والأسنان ..إلخ، ليكون في ظاهر الأمر برامج تستهدف الفائدة العامة للمشاهدين وتزويدهم بمعلومات طبية. ولكن باطن الأمر مختلف تمامًا، فأغلب هذه البرامج مجرد بيزنس يتم بين القنوات والأطباء، ليدفع الطبيب الذي يطل على الشاشة أموالا مقابل شهرة ستجلب لة «زبائن» كما ان تلك القنوات تستفيد جيدا من نسب المشاهدة وكم الإعلانات والرسائل والاتصالات, ليصبح الأمر كأنه بورصة ولتتحول تلك البرامج الطبية لبرامج إعلانية تعرض أرقام هواتف وعناوين عيادات الأطباء والأجهزة التي يمتلكها كل طبيب في عيادته حتى ولو لم يكن هذا الطبيب على قدر من الكفاءة . كلا هذا يتم في ظل غياب رقابي كامل من قبل نقابة الأطباء. هذا وتتراوح أسعار الساعة في ال. القنوات الكبرى من15 الي 25 ألف مقابل الظهور لمدة ثلث ساعة أو من 35 ألف إلى 40 ألف جنيه تقريبًا مقابل ظهور أرقام الهواتف وعناوين العيادات الخاصة وعدد اللقطات التي تظهر باسم الطبيب على الشاشة. هذا وقد صرح د. سيد العباسي رئيس قناة صحتي ,القناة الصحية الناطقة باسم وزارة الصحة من قيل أن ظاهرة ظهور أطباء الفضائيات «بدون أي رقابة هي فوضى إعلامية لبرامج شبه طبية، كما أن هناك موضوعين أساسيين في البرامج الطبية المنتشرة في الفضائيات، وهما التجميل وأنظمة العقم، لأنهما الأكثر جذبا. ولذا يجب تعاون وزارة الاستثمار مع وزاره الصحة لمنع أي طبيب من الظهور على القنوات الفضائية إلا بعد حصوله على تصريح من وزاره الصحة حتى يكون هناك رقابة مشددة على من يظهر عن طريق شاشات الفضائية، ويقول أي نصائح طبية. البعض بالفعل يعترض علي ما يحدث لأن الدواء الذي يناسب مريضاً قد لا يناسب أخر ، وبالتالي الحصول علي أدوية من خلال التليفزيون أو من خلال وصفات فهذا لا يكون كافيا أو قد يكون مضراً مع بعض الحالات. والبعض الأخر يري ان إعلان الدكتور عن نفسه من خلال البرامج أو الفضائيات لا يمثل اي حرج له كطبيب لان المنافسة بين الأطباء أصبحت تعطي للأطباء دافع لاستخدام كل الوسائل لجذب المرضي. كما ان التواجد الإعلامي فائدة كبيرة وانه لابد من ان يكون الدكتور الذي يظهر علي الشاشة شخصاً مؤهلاً وله كاريزما خاصة وحضور وقدرة علي توصيل المعلومة بطريقة بسيطة وواضحة. لا شك أن حلم كل فتاة وسيدة هو القوام الرشيق والجسم المتناسق وهو ما جعلهن يتسابقن إلى أطباء السمنة والنحافة، وإلى الجراحات التي تصل بأوزانهن إلى الوضع المثالى أو ما يتمنين ، وكذلك لجأن إلى جراحات التجميل في بيوت ومراكز التجميل العالمية بل التي بدأت تغزو بلادنا. مما جعل الأمر حقل خصب لكثير من الشركات التي تروج لمنتجات تخدم هذا النوع من البيزنس من آلات وأحزمة وبدل وأدوية للتخسيس. في حين ان الدراسات والأبحاث الحديثة أثبتت أن كل وسيلة من هذه الوسائل مضارها أكبر بكثير من نفعها. فأغلب أدوية التخسيس تملأ البطن وتعمل كتلة كبيرة في المعدة، والمعدة بطبيعتها بها مواد تمتص الماء فتزيد حجمها ومن ثم يزداد حجم البطن وكذلك البدل البلاستيكية من الممكن أن تؤدى إلى اختناق حيث إنها تعمل على إعاقة التنفس عن طريق الجلد. في حين الأمر يتطلب الصبر والإرادة وضبط الأكل مع ممارسة الرياضة. أشار البحث الصادر عن «يورو مونيتور إنترناشيونال» بالتعاون مع قسم الأبحاث والدراسات في « إيبوك ميسي» فرانكفورت، الي نمو سوق مستحضرات التجميل وأدوات ومساحيق الزينة الملونة والعناية بالوجه والعين في العالم العربي. كما تشير