بنمو 297%..بالم هيلز تحقق 32.3 مليار جنيه مبيعات بالربع الأول من 2024    ارتفاع عدد قتلى قصف إسرائيلي جديد لخيام النازحين شمال غربي مدينة رفح إلى 7 أشخاص    بشرى لعشاق الأبيض.. إغلاق كافة القضايا ضد مجلس الزمالك    تراجع المؤشر الرئيسى للبورصة بنسبة 1% بمستهل تعاملات جلسة منتصف الأسبوع    الإسكان: إجراء القرعة الرابعة لتسكين المواطنين بمنطقة جمعية الأمل سابقا بالعبور الجديدة    وزير المالية: تطوير نظام المتعاملين الرئيسيين لتنشيط سوق الأوراق المالية الحكومية    سعر الذهب اليوم الثلاثاء في مصر يهبط ببداية التعاملات    ارتفاع طفيف لأسعار الدواجن اليوم الثلاثاء في الأسواق (موقع رسمي)    الكهرباء تفتتح مشروع محطة طاقة الرياح بخليج السويس قدرة 252 ميجاوات    رضا حجازي يبحث مع وفد البنك الدولي التعاون في ملفات تطوير منظومة التعليم    البيت الأبيض يقيم ما إذا انتهكت إسرائيل "الخط الأحمر" لبايدن فى ضربة رفح    إعلام عبري: 86 مستوطنة تضررت شمالي إسرائيل بفعل صواريخ حزب الله    نائب رئيس "هيئة المجتمعات العمرانية" يتابع سير العمل بمشروعات مدينة حدائق العاصمة    "اللي بيحصل مسرحية".. محامي رمضان صبحي يفجر مفاجأة بشأن إيقافه 4 سنوات    مواجهة ثالثة تجمع الاتحاد وسبورتنج بسلسلة مباريات نصف نهائي دوري السوبر للسلة    وصلت المدارس.. تسليم أرقام الجلوس لطلاب الثانوية بعد التأكد من هذا الأمر    حريق هائل في منزل من 4 طوابق بالدقهلية    طقس ربيعى معتدل وانخفاض فى درجات الحرارة بسوهاج.. فيديو    مترو الأنفاق يتحفظ على لوحة إعلانية تسببت في تعطل مترو الخط الأول    مصرع شخص صعقا بالكهرباء داخل منزله بقرية شنبارة فى الشرقية    مصرع عامل تناول طعاما منزليا فاسدا بالبلينا جنوب سوهاج    عاشرها 15 يوماً وهي مكبلة.. قصة "رحمة" إحدى ضحايا "سفاح التجمع"    توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 28 مايو 2024.. مكاسب مالية ل«العذراء» ونصيحة مهمة ل«الميزان»    ضيف شرف "الدالي" نقابة الممثلين اللبنانية تنعى الراحل فؤاد شرف الدين    جامعة القاهرة تبحث تعزيز التعاون مع وفد صيني في تعليم اللغة الصينية والعربية    راندا عبد السلام تتألق بالأبيض في أحدث ظهور لها    مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية يوضح فضل حج بيت الله الحرام    وزير الصحة يبحث مع نظيره الفرنسي سبل تعزيز التعاون في اللقاحات والأمصال    صحة الإسماعيلية تنظم قافلة طبية في مركز التل الكبير    التفاح والتوت.. أطعمة تحسن من جودة النوم في فصل الصيف    «الإفتاء» توضح سنن وأحكام الأضحية.. احرص عليها للفوز بأجرها    بعد عطل المترو.. مد فترة السماح لدخول طلاب جامعة حلوان للامتحانات    اليوم.. الإعلان عن الفائزين بجوائز الدولة في الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية    رئيس وزراء إسبانيا: الدولة الفلسطينية حق مشروع لشعبها    عضو الأهلي: عشنا لحظات عصيبة أمام الترجي.. والخطيب «مش بيلحق يفرح»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 