ارتبط الاحتفال بالفن والفنانين فى مصر بعهود الحرية والتسامح ، والتسامى الفكري،والرقى الحضاري، فمع الاستقرار وبشائر النهضة والأفق المفتوج يأتى تقدير الفن والفنانين وكل المبدعين. وعندما فكر الرئيس الراحل انور السادات فى إقامة عيد للفن فى عام 1976عكس ايمانه بدور الفنان وقيمته فى إرساء القيم الإنسانية النبيلة .. ومعانى السمو بالروح .. والارتقاء بالوجدان.. و تثمين الجمال فى نفوس المصريين، وجاء اعترافا بفضل الفن الراقى فى جعل مصر مركز إشعاع فنى فى العالم العربى .. حيث أسهم نتاج فنانيها ومبدعيها فى نشر ثقافتها ولهجتها فى ربوع وطننا العربى .. وكان أدبها منهلاً ثقافياً يرتقى بالذوق العام .. فى حين مثل مسرحها وفنها السابع ريادة فن التمثيل ومصدر إلهام ونبوغ لمحيطها الإقليمي.
وبعودة عيد الفن -الذى استبدله الرئيس الاسبق حسنى مبارك بجوائز الدولة التشجيعية والتقديرية فى مجالات الفنون والثقافة-يعود الاعتراف بفضل الفنانين والمبدعين من أبناء الشعب المصرى وتعود الطبيعة السمحة لوطننا ،ونؤكد مرة أخرى ريادة الفن المصرى وأن الفنان سيبقى دائما منارة تضيء بالفكر وتنشر النور والوعي، وأن مصر لا تنسى أبناءها ممن أثروا حياة شعبها .. وارتقوا بإحساسه .. وساهموا فى نضوج وعيه ... وتنوير عقله. وفى احتفالية مصرية رائعة شهدتها دار الاوبرا امس الاول ، ،تم تكريم عدد كبير من فنانى مصر ومبدعيها أثروا وجداننا فى مجالات الأدب وكتابة السيناريو والإخراج السينمائى والتمثيل والغناء. كان الرئيس المصرى الأسبق جمال عبد الناصر حريصا على تكريم الفنانين المصريين، لإيمانه بدور الفن والفنانين فى تعبئة المشاعر الوطنية لبناء مصر الحديثة التى كان يحلم بها، ولذلك كان يكرم رموز الفن كل عام فى عيد العلم، فقد كرم أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم حافظ،وفريد الأطرش وغيرهم من الفنانين،واستمر هذا التقليد متبعا، حتى حدثت نكسة عام 1967، التى كانت نكسة فى كل الميادين ومنها الفن، حتى تولى السادات الحكم بعد وفاة عبد الناصر، وفى عام 1976 فكر فى إقامة عيدا للفن لأنه كان بطبعه فنانا، ويقدر الفن والفنانين، وكان مقتنعا بقيمة الفن واهميته فى اثراء حياة الشعوب الفكرية والثقافية ، فأقام عيد الفن والقى خلال نسخته الاولى كلمة مؤثرة امام مثقفى وفنانى مصر قال فيها : يسعدنى كل السعادة أن ألتقى اليوم كل فنانى وفنانات مصر وكتابها ومفكريها وقادتها على جميع المستويات فقد جئنا إلى هنا لنحتفل بعيد الفن، والاحتفال بعيد الفن هو فى الحقيقة احتفال بمصر وبالقيم الانسانية العليا. وتم بعدها منح جائزة "الجدارة" وقدرها ألف جنيه لعشرة من الفنانين والكتاب وذلك بناء على اقتراح أكاديمية الفنون، ومنح شهادة تقدير لعدد من الفنانين والكتاب، بالاضافة الى قرار الرئيس السادات بالتأمين الشامل على الفنانين والكتاب والمثقفين . وشهدت اعياد الفن فى سنواتها الاولى تكريم مجموعة من رموز الفن المصرى فى مقدمتهم زينات صدقى ومريم فخر الدين والموسيقار محمد الموجى ومحمود المليجى والمخرج الكبير كمال الملاخ والفنان حمدى غيث وسعاد حسنى . وفور تولى الرئيس المخلوع مبارك مقاليد الحكم قام بتغيير اسم عيد الفن واستبدله بجوائز الدولة التشجيعية والتقديرية فى مجالات الفنون