لاشك أن خريطة المسرح فى مصر قد تغيرت بشكل كبير فى السنوات الماضية.. انتهى مسرح القطاع الخاص بمفهومه القديم أو كاد.. وأصاب البيت الفنى للمسرح حالة من التراجع الشديد فى الإيرادات وايضا فى مستوى العروض. بينما تنتعش حركة المسرح المستقل وتكتسب جمهورها الخاص وتفاعل الناس معها.. واصبحت قاعات عروض الشباب من الهواة والفرق المستقلة تشهد ازدحاما جماهيريا فى الهناجر ومسرح الهوسابير والساقية والفلكى واماكن وروابط وغيرها من قاعات أغلبها مستحدث.. بل صار هناك جمهور جديد من الشباب هو الراعى والداعم الأول لمهرجاناته الفنية ومنها مهرجان «دى كاف» الذى بدأ قبل ايام دورته الثالثة فى مختلف أنواع الفنون من مسرح وسينما وغناء وموسيقى ورقص وفنون بصرية من رسم وديكور وجرافيتى.. وتعرض معظم العروض فى ميادين وسط البلد، بالإضافة إلى انتقال بعض العروض إلى مدينة الأسكندرية هذا العام كحدث جديد.. وبالنسبة للمسرح هناك ستة عروض يقدمها مهرجان «دى كاف» أولها هولندى ناطق باللغة الصينية ويحمل عنوان «عرض صينى» ويعرض لأول مرة فى العالم العربى لمخرجة مجرية الأصل هى ايديت كالدور، ويتناول فكرة التواصل بين الناس عن طريق المشاركة بغض النظر عن حاجز اللغة.. وكانت اول مرة يقدم فيها عرض صينى فى مهرجان الكانتارا بمدينة لشبونة فى يونيو عام 2010.. اما باقى العروض المسرحية فهى مصرية، وهى «العشاء الأخير» لفرقة المعبد المسرحية المستقلة، من تأليف وإخراج الفنان الشاب هو أحمد العطار، وهو بالمناسبة مدير المهرجان، وعرض آخر له بعنوان «عن أهمية ان تكون عربياً» ومسرحية «جلسة مغلقة» من إخراج عمر المعتز بالله و«الأمير المحبوس» لفرقة الورشة، من تأليف وإخراج فرانسوا سيرفانت، وأخيرا عرض متنوع ما بين المسرح والموسيقى والحكى المسرحى، ويقدم عرضين قصيرين بعنوانى «زاوية 3» و«ساعة الحظر» وكلاهما من إخراج حسن الجريتلى.. وكان من المفترض أن يكون هناك عرضا سابعا لفرقة «مختبر دمشق المسرحى» بعنوان «ماحدث غدا» إلا أن الفرقة السورية تعثرت فى الخروج من بلادها فى اللحظة الاخيرة بسبب الأحداث السياسية المأساوية هناك.. والحقيقة أنه جهد كبير للعاملين على المهرجان استطاعوا أن يجمعوا له رعاة من مختلف شركات السيارات الكبرى والفنادق ذات الخمسة نجوم والسفارات الانجليزية والأمريكية، فضلا عن المراكز الثقافية لعدة دول كبرى.. وفى صفحة كاملة تضم الدول والمؤسسات الراعية نجد وزارة السياحة والعلاقات الثقافية الخارجية بوزارة الثقافة فى صدارة الصفحة، وقبلها جهة تدعى «مصر بداية الحكاية» ثم رعاة بلاتينيون ورعاة من ذهب وآخرون من فضة ثم رعاة رئيسيون.. هذا الازدحام يثير بالتأكيد اسئلة ربما اولها: لماذا تختصر مشاركة وزارة الثقافة على العلاقات الثقافية الخارجية وتحرم جهات تخصصها فى انتاج الفنون بكل انواعها من مسرح وسينما وموسيقى وفنون أداء وفنون تعبيرية من المشاركة؟! ثانيا: هل يجوز أن توضع اشارة السفارة البريطانية والعلم الأمريكى فى اسفل الصفحة باعتبارهما من الرعاة الدرجة الثالثة بينما قناة اغانى خاصة فوقهما فى قسم الرعاية البلاتينية!! ثم توضع مؤسسة «مصر بداية الحكاية» قبل وزارتى السياحة والثقافة فى قسم الرعاية المتميزة أم أن المقصود هو الإشارة إلى ان الثقافة المصرية الرسمية قد دخلت فى قسم الرعاية الحرجة، وعلينا أن نصلى من اجلها وسبحان من له الدوام!!