28-5-2024    حسن مصطفى: الجيل الحالي للأهلي تفوق علينا    حقوق الإنسان والمواطنة: هناك قضايا تحتاج للمناقشة فى الحوار الوطنى    فتح متحف التراث السيناوي مجانًا بمناسبة يوم الطفل    ما هي أعراض التسمم المائي؟.. وهذه الكمية تسبب تورم الدماغ    كوريا الشمالية تطلق صاروخا باتجاه أوكيناوا.. واليابان تحذر مواطنيها    «الأزهر للفتوى» يوضح المواقيت المكانية للإحرام كما حددها النبي    هند البنا: جنود الاحتلال الإسرائيلي يعانون من اضطرابات نفسية بسبب حرب غزة    استشاري صحة نفسية: نتنياهو شخص «مرتبك ووحشي»    السبت.. مجلس أمناء الحوار الوطني يواصل اجتماعاته    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 28 مايو في محافظات مصر    هل يجوز الحج بالتاتو المؤقت؟ دار الإفتاء تجيب    مدير المستشفى الكويتي برفح: أُجبرنا على الإغلاق بعد مصرع اثنين من العاملين    محمد رمضان يعلق على أحداث رفح الفلسطينية    عاجل - وكيل الأمين العام للأمم المتحدة: حذرنا من أن عملية رفح ستؤدي لمذبحة ولقد رأينا العواقب    مدرب الألومنيوم: ندرس الانسحاب من كأس مصر بعد تأجيل مباراتنا الأهلي    محمود فوزي يرحب بدعوة مدبولي لإشراك الحوار الوطني في ملف الاقتصاد    إستونيا: المجر تعرضت لضغوط كبيرة لتفسير عرقلتها مساعدات الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا    «من حقك تعرف».. هل تتنازل الزوجة عن قائمة المنقولات الزوجية عند طلب الخلع؟    شوبير: الشناوي هو أقرب الأشخاص لقلبي    عضو مجلس الزمالك: إمام عاشور تمنى العودة لنا قبل الانضمام ل الأهلي.. ولكن!    الكنيسة السريانية الأرثوذكسية تستعد لإقامة احتفالية بمناسبة عيد دخول السيد المسيح أرض الكنانة    إدارة المقطم التعليمية تستقبل وفدا من مؤسسة "حياة كريمة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوتين والقرم
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 03 - 2014

يتساءل الكثيرون اليوم .. ماذا بعد العقوبات ضد روسيا؟ هل يمكن ان يتراجع الرئيس بوتين عن قراره بشأن ضم القرم تحت تاثير هذه العقوبات؟. تساؤلات كثيرة تبحث عن اجابات بين ما قاله ارنولد توينبى حول «التحدى والاستجابة»، النظرية التى نراها تحدد ملامح سياسات الرئيس الروسى من منطلق قدراته على مواجهة المواقف الاستثنائية بردود افعال تفوق فى تاثيرها وقيمتها الافعال نفسها.
نظرة سريعة الى ما حققه الرئيس بوتين من مكاسب لبلاده منذ جاء الى السلطة فى نهاية 1999 تؤكد انه لن يتراجع عن ضم شبه جزيرة القرم التى ثمة من يحاول التشكيك فى مشروعية ضمها الى روسيا. وكان الزعيم وعلى عكس اسلافه فى الكرملين وتحديدا ميخائيل جورباتشوف وبوريس يلتسين، وبدلا من النكوص الى الماضى ومحاولة اجترار احزانه والبكاء على اطلاله، مكتفيا بالتمسك باهداب الحاضر، انطلق بوتين الى تصفية تبعات اخطاء ذلك الماضي، ومواجهة تحديات هذا الحاضر، سعيا وراء مستقبل قال ان بلاده تستحق أفضله. وثمة من يجد فى ذلك انعكاسا ايجابيا لما وصفه ارنولد توينبى