أسعار البترول العالمية تواصل تحقيق المكاسب.. ما علاقة أسعار الفائدة؟    يوتيوب دون تقطيع الآن.. مباراة الجزائر وغينيا اليوم في تصفيات كأس العالم 2026    موعد ظهور نتيجة الشهادة الإعدادية محافظة القليوبية 2024 الترم الثاني    إسعاف الفيوم توفر 81 سيارة بالمناطق السياحية خلال أيام عيد الأضحى    رئيس الوفد فى ذكرى دخول العائلة المقدسة: مصر مهبط الديانات    تخريج 6 دفعات من معهد نقابة المحامين للعدالة الإلكترونية في الوادي الجديد    رئيس «محلية النواب» يطالب الحكومة بتنفيذ توصية البرلمان برصف الطرق ب«الإنترلوك»    وزير الري: تراجع نصيب الفرد من المياه إلى 500 متر مكعب (تفاصيل)    ماذا يريد الناس من الحكومة الجديدة؟!    قطع المياه عن شبين القناطر في القليوبية    محافظ أسيوط يترأس مؤتمر التوعية بالمبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    اقتصادي يكشف أسباب ارتفاع احتياطي مصر من النقد الأجنبي ل46.125 مليار دولار    7 اختصاصات لمجلس إدارة صندوق الوقف الخيري بالقانون الجديد.. تعرف عليها    بورشه Macan الكهربائية تُشعل المنافسة مع بي إم دبليو iX3 ونيو EL6    جيش الاحتلال يعلن انتهاء عمليات لواء المشاة 828 في رفح    إصابة أكثر من 100 شخص في حادث تصادم قطارين في غرب سيبيريا    إسبانيا تنضم لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية    باسم المجموعة العربية.. مصر تطالب المجتمع الدولي بدعم فلسطين    وزير التعليم العالي: صقل مواهب شباب الجامعات المصرية ورفع اسم مصر في المحافل الدولية    زغلول صيام يكتب: عندما نصنع من «الحبة قبة» في لقاء مصر وبوركينا فاسو!    نجم الإسماعيلي: الأهلي هياخد الدوري وشجعته في نهائي أفريقيا    القليوبية تحصد المراكز الأولى فى لعبة الكاراتية على مستوى الجمهورية    حسام البدري: تعرضت للظلم في المنتخب.. ولاعبو الأهلي في حاجة إلى التأهيل    رئيس جامعة المنوفية يتفقد سير الامتحانات بكلية التمريض    عضو بالبرلمان.. من هو وزير الزراعة في تشكيل الحكومة الجديد؟    محافظ القاهرة يشدد على مديرية التموين بالقاهرة بتكثيف أعمال الرقابة علي كافة السلع    الأرصاد: ارتفاع درجات الحرارة يصل ذروته اليوم وغدا (فيديو)    رحلة ألم تنتهي بجبر الخاطر.. الحاج «حسبو» في عناية وزير الداخلية    هند صبري: مسلسل "مفترق طرق" أعاد ذكرياتي بالجامعة لهذا السبب (فيديو)    اعرف حظك وتوقعات الأبراج الجمعة 7-6-2024، أبراج الحوت والدلو والجدي    ليلة في حب سيدة المسرح العربي.. تفاصيل تكريم سميحة أيوب بدار الأوبرا    مروة حمدي ورحاب مطاوع نجمتا حفل كلثوميات بمعهد الموسيقى    الخشت يعلن أسماء الفائزين في مسابقة وقف الفنجري    «شخصيات حقيقية».. صناع مسلسل الوصفة السحرية يكشفون كواليس العمل    قبل ساعات من زفافهما.. 3 أعمال جمعت جميلة عوض وزوجها أحمد حافظ    في احتفالات اليوم العالمي للبيئة.. لقاءات متنوعة لقصور الثقافة بالسويس    فضل صيام العشر من ذي الحجة.. أحب إلى الله سبحانه وتعالى من الجهاد    قبل عيد الأضحى 2024.. هل يجوز التصدق بالأضحية كاملة دون الأكلٍ منها؟ (الإفتاء توضح)    إجراء أول جراحة عالية الدقة لورم خبيث في مستشفى الكرنك الدولي بالأقصر    توقيع الكشف الطبي على 889 مريضا خلال قافلة طبية بمركز بني مزار في المنيا    للحجاج، أكلات مهمة يجب تناولها أثناء تأدية مناسك الحج (فيديو)    كيفية تنظيف مكيف الهواء في المنزل لضمان أداء فعّال وصحة أفضل    بوريل يستدعي وزير خارجية إسرائيل بعد طلب دول أوروبية فرض عقوبات    جواب نهائي مع أشطر.. مراجعة شاملة لمادة الجيولوجيا للثانوية العامة الجزء الثاني    "تخيلت نفسي على دكة الزمالك".. البدري يكشف لأول مرة ما فعله مع أمير مرتضى ورد صادم    أمين الفتوى: لابد من أداء هذه الصلاة مرة واحدة كل شهر    وزيرة الثقافة تشهد الاحتفال باليوم العالمي للبيئة في قصر الأمير طاز    تكبيرات عيد الاضحي المبارك 2024 كاملة ( فيديو)    محافظ الفيوم يتابع إجراءات تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء    البرلمان العربي: مسيرات الأعلام واقتحام المسجد الأقصى اعتداء سافر على الوضع التاريخي لمدينة القدس    توزيع درجات منهج الفيزياء للصف الثالث الثانوي 2024.. إليك أسئلة مهمة    إصابة 8 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بشمال سيناء    هشام عبد الرسول: أتمنى تواجد منتخب مصر في مونديال 2026    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المحافظ جاى 000!!؟    بيني جانتس: استعدوا لقتال ولأيام أكثر صعوبة يمكن أن تصل بنا إلى الحرب    مصر تتعاون مع مدغشقر في مجال الصناعات الدوائية.. و«الصحة»: نسعى لتبادل الخبرات    وزير الخارجية القبرصي: هناك تنسيق كبير بين مصر وقبرص بشأن الأزمة في غزة    ملف رياضة مصراوي.. تصريحات صلاح.. مؤتمر حسام حسن.. تشكيل منتخب مصر المتوقع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا «دُولْ» نوبة .. ولا «دُولْ» قبائل
نشر في الأهرام اليومي يوم 08 - 04 - 2014

أعرف ان العنوان صادم، ولكن هذا هو المقصود بهدف الصدمة الكهربائية لسيطرة الجهل على الحديث الإعلامى المصرى عن مأساة أسوان التى راح ضحيتها حتى كتابة هذا المقال 25 فردا، ستة منهم من قرية الدابودية و19 من الهلايل.
بداية حل الأزمة فى اسوان هو دقة المعلومة. معنى «لا دول نوبه».. هو ان الدابودية سكان قرية نوبية من فرع الكنوز فى التقسيمة النوبية العرقية واللغوية. أى ان المعركة مازالت رغم كل هذا الدم محصورة فى قرية من قرى فرع الكنوز فى النوبه وانه حتى الان لم ينضم الكنوز ككتلة بشرية ورافد رئيسى من روافد النوبة الى المعركة ويجب عمل كل ما هو ممكن لتقتصر المعركة فى حدود القرية ومنع بقية الكنوز من الانضمام.
والكنوز هم نوبيون ولكن عرقهم اختلط بالعرق العربي. اما الفرع الثانى للنوبة فى اسوان فهم الفاديكا وهم يرون انهم العرق الأنقى الذى لم يختلط بأعراق اخرى. وكلاهما يتحدث لهجة نوبية مغايرة عن لهجة الاخر. إذن حتى الان لم ينضم الكنوز لدعم الدابودية ضد الهلايل ولم ينضم الفاديكا للكنوز ضد من يسمونهم الصعايده إجمالا فى اسوان والذين يشملون الهلايل وغيرهم من غير النوبيين. إذن لماذا نوسع الدائرة ونقول عن قرية صغيرة انها قبيلة نوبية وكأن المعركة هى بين النوبة الذين يمثلون غالبية سكان اسوان وبين الصعايده او غير النوبة؟ إذا كان الدابودية ليسوا قبيلة فمن يكون الهلايل؟ الهلايل ايضا ليسوا بقبيلة واحدة او ينحدرون من جد واحد او أصل واحد ولكنهم تجمعات بشرية ممتدة بين اسوان والأقصر وقنا وسوهاج، اتخذوا هوية القبيلة نتيجة لقبلنة المجتمع الصعيدى فى غياب شرعية أيديولوجية للدولة منذ أواخر ايام السادات. اى ليكسب الحزب الوطنى الانتخابات فى الصعيد فى غياب شرعية فكرية للحزب اعتمد على شرعية القبائل مما مثل انتكاسة للمجتمع الصعيدي. فبدلا من انضواء المواطنين تحت لواء المواطنة أصبحوا تحت لواء العشيرة او العرق او الطائفة. المهم هو ان هلايل قنا وسوهاج والأقصر لم ينضموا الى المعركة فلماذا الإصرار على التعميم الذى يوسع الخرق على الراتق ويصعب الحلول؟ لابد ان نضع المشكلة فى حجمها الطبيعى اولا حتى نعرف حلها.
