ثمة دلالات شديدة الأهمية للقرار الذى أصدرته المملكة العربية السعودية فى هذا التوقيت. أول هذه الدلالات أنه ينطوى على تعزيز وإسناد قوى لقرار مشابه للحكومة المصرية قبل نحو شهرين بعد سلسلة من أعمال التفجيرات التى شهدتها المنشآت الأمنية الحيوية لاسيما تفجير مديريتى أمن الدقهليةوالقاهرة . وهو ما اعتبرته وزارة الخارجية فى بيان أدلى به الناطق الرسمى باسمها السفير بدر عبدالعاطى تطورا نوعيا فى الموقف السعودى ويعكس مدى التنسيق والتضامن بين البلدين اللذين يمثلان ركيزة العمل العربى المشترك يشكل هذا القرار أول استجابة عربية رسمية لطلب مصر الذى قدمه وزير خارجيتها نبيل فهمى الى الأمين العام للجامعة العربية بدعوة الدول الأعضاء فيها لاعتبار الإخوان المسلمين جماعة إرهابية بموجب اتفاقية مكافحة الإرهاب العربية والتى وقعت عليها 17 دولة عربية وبالفعل قام العديد من هذه الدول بإخطار القاهرة بالالتزام بتطبيق هذه الاتفاقية مكافحة الإرهاب، ووفقا لمصادرديبلوماسية عربية فإن هذه الخطوة ستشجع الكثير من الدول العربية للقيام بخطوة مماثلة بحسبان أن المملكة هى أكبر دولة خليجية . القرار الذى لم يقتصرعلى جماعة الإخوان فحسب وإنما امتد الى منظمات القاعدة وداعش والنصرة، والقاعدة فى جزيرة العرب واليمن والعراق وحزب الله داخل المملكة وجماعة الحوثيين، منظمات إرهابية، يعد خطوة مهمة لإطلاق مواجهة عربية وإسلامية من أجل اجتثاث التهديد المصيرى الذى تمثله هذه الجماعات والمنظمات، بعدما باتت ممارساتها تشكل خروجاً على كل القيم الإنسانية والدينية، وبما يلتقى تماماً ويتقاطع مع الأهداف التى تسعى إليها "إسرائيل" منذ قيامها، وما يدعو إليه الفكر الصهيونى العنصري، من إضعاف للأمة وتفكيك لأواصر وحدتها وقوتها . هذا القرار جاء مكملا للخطوات العملية التى قدمتها المملكة لمكافحة الإرهاب وكان آخر تجلياتها الأمر الملكى الذى أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز خلال الشهر الماضى بتجريم مشاركة السعوديين فى أعمال قتالية خارج البلاد وهوماوصف بالخطوة النوعية على صعيد محاربة آفة الإرهاب على المستويين الإقليمى والدولى فضلا عن إصدار الحكومة السعودية قانوناخاصا لمكافحة الإرهاب وذلك ضمن سياق يعتمد على مايسمى بالحوار والمصالحة مع عناصر كانت تنتمى لتنظيمات متشددة وبعد إقناعها فكريا وسياسيا بخطورة هذا الانتماء تراجعت وأعلنت توبتها وفتحت لها أبواب الانخراط فى الحياة الطبيعية والحصول على وظائف حكومية توفرلها العيش الكريم وقد بلغ أعداد هؤلاء أكثر من 1500 شخص بعضهم سعى من تلقاء نفسه للتواصل مع السلطات الأمنية وذلك فى إشارة الى أن الرياض لم تعتمد على الحل الأمنى فقط والذى حققت فيه نجاحات هائلة ولكن عبرمقارعة الفكر المنحرف بالفكر الأصيل الصحيح، وبرامج المناصحة، ومحاصرة المحرّضين والمغرِّرين بعقول الشباب، وتجفيف المنابع المالية التى تموله. لقد أدركت المملكة منذ سنوات أن الارهاب ظاهرة أممية يستدعى مواجهتها تعاون دولى فالإرهابيون يتحركون عبر الحدود وتربطهم اتصالات اجرامية فى أرجاء المعمورة، ولذلك ظلت تلح فى دعوتها الى التعاون والتنسيق الدولى فى اطار «مؤسَّسي» لمواجهة تحركات الارهابيين وخططهم الاجرامية, وتجلى ذلك فى المبادرة التى قدمها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتأسيس المركز الدولى لمكافحة الإرهاب» التابع للأمم المتحدة فى سبتمبر من العام 2012 ليبلور فكرة التعاون والتنسيق الدولى فى مواجهة الارهاب تحت مظلة أممية بتقديمه تبرعا سخيا بمبلغ مائة مليون دولار لدعم المركز وتفعيل نشاطه .