المؤرخ البريطانى الشهير فى نظريته "التحدى والاستجابة" التى تقول "أنه كلما ازداد التحدى تصاعدت قوة الإستجابة حتى تصل بأصحابها إلى ما يسمى ب"الوسيلة الذهبية"، والتى تتلخص فى أنَّ الحضارة تقوم من خلال مواجهة التحدى بسلسلة من الإستجابات". انطلق بوتين لا يلوى على شئ، يشد من ازره ما تراكم لديه من خبرات "ضابط الكى جى بي" ومن ملفات جمعها بحكم مناصبه السابقة، مستفيدا من كبوات نظرائه ممن كان يعرف انهم يضمرون لبلاده مصيرا مشابها لما سبق وحققوه مع الاتحاد السوفييتى السابق. فما ان نجح فى وأد احلام الانفصاليين فى القوقاز والشيشان، واعادة بناء البيت من الداخل، حتى شخص بكل قامته فى مؤتمر الامن الاوروبى فى ميونيخ فى فبراير 2007 ليقول برفضه لعام القطب الواحد وعدم جواز استمرار زحف الناتو شرقا. اعاد على اسماع "خصومه وشركائه" ما قاله مانفريد فيرنر امينه العام فى اعقاب حلف وارسو 1991 حول ان الحلف لن يتقدم خطوة ابعد من حدوده الحالية شرقى المانيا الغربية!. وجاءت الازمة الاوكرانية لتوقظ روح التحدى لمواجهة مخططات الناتو والاتحاد الاوروبى وفضح حقيقة ان قائمة احلامهما المؤجلة لا تقتصر على جورجيا واوكرانيا، وانما تستهدف ايضا تقويض امن واستقرار روسيا والصين، على غرار ما حدث مع الاتحاد السوفيتى السابق، وهو ما قاله صراحة فى خطابه الاخير الذى القاه فى الكرملين لدى تناوله مسألة انضمام القرم الى روسيا. وكان بوتين اوجز فى هذا الخطاب رؤيته التى تقول إن روسيا تكتفي بهذا القدر من ردود الافعال، لكنها تظل يقظة لما قد يتخذه «الشركاء»، من خطوات تستهدف التطاول على حدودها، معلنا ان «اوكرانيا خط احمر» لن تسمح بلاده لاى كائن كان بتجاوزه!. ورغم ان الخطاب اتسم بنبرة ايقظت فى نفوس مواطنيه اعلى درجات الحماس والوطنية والرغبة فى استعادة امجاد الماضي، الا انه كان يتضمن ايضا الرغبة فى التهدئة من خلال الاشارة الى احترام وحدة اراضى وسيادة اوكرانيا، رغم تلميحات حول احتمالات مصير مماثل للقرم فى المحافظات والاقاليم الواقعة جنوب شرقى اوكرانيا والتى طالما كانت جزءا من الدولة الروسية، وبما يعنى ايضا .. "ان عُدْتُم عُدْنَا".
اذن.. ماذا بعد؟. هل تريد الدوائر الغربية ان يتراجع بوتين حتى يعودوا عن العقوبات وعن الضغوط التى تتصاعد يوما بعد يوم؟ هل هناك حقا من يتصور ان بوتين يمكن ان يعود عن قراره؟. الواقع الراهن يؤكد استحالة تراجع بوتين وهو الذى قال ان عدم الاستجابة لطموحات اهل القرم "خيانة". وكان اشار سابقا الى استعداد بلاده لقبول تعاون اوكرانيا مع الاتحاد الاوروبى شريطة ان يكون ذلك فى اطار ثلاثى يضم روسيا وهو ما سبق وعرضه على كييف والاتحاد الاوروبى منذ ما يقرب من ثلاثة اشهر. ما نعتقد فى انه قد يلقى قبولا لدى بوتين، يتمثل فى الاقتصار على عضوية اوكرانيا الاقتصادية فى الاتحاد الاوروبي، لكننا نكاد نجزم باستحالة استكانة بوتين لمخططات ضمها الى الناتو. وكان الرئيس الروسى قال صراحة انه لن يقبل باحتلال الناتو لسيفاستوبول القاعدة الرئيسية التاريخية للاسطول الروسى فى البحر الاسود.