الأزمة فى أسوان تهديد استراتيجى رغم صغرها:
سأعرض أمامكم لثلاثة مستويات من التحليل تفضى بنا الى حل الأزمة عن علم وتساعدنا على استباق لتفاقم الأزمة واتساع مساحتها او التحامها مع أزمات اخرى قابلة للاشتعال فى اسوان ومحافظات جنوب الصعيد برمتها.ومن بعد العرض المعلوماتى التحليلى اقدم للحلول الآنية والقريبة وكذلك الحلول الجذرية بعيدة المدى من اجل الوصول الى الاستقرار والسلم الاهلى الذى هو الهدف الأسمى ومبرر وجود اى دولة، بشكل استراتيجي، نحن لسنا امام معركة ثأر بين القبائل فى الصعيد وبين الدابودية والهلايل اللتين ليستا بقبائل ابتداء.الحقيقة هى اننا أمام نحن امام دولة تهددها من اعلى، جماعات لها انتماءات ما فوق الدولة متمثلة فى جماعة الاخوان المسلمين وتنظيمها الدولي، وجماعات ترى أمنها فى انتماءات ما تحت الدولة من طائفة وقبيلة وعشيرة او جماعة عرقية او هوية ادني. الحالتان وهما الخروج من المواطنة المصرية الى انتماءات اكبر مثل الأمة الاسلامية فى حالة الاخوان والتيارات الاسلامية، والتخفى والانسلاخ الى تكوينات اجتماعية ادنى مثل القبيلة والطائفة او العرق: اشراف وعرب وهوارة وهلايل أو قبطى أو نوبى كلها تصب فى أزمة المواطنة وأزمة الحكم. تفتيت الدولة من اعلى (حالة الاخوان) او من أسفل حالة القبائل فى الصعيد وكذلك فى شمال سيناء والمنطقة الغربية فى مطروح. هذا هو السياق الاستراتيجى الأكبر الذى ارى من خلاله أزمة المواجهات بين الهلايل والنوبة.
التحالف الجديد بين نظام الإخوان فى السودان مع قطر مقلق فيما يخص قضية النوبه. وزيارة الشيخ تميم بن حمد ال ثانى أمير قطر الى السودان يوم تفجر الأحداث الأربعاء الماضى اى قبل أسبوع بالتمام والكمال. قطر طبعا تعبث بأمن مصر فى الغرب من خلال اخوان ليبيا وجماعة عبد الحكيم بلحاج المدججين بالسلاح القطري، وكذلك تعبث بأمن مصر من الشرق من خلال تنظيم الاخوان فى غزة المعروف تجاريا باسم حركة حماس. ومن هنا يبدو منطقيا ان تكمل قطر دائرة حصارها لمصر من الجنوب من خلال ما يعرفه القطريون بأزمة النوبة. إشعال نار فتنه بين النوبيين ومن حولهم بداية استراتيجية الانفصال او زعزعة جنوب مصر.
نقص الشرعية وتحويل الصعيد الى القبيلة لا المواطنة:
المستوى الثانى من التحليل هو اقتطاع جزء من الوطن المصرى والمواطنة المصرية لصالح ولاءات أدنى مثل النوبة والأقباط والقبيلة وكله ليس بسبب جهل الصعايدة وإنما تم كل هذا بفعل فاعل وعن قصد وفى النهاية هو عمل تكتيكى يخدم النظام فى لحظتها ويهدم الوطن على المدى البعيد.