والثقافة . ويعود سبب إلغاء عيد الفن إلى عام 1981، حينما اعترض رئيس اتحاد الفنانين آنذاك الكاتب الكبير سعد الدين وهبة على عدم حضور رئيس الجمهورية الراحل محمد أنور السادات ليسلم الفنانين المكرمين الدروع والجوائز، وقرر السادات وقتها إنابة نائبه وكان وقتها محمد حسنى مبارك، وأحدث هذا الموقف انقسامات داخل صفوف الفنانين فمنهم من اتفق مع رأى وهبة ورأى ان هذا التصرف إهانة للفن، والبعض الآخر التمس العذر للسادات، خاصة انه كان قد حضر العام السابق حفلين أُقيما لعيد الفن. ففى عام 1980 أقامت وزارة الثقافة احتفالا خاصا بعيد الفن على مسرح ''سيد درويش'' وأحيته فرقة هانى مهنى، أما الحفل الثانى فنظمته وزارة الإعلام وأحيته فرقة أحمد فؤاد سليم على ''مسرح الجمهورية''، ووافق السادات على حضور الحفلين تكريما للفنانين لما عُرف عنه من حب للفن؛ وكان اعتراض الفنانين وفى مقدمتهم الكاتب سعد الدين وهبة وإعلانهم تنازلهم عن الجوائز ردا على عدم حضور السادات سببا فى إلغاء عيد الفن على مدار 33 عاما، خاصة أن الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك اعتبر هذا التصرف رفضا لشخصه. وصاحب امتناع الدولة عن إقامة الاحتفال السنوى بعيد الفن كل عام وعلى مدار 33 سنة، استياء كبير من الفنانين، واعتبروه عدم اهتمام بقيمة الفن والفنان، فطالبوا طوال السنوات الماضية بعودة عيد الفن ليضيء الحياة الفنية من جديد وليكون بداية حقيقية لاهتمام الدولة بالفن وبقيمة وبدور ما يقدمه من رسالة سامية هدفها الارتقاء بالمجتمع. وسعى الفنانون إلى عودة ''عيد الفن'' واستطاعوا قبل ثورة يناير الحصول على موافقة بعودته بعدما قابل وفد منهم الرئيس الأسبق، لكن حالت الظروف السياسية دون ذلك، إلى أن نجح رئيس الاتحادات الفنية الموسيقار هانى مهنى فى الحصول على موافقة ودعم من وزارة الثقافة برئاسة الدكتور محمد صابر عرب.
انتقادات للنقل التليفزيونى للاحتفالية كتبت فاطمة شعراوى: برغم أهمية الحدث الذى شهدته احتفالية عيد الفن بدار الأوبرا المصرية فإن النقل التليفزيونى للمشاهدين لم يكن على نفس القدر من النجاح الذى شهدته الاحتفالية بداخل المسرح والذى شعر به جمهور الحاضرين. بينما لم يستمتع المشاهدون عبر التليفزيون بمشاهدة الحفل وهو ما أثار الجدل على مواقع التواصل الاجتماعى عبر ردود أفعال مختلفة حول النقل التليفزيونى للحفل. فقد كان المشاهد والمتابع من شاشة التليفزيون يتمنى أن يرى صورة واضحة للفنانة القديرة فاتن حمامة على المسرح لدى تكريم الرئيس عدلى منصور لها إلا أن النقل التليفزيونى أظهرها فى كادر ضعيف لم تأخذ حقها فيه فليم يستمتع المشاهد بلحظة تكريمها على المسرح، وكذلك معظم الكلمات التى تم إلقاؤها لحظة التكريم للفنانين جاء اختيارها غير مناسب بشكل كبير للحدث المهم، كما كان يتم القطع عليها فورا قبل اكتمال المشهد المذاع. كما شهد النقل التليفزيونى اهتزازا للصورة منذ بداية الحفل وعدم ثباتها فى كثير من الأحيان واللقطات، مع افتقاد التركيز على لقطات مهمة مثل مشهد إهداء الفنانين حسين فهمى ونور الشريف درع الفن للرئيس عدلى منصور.. فقد مرت تلك اللقطة بدون التركيز عليها أو توضيحها للمشاهد بالإضافة للقطات أخرى كان لابد توضيحها للمشاهد خاصة مع انقطاع الصوت بكل متكرر.