أحدث الإحصائيات إلى أن حجم سوق مستحضرات التجميل في الأمارات وحدها سيصل إلى 519,5 مليون درهم بحلول عام 2014، مما يعكس زيادة نسبتها 27,8 % خلال الأعوام السابقة بفضل ارتفاع معدلات الإنفاق على مستحضرات التجميل وأدوات الزينة في الدولة ومنطقة الشرق الأوسط. فالكعكة تساوي 300مليار دولار هي حجم مبيعات مستحضرات التجميل في القارات الست والرقم يتزايد سنويا وفي حين أن كل البضائع مرت بمراحل ركود إلا سوق التجميل لم يزرها الركود قط. ويقول خبراء الاقتصاد إن مستحضرات التجميل ومواد العناية الصحية تعد من المنتجات الأعلى مبيعاً علي صعيد العالم، وتنافس حجم تجارة السلاح وربما النفط أيضا ،فهي التجارة الوحيدة التي وحدت النساء من كل الطبقات ومن كل الجنسيات والمذاهب والألوان. ومن ناحية أخري أصبحت جملة «شفط الدهون وشد الجسم دون جراحة في جلسة واحدة»... لافتة تنتشر في كل ركن، للإعلان عن مراكز استشفائية كبيرة وعيادات متخصصة، وأخرى ليست كذلك، الكل هنا يتنافس في تقديم خدمة يتهافت عليها معظم النساء ليس في مصر فقط ولكن في العالم العربي كله. لذا نجد ان بعض الإحصاءات تشير إلى أن عدد عمليات التجميل التي تجرى في لبنان وحدها علي سبيل المثال في العام الواحد يصل إلى 19 ألف عملية وتأتى عمليات شفط الدهون من الأرداف والبطن في المرتبة الأولى بين العمليات، تليها عمليات تجميل الأنف في المرتبة الثانية، ثم جراحات شد الوجه وتكبير حجم الثديين. . تُعدُّ صناعة الدواء إحدى كبرى الصناعات في مصر، ويزيد حجم الاستثمارات في هذا القطاع عن 20 مليار جنيه مصري (3.35 مليار دولار). ومع ذلك، ظلّت تلك الصناعة تعتمد في الأساس على استيراد المواد الخام من الخارج مما يزيد من تكلفة الدواء وتسعيرة بالرغم من أن قطاع الأدوية يعتبر من أكبر الصناعات ويبلغ مجموع الاستثمارات في هذا القطاع أكثر من 20 مليار جنيها ..تغطي ما يقارب من 93% من السوق المحلي من الأدوية، حيث وصلت نسبة استهلاكه إلى 15.3 مليار جنية في 2010 وقد تصل إلي 47 مليار جنيه في 2015..هذا ولا يعلم المواطن عن تجارة الدواء في مصر، سوى روشتة الطبيب وأسماء بعض الصيدليات، وتحت هذه القشرة البسيطة الهادئة، وخلف شعار «الثعبان الذي يوجه فمه المفتوح إلى كأس»، إمبراطورية سرية ضخمة، ومعارك لم يسمع أحد ضجيجها إلا في السنوات الماضية، تدور بين أطراف صناعة الدواء في مصر: الصيدليات والمصانع والنقابة والشركات ووزارة الصحة.. وفى الغالب لا يفهم المواطن سبب المعركة ولا ما تسفر عنه. ولكن الحقيقة هي باختصار ان «وما الدواء إلا بيزنس كبير»...ذلك هو الوصف الدقيق لحالة التلاعب التي تمارسها بعض شركات الأدوية بالتعاون مع الأطباء والصيادلة ممن اتخذوا من مرض المواطن سبيلا لتحريك سوق الدواء المصري. ونأتي الي بيزنس الطب البديل أو الأعشاب الطبيعية الذي وصل الي 1.2 مليار جنية, دون التفرقة بين منتجات حصلت على موافقات من وزارة الصحة، ومنتجات مجهولة المصدر تضر بصحة الإنسان وقد تفتك بالكبد أو الكلى أو تدمر المخ أو الأعصاب. ورغم أن وزارة الصحة تقدمت بالعديد من الشكاوى ضد شركات وأشخاص للنائب العام خلال الفترة الماضية لكن للأسف بدون أي جدوى. ولذا يجب تجريم من يعمل بتجارة الأعشاب بدون الحصول على ترخيص، مما سيساعد بدرجة كبيرة في القضاء على هذه الظاهرة. فلقد تحول الأمر برمته الي تجارة , حتي أن سوق الدواء بمصر وصل معدل استهلاكه ل 24 مليار جنيه.