فى غياب الشرعية فى نظامى السادات ومبارك كانت الدولة تأكل من لحمها الحى من اجل استمرار النظام فبدلا من ترسيخ قيم المواطنة والشراكة الوطنية كأيديولوجية جامعة للحكم، قرر الحزب الوطنى الاعتماد على الولاءات الأدنى من اجل استمرار النظام. الحقيقية هى انه لم تكن هناك اى أيديولوجية وطنية للحزب الوطنى منذ نشأته عام 1978 لذلك اعتمد فى أساسه على شبكات علاقات القرابة والقبيلة خصوصا فى الصعيد ومعظم الدراسات الجادة عن السياسة والمجتمع فى آخر عصر السادات كانت كلها تشير الى انتكاسة الحادثة والمواطنة لمصلحة اعادة قبلنة المجتمع او إعادته الى حالات القبائل. ومن ضمن مشروع القبلنة هذه تم تحويل كتل بشرية الى مجموعات قبلية حتى لو لم تكن كذلك مثل ما حدث لجماعات الهلايل الذين صنفوا حديثاً على انهم قبيلة. النوبة أيضا تحولوا من هوية سيوسولوحية وتنوع ثقافى ولغوى الى قبيلة والى أزمة وطنية محتملة.
النوبة وغيرهم فى أسوان ضحايا مشكلة أمنية وإدارية:
أيضاً ونتيجة لضغوط دولية فى آخر أيام نظام مبارك، تعاطت الدولة مع أسوان على انها محافظة النوبة حتى يقلل العالم الخارجى من ضغطه فى قضية النوبة كثقافة وظهرت بعدها ملامح تعكس هذا الضغط من خلال متحف النوبه وغيره.
هذا التعامل المبالغ فيه مع أسوان على انها محافظة النوبة اثار حفيظة التجمعات المختلفة من المكون البشرى لشعب أسوان، بما فى ذلك بالطبع تجمعات الهلايل . ولكن الهلايل والنوبة معا ضحية التنمية العشوائية لمدينة أسوان ولكل محافظات جنوب الصعيد تقريبا. فمن رأى المنظر البشع للجثث وهى تحمل على عربات الكارو التى تجرها الحمير يرى برمزية لا تخطئها العين ان أسوان ومنطقة السيل الريفى تحديدا حيث مسرح الأحداث تعيش فى عالم ما قبل الثورة الصناعية. فقط الحمير تجر الجثث على خشبه فوق عجلات. طبعا هذه الصورة التى شاهدها العالم اجمع غير الصورة التى يروجها الاعلام المصرى عن محافظى جنوب الصعيد الذى يأتى الواحد منهم ويزين شارع الكورنيش ويبنى نافورة عليها صورة الرئيس، وفى عهد مبارك كانت أعمدة الإنارة فى سوهاج وقنا والأقصر وأسوان مثل شجر حديد طارح صورا للرئيس . المشكلة الإدارية هى التى جعلت من النوبى والهلالى ضحية الدولة وضحية نفسه اذ اصبح يقيس تقدمه بمدى افتقار جاره او تعذيبه.
الأمن كان شريكا فى المشكلة نتيجة ضعفه. اذ يعرف كل أهالى أسوان ان الهلايل نجحوا منذ عام فى اعادة ابنهم برتبة عميد شرطه تم نقله خارج أسوان فتظاهر الهلايل امام المديرية وتراجعت وزارة الداخلية عن القرار. إذن قوة الهلايل بدت اكبر من قوة الداخلية. وهذا أعطى الهلايل مساحة أوسع فى فرض سيطرتهم على جيرانهم من المواطنين.
تغير طبيعة السلطة وهيبتها بعد الثورة ونهاية المجالس العرفية:
لافت للنظر فى أزمة أسوان ان الذين قاموا بالقتل فى الحادث، هم شباب فى اول العشرينات ودونها. فبينما كان كبار الهلايل يتفاوضون مع أهالى الدابودية كان القتل فى الخارج من قبل أبناء الدابودية. إذن ما كان يعرف بالكبار والحكماء وشيوخ القبائل لم يعد كما هو. الناس بعد الثورة أعادوا تعريف الهيبة وتطاولوا عليها بداية من هيبة الدولة الى هيبة الرئيس الى هيبة شيخ القبيلة وحتى هيبة الأب . هذا التغير فى رؤية المصرى للسلطة وهيبتها له دلالات تتجاوز احداث أسوان الى الوطن كله. ومن يقرأ ما يكتبه الشباب على الجدران او على مواقع التواصل الاجتماعي، يدرك ان عودة الأمور الى ما قبل 25 يناير 2011 أمر لن يحدث أبدا.
