أستلهمت روحه وشعرت إنى أقف أمام الخديوى توفيق أخطب خطبته العصماء من أجل الحرية عندما قال الزعيم أحمد عرابى جملته الشهيرة «لقد خلقتا الله أحرارا ولم يخلقنا تراثا أو عبيدا « . وقفت نفس وقفته الحازمة فى وجه أمى وأنا على مشارف العشرين من عمرى وكنت أشعر إنى كبرت بما فيه الكفاية وكانت هى تعاملنى وتخاف علىٌ كالطفلة وقلت لها «أسمعىينى يا ماما صحيح إنتى تعبتى معايا وصحيح إنتى غالية عليا لكن إنتى كمان مستفيدة ، أه مستفيدة ، أنا بنت شاطرة وبنجح وبفرحك ده غير إنى مثقفة وكل الناس بيحسدوكى عليا نبقى خالصين أنتى تعبتى وأنا فرحتك ، وأنا كبرت ومفيش داعى تحسسينى إنى لسه طفلة». وما كان منها إلا أن نظرت لىٌ نظرة حانية دافئة كعادتها وصاحب هذه النظرة إبتسامة صادقة لم أفهمها وقتها ولم تتكلم ولكننى كنت أشعر إنى صاحبة رأى ويجب أن أستقل به وعلى الجميع أن يحترمنى بما فيهم أمى الغالية ، ومرت الإيام سريعة وجاء دورى لأصبح أما لثلاثة أطفال وإيقنت منذ أن رأيت طفلتى تبكى وتبحث عنى وهى فى ساعات العمر الأولى أن الأمومة ليس لها ثمن ولا يوجد لها وصف منتهى الحب والعشق لكائن أنا كل حياته وهو كل مستقبلى أذوب فى ضحكتهم ويعتصر قلبى الألم لوجع يصبيهم واحضنهم ليظنوا هم أنهم ينهلوا من حبى ولايعلمون أنهم علمونى الحب وفهمت اليوم نظرة أمى من سنوات طويلة كانت فرحة بىٌ وغير غاضبة من كلامى الأحمق وكنت أنا شابة يافعة أبحث عن دور وشخصية ومنفذ للخروج من عباءة أمى . اليوم وبالنيابة عن كل فتاة تظن أنها كبرت أعتذر لأمى وأقول لها أن دور الأم هو الدور الأهم فى فيلم الحياة وأعتذر للزعيم أحمد عرابى لأنى استخدمت وقفته فى غير مكانها ، وقف هو فى وجه الظلم والاستبداد واستحضرته أنا فى وجه الحب والحنان والطيبة ، كل سنة وأنتى طيبة يا كل أم فى العالم وكل سنة وانتى طيبة با أمى .