واقع اليوم يقول ان بوتين وبعد ان حقق مبتغاه، يرغب فى التهدئة وعدم المضى الى ما هو أبعد فى تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، ما افصح عنه فى اجتماع مجلس الامن القومى الروسى اول من امس، حين قال بضرورة عدم تطبيق نظام التاشيرات مع مواطنى اوكرانيا حتى لو طبقت السلطات الاوكرانية ذلك بالنسبة لمواطنى روسيا، نظرا لان ذلك سوف يضرب بالدرجة الاولى مصالح الملايين من ابناء الدولة الاوكرانية. ومن المعروف ان قرابة ثلاثة ملايين اوكرانى يعملون فى روسيا، وتبلغ تحويلاتهم المالية ما يقرب من خمسة مليارات دولار سنويا، بل وقال بوتين بضرورة التريث تجاه اعداد قائمة مماثلة للقوائم التى صدرت عن الخارجية الامريكية والاتحاد الاوروبى بخصوص تجميد ارصدة وممتلكات عدد من الشخصيات القيادية الروسية المعروفة بقربها من الرئيس الروسي، رغم ما صدر عن وزارة الخارجية الروسية من بيان قالت فيه :"لقد حذرنا مرارا من أن استخدام آلية العقوبات أمر ذو حدين يمكن أن يلحق الضرر بالولايات المتحدة نفسها. وكان باستطاعة واشنطن أن تتأكد أكثر من مرة من أن استخدام هذه اللغة فى الحديث مع بلادنا شيء فى غير محله وغير بناء. ومن الضرورى الا يساور الشك احدا فى ان روسيا سترد بالمثل على اى تصرف عدواني".
بيد ان بوتين لن يظل طويلا فى موقف الدفاع ، وهو الذى طالما اثبت براعته فى تحويل رد الفعل، ليس فقط الى فعل مساو له فى القوة ومضاد له فى الاتجاه، بل والى ما هو اكثر منه فى القوة وما يكتنف الغموض اتجاهاته. ولعله فى ذلك يتكئ على قدرات وحنكة دبلوماسية منقطعة النظير لعميد الدبلوماسية الروسية سيرجى لافروف احد اهم رجال الدبلوماسية العالمية ممن "دوًخوا" اقطاب الدبلوماسية الامريكية ومنهم كولين باول وكونداليزا رايس وهيلارى كيلنتون، والآن جون كيرى ونظراءه فى البلدان الغربية، استنادا الى خبرات طويلة فى الامم المتحدة التى شغل فيها منصب المندوب الدائم لبلاده لما يزيد على العشر سنوات. من هذا المنظور نتوقف عند ما قاله سيرجى ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسية حول ان روسيا سترد على العقوبات التى فرضتها الدوائر الامريكية بمجموعة اوسع من الاجراءات لم يكشف عن مكنونها، وإن اشار الى ان المباحثات السداسية مع ايران حول برنامجها النووى يمكن ان توفر الوسيلة المناسبة للرد. واضاف قوله:" ان موسكو لا ترغب فى استخدام هذه المحادثات كعنصر فى زيادة المخاطر الدبلوماسية، وان الأهمية التاريخية لما حدث فى الأيام والأسابيع الماضية فيما يتعلق بضم القرم لا يمكن ان يقارن بما تفعله موسكو فيما يتعلق بإيران. واذا استعدنا ما سبق وحققته موسكو من نصر فى سوريا حين اجهضت مخططات الضربة الامريكية واستخدام القوة ضد النظام هناك فاننا نكون امام واقع يقول ان موسكو ليست فى هذه الحلبة وحدها. ونقصد بذلك التنسيق المستمر مع مختلف اللاعبين الدوليين سياسيا واقتصاديا، بل وعسكريا ومنهم الصين واعضاء مجموعة بريكس التى تضم ايضا الى جانب القطبين الاعظم الصين وروسيا كلا من الهند والبرازيل وجنوب افريقيا. وبهذه المناسبة كشف بوتين فى خطابه الاخير عن تنسيق غير مباشر مع كل من الصين والهند حين وجه لهما علانية شكره على تفهمهما لسياسات روسيا تجاه هذه المسألة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.