الصلح والحل والهدنة
فى زيارة رئيس الوزراء السيد ابراهيم محلب تحدث الكثيرون عن هدنه محتملة تسبق الصلح وتهدئة النفوس وكان دليلهم على إمكانية استمرار الهدنة هو ان شيوخ قبائل النوبه والهلايل اتفقوا. لدى اختبار وحيد لسلطة شيخ القبيلة فى أسوان. هذا الاختبار هو ان السلاح على أكتاف معظم أفراد القبيلة يتطوحون به فى الشارع، شيخ القبيلة القوى ذو الكلمة المسموعة هو الذى يستطيع اما تسليم سلاح القبيلة للدولة او منعهم من حمله فى الطريق العام. وحتى الان لم أر شيخ قبيلة يفعل هذا. لذلك أنا ممن لديهم شك كبير فى إمكانية استمرار الهدنة. لجنة تقصى الحقائق التى اقترحها رئيس الوزراء عندى موضع شك عندي. فيكف لك ان ترسل أناسا من القاهرة اثبتوا بالدليل القاطع انهم لا يفرقون بين النوبى الكنزى والنوبى الفاديكا، وما اذا كانت الدابودية قرية ام قبيلة؟
ما العمل؟
قبل اى عمل مطلوب معرفة مصدر تسليح النوبيين وهذا يضعنا امام التحدى الاستراتيجى الأكبر الذى تحاول من خلاله دول معاديه مثل قطر ومعها نظام الاخوان الى الجارة الجنوبية التى فشلت فى الاحتفاظ بالسودان ككيان واحد، تحاول ان تجرب المسألة ذاتها فى مصر بافتعال قضية نوبية فى جنوب مصر.
ثانيا، التحدى الأساسى هو احتواء القضية فى قرية الدابودية قبل ان ينضم بقية الكنوز الى الدابودية وقبل ان ينضم الفاديكا الى الكنوز وتصبح قضية نوبية ان سوء تشخيص الأزمة يضاعفها ويوسعها. ثالثا، كيف نمنع جماعات اخرى لها ثأر عند الهلالية منذ انتخابات 2010 وأحداث 2011 وهم ليسوا بنوبيين من الانضمام الى النوبة ضد الهلايل وخصوصا ان الهلايل هم من خسروا هذه المرة بالنسبة لعدد القتلى من أبنائهم بينما كانوا هم من ينتصرون فى السابق. هذا تحالف وارد وجزء منه حدث الخميس الماضي.
الحل الحقيقى لهذه الأزمة هى احتواؤها اولا فى نطاق ضيق قبل ان تصبح أزمة تهدد استقرار جنوب الصعيد كله.
ثم بعد ذلك اعادة هيبة الدولة بإرسال أعداد كثيفة من جنود القوات المسلحة لا الشرطة للسيطرة على الموقف. ان تحلق طائرات الهليوكتبر فوق منطقة السيل الجبلية الوعرة فالسيارات لا تصل الى هناك. فرض حظر صارم لثلاثة ايام على المنطقة . الهلايل لن يدخلوا فى مواجهة مع الجيش لكى لا يخسروا كل الشعب.
اعادة تخطيط منطقة السيل ومناطق النوبة لتصبح مدنا يمكن للدولة الوصول اليها بخدماتها الصحية والتعليمية والأمنية, اما والحال كما هو عليه فلن تستطع الدولة السيطرة على عالم عشوائى .وقد كتبت كثيرا عن علاقة العمران وتخطيط المدن بالاستقرا السياسى فى أماكن اخرى.
قضية الدابودية والهلايل قضية صغيرة تخفى تحتها خطرا استراتيجيا كبيرا سيتكرر فى أماكن اخرى فى أطراف هذا الوطن فى الغرب فى مطروح وفى سيناء وربما فى البحر الأحمر.. الخطر كبير ونحن كدولة استمرأنا العمل فى طل غياب المعلومة.. أول المعلومات الصحيحة هو ان الطرفين لا هم يمثلون قبائل، ولا الهلايل يمثلون كل الصعايدة والعرب، ولا الدابودية يمثلون النوبة او حتى يمثلون كل الكنوز.. الحل فى تنقية المعلومات وتنقيحها اولا ثم بعد ذلك وضعها فى إطارها التحليلى الصحيح. هنا تكون المعلومة مفيدة لصاحب القرار. اما ان يترك اصحاب القرار بدون معلومات فتلك هى الكارثة بعينها.
لمزيد من مقالات د.مامون فندى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.