مع حلول عيد الأم واحتفالات الأسر بهذا اليوم.. هناك أيضا أمهات حرمن ليس بالاحتفال فقط بل بعدم رؤية أولادهن أو أحفادهن ويعشن خلف جدران دور المسنين، على أمل العودة لأحضان أبنائهن وبناتهن، بعد أن تحولت العلاقة بينهم إلى مجرد زيارة روتينية قد تتم مرة فى العام لتقديم الهدايا ليغادر بعدها الأبناء تاركين الأمهات فريسة للوحدة والألم كلما استعادوا الذكريات ورحلة الكفاح والتضحية من أجل سعادة أبنائهن.. فى «عيد الأم» كيف تبدو دار المسنين وهل تستطيع الهدايا منح السعادة لقلوب حزينة وعيون باكية.. يقول مدير إحدى دار المسنين أنه فى صباح يوم عيد الأم نحرص على إعداد قائمة للاحتفالات واستقبال الضيوف، سواء من قبل الأبناء أو من بعض المؤسسات للتعبير عن الحب للأمهات التى اضطرتهن الظروف للعيش فى دار المسنين حتى لا يشعرن بالوحدة فى منازلهن، فأى زيارة لهن تخفف من شعورهن بالوحدة فهن لسن فى حاجة مادية ولكن يحتجن إلى مشاعر الود. وطالب بضرورة توجيه الشباب والفتيات للتردد على دور المسنين لإضفاء السعادة على الأمهات الحزينة اللاتى أفنين شبابهن لإسعاد أبنائهن. خلف دار المسنين حكايات أغرب من الخيال قد يعجز سيناريو فيلم عن التعبير عنها.. تقول مسنة تبلغ السبعين من عمرها تعيش بالدار منذ ما يقرب من سبع سنوات: أنا مريضة بالسكر وأصبت بغرغرينا فى ساقى حتى قرر الأطباء البتر، وعندما خرجت مع أبنى المهندس للمنزل لم تمض سوى أيام قليلة وشعرت بضيق زوجته من وجودى معهم، وكانت تحدث مشاجرات شبه يومية بينهما، وترامت لاسماعى كلمات حادة عن وجودى كأم عاجزة، وإنها تحولت لخادمة لى وغيرها من الكلمات القاسية، وعندها طلبت من ابنى الاستعانة بخادمة أو ممرضة وأبديت استعدادى لتحمل جميع نفقاتها، ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن.. للأسف ابنى أيضا إصيب بعدوى الضيق والضجر من وجودى، و فى هذه الأثناء اقترحت على جارتى الحياة فى دار المسنين ووافقت على الفور، وللأسف لم يسأل إبنى عنى من وقتها ولو مرة واحدة.. وتتذكر رحلة حياتها فتقول من أجله بذلت الكثير فقد توفى زوجى ولم أتجاوز ال45 عاما، ورفضت الزواج من أجله واقترضت من البنك لمساعدته فى شئون الزواج، وكل ذلك لم يشفع لى عنده حتى بالسؤال عنى ولمعرفة ما إذا كنت حية أم لا.. لم تكن هذه السيدة النموذج الوحيد لإهمال بعض الأبناء لأمهاتهم فى دور المسنين ويرى د.حمدى حافظ أستاذ الاجتماع بجامعة جنوب الوادى أن المسئولية فى هذه النماذج من الجحود تعود إلى أسلوب التربية حيث يجب أن تراعى الأم فى تربية الأبناء زرع مبادئ الدين السليم فهذا يساعدهم على حب الوالدين وطاعتهما والبر بهما، ولكن فى حالة وجود أسر مفككة وتدليل ينعكس هذا بصورة سلبية على الأبناء ويؤدى إلى الأنانية وتغليب المصلحة الشخصية! وأضاف أن كبار السن ثروة يجب الاستفادة منها، وإقامتهم داخل الأسرة أفضل وسيلة للاستفادة من خبراتهم وعطائهم، وأيضا المحافظة على صلة الرحم معهم، ولكن إذا اقتضت الظروف إقامتهم فى دور المسنين فيجب ألا ننساهم ونحيطهم بالحب والحنان وألا تقتصر علاقتنا بهم على هدية بين الحين والآخر. ويوضح د.عادل مدنى أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر أن هذه الدور وسيلة لحماية لكبار السن الذين لا يجدون عائلا يخدمهم ويتولى أمرهم، وأكد أنه فى حالة دخول الأمهات أو الأباء لدور المسنين لابد من التواصل معهم لأن عندما تنقطع العلاقة يصاب الفرد بالاكتئاب والأمراض النفسجسمية وهو مرض نفسى يصاب فيه المريض بالعديد من الأمراض الجسمية.. وأشار إلى أن العلاقات داخل هذه الدور أشبة بالتنظيم الدقيق، فالمسن يعتقد انه فقد علاقته بأبنائه ويصبح لديه حساسية من أى شئ، كما يرى أيضا أن دوره فى الحياة قد أنتهى، وقد يشعر بمرارة شديدة عندما يجد أن أبناءه يقومون بنفس الدور الذى كان يقوم به فى الماضى.. ويطالب د.عادل مدنى الأبناء أن يعيدوا حساباتهم جيدا مع علاقتهم مع آبائهم لأن المسن من الممكن بأن يكون له أدوار متعددة فى غاية الأهمية وخاصة فى الأسر التى تعمل فيها الزوجة فيقدم الخبرات، وبعض الخدمات البسيطة التى تساعد على استمرار الحياة، ومن الممكن أن نجد له دورا مثل رعاية الجدة للصغار عند ذهاب الأم للعمل لشغل أوقات فراغهم.