من المعروف أن أوركسترا الحجرة تقدم الموسيقى العالمية، والموسيقى العالمية هى التى تقود المثقف إلى عالم الخيال والجمال.. وهى أيضاً قادرة على إحداث المشاعر المتنوعة كالحزن والفرح والحب والبطولة إنها فن إنشاء وإنماء الأفكار الصغيرة فى بناء هندسى قوامه المنطق..بمعنى أن موسيقى أوركسترا الحجرة تقدم منذ بداية نشأتها فى القرن السادس عشر موسيقى الحضارة والرقى والجمال الأخاذ لأنها ببساطة تخاطب النخبة المثقفة الراقية فكان عدد أفراد الأوركسترا أربعة أو خمسة عازفين وجميعهم يعزف على الآلات الوترية وكانت تلك الحفلات الموسيقية تقدم فى القارة الأوروبية فى حجرات خاصة فى قصور الأمراء والنبلاء فى ليالى سمرهم ومرحهم وهى عبارة عن قاعات كبيرة للاستماع والاستمتاع بموسيقى الحجرة . وكانت هذه القاعات بها " كلافسان" وهى آلة من أسلاف البيانو ومن هنا نشأ إصطلاح موسيقى الحجرة أو أوركسترا الحجرة. وقد انتشر تماماً هذا النوع من الموسيقى الراقية فى القرنين السابع عشر والثامن عشر بل وما زال مستمراً حتى اليوم. ويعتبر هذا النوع من الموسيقى نوعاً راقياً للترفيه عن أصحاب الذوات والأمراء فى المناسبات الاحتفالية المختلفة؛ وقد برع فى القالب الموسيقى لأوركسترا الحجرة العديد من المؤلفين الموسيقيين العالميين وقدموا للعالم المتحضر روائع الأنغام الحالمة والتى ما زالت تقدم فى دور الأوبرا وتلقى النجاح حتى اليوم ، ومن هؤلاء الموسيقيين العالمين على سبيل المثال أنطونيو فيفالدى الإيطالى والذى كان أول من عبر عن فصول السنة الأربعة بالحوار الموسيقى بين آلة الكمان وأوركسترا الحجرة بل وما زال هذا العمل يقدم حتى اليوم بنجاح فنى فى جميع دور الأوبرا فى العالم والمعروف بكونشرتو الفصول الأربعة. وبالطبع يستلزم مثل هذا العمل الرفيع المستوى وجود مهارات موسيقية فنية عالية المستوى لجميع العازفين ، كما نجح أيضاً فى تقديم المؤلفات الخاصة لأوركسترا الحجرة المؤلف الموسيقى الألمانى يوهان سباستيان باخ. الذى برع فى تقديم الألحان الكنائسية وتخصص فى تقديم روائع الأنغام للآلات الوترية بأعمال لاقت إقبالاً ملحوظاً من جماهير المثقفين ... ولا ينسى قلمى المؤلف النمساوى البارع أماديوس موتسارت حيث قام بتأليف العديد من الأعمال الخاصة لأوركسترا الحجرة أذكر منها على سبيل المثال "ليلة موسيقية" والتى مازالت تقدم حتى اليوم بنجاح فنى عالى المستوى .. بل تطورت أوركسترا الحجرة وأصبحت تقدم اليوم فى دور الأوبرا بأعداد تصل إلى خمسة عشر عازفاً. وبالطبع جميعها آلات وترية فقط لكنها فى الحقيقة تعبر عن الموضوعات المختلفة بعمق وجمال روحانى محسوس لكنه غير مرئى.. ويجعل المستمع المثقف فى قمة السعادة الروحانية وكل من هؤلاء الموسيقيين العالميين إستطاع أن يعبر عن آلامه وأفكاره وأحاسيسه بالتعبير الموسيقى الأخاذ والذى استحوذ على إعجاب جماهير الذواقة فى شتى أنحاء العالم المتحضر. وذلك نتاج حب الموسيقى العالمية التى تعتبر أحدى أهم زهور الفنون الجميلة وأروعها والتى استطاعت أن تسيطر تماماً على مشاعر وأحاسيس الإنسان المثقف الباحث عن الجمال المعنوى أينما كان . سمير خوري