بالرغم من التهديدات الغربيةلروسيا لإجبارها على التراجع عن التدخل العسكرى فى أوكرانيا، واصلت موسكو المضى قدما فى تجهيزات الحرب استعدادا للمعركة القادمة فى شبه جزيرة القرم الأوكرانية. وأكد المتحدث باسم حرس الحدود الأوكرانى أمس وجود تعزيزات من المدرعات على الجانب الروسى من قناة «كيرش» التى تفصل بين روسيا ومنطقة القرم. وقال المتحدث:«تم تعزيز المدرعات الروسية قرب ميناء سيفاستوبول على الجانب الروسى من مضيق كيرش الذى يفصل الطرف الشرقى لشبه جزيرة القرم والطرف الغربى لشبه جزيرة تامان الروسية»، مضيفا أن السلطات الروسية عطلت خدمات الهواتف المحمولة فى بعض المناطق. ولم يذكر المتحدث عدد المركبات المدرعة التى احتشدت فى الأراضى الروسية. ونقلت وكالة «انترفاكس» الروسية للأنباء عن وزارة الدفاع الأوكرانية قولها إن المقاتلات الروسية اخترقت المجال الجوى الأوكرانى مرتين خلال الليل فوق البحر الأسود. وذكرت أن السلاح الجوى الأوكرانى دفع بطائرات «سوخوى إس.يو-27» لمطاردة الطائرات الروسية ومنعها من القيام بأى «اعمال استفزازية». جاء ذلك فى الوقت الذى دافع فيه الجانب الروسى عن معركته القادمة. وقال الرئيس الروسى فلاديمير بوتين إن الإجراءات التى تتخذها بلاده حيال أوكرانيا تتناسب تماماً مع الوضع الحالى الاستثنائى هناك. وأضاف بوتين، خلال اتصال هاتفى مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أن التهديدات بأعمال عنف من جانب القوى القومية المتطرفة التى تهدد حياة ومصالح المواطنين الروس والناطقين من السكان باللغة الروسية لم تتوقف. وأشارت وكالة أنباء «إيتار- تاس» الحكومية الروسية إلى أن تعبير بوتين جاء رداً على اعتبار ميركل التدخل الروسى فى القرم «غير مقبول وينتهك القانون الدولي». من جهته، اعتبر وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف أمس «أن من يفسر الموقف على أنه عدوان ويهدد بالعقوبات والمقاطعة هو نفسه الذى شجع بصورة منهجية على رفض الحوار واستقطاب المجتمع الأوكراني، مؤكدا أن الأمر يتعلق فى المقام الأول بالدفاع عن مواطنينا وضمان حقوق الإنسان والحق بالحياة. وجدد لافروف أثناء افتتاح الجلسة الرئيسية السنوية لمجلس حقوق الإنسان بجنيف مهاجمته لأوكرانيا واستهدافها الأقليات، على حد تعبيره، قائلا «المتشددون لا يزالون يسيطرون على المدن.. وبدلا من الوعود التى قطعت تم تشكيل حكومة من المنتصرين واتخذ قرار فى البرلمان الأوكرانى لخفض حقوق الأقليات اللغوية». وتابع :«أمام هذه الظروف، طلبت القرم من الرئيس الروسى إحلال السلام»، وهى الدعوة التى أكد أنها مطابقة للقانون الروسي. فى الوقت ذاته، شدد رئيس الوزراء الروسى ديمترى ميدفيديف على أن الرئيس الأوكرانى المخلوع فيكتور يانوكوفيتش لا يزال الرئيس الشرعى لأوكرانيا وإن كانت سلطته محدودة. وكتب مدفيديف على حسابه على موقع فيسبوك «نعم، سلطة الرئيس يانوكوفيتش شبه معدومة، لكن ذلك لا يلغى أنه الرئيس الشرعى للدولة بموجب الدستور الأوكراني». وأكد مدفيديف استعداد روسيا لتطوير «علاقات متعددة الجوانب ومحترمة مع البلد الشقيق أوكرانيا»، ولكن ليس مع السلطات الانتقالية التى حلت محل يانوكوفيتش. على صعيد آخر، أكد وزيرا الخارجية الروسى سيرجى لا فروف والصينى وانج يى فى اتصال هاتفى أمس تطابق وجهات نظرهما بشأن الوضع فى أوكرانيا. وقالت وزارة الخارجية الروسية فى بيان، إن لافروف ووانج اتفقا على أن التعامل بشكل ملائم مع الأزمة أمر مهم لحماية السلام والاستقرار الإقليميين. من جانبها، اعتبرت وكالة الأنباء الروسية «نوفوستي» أن تلويح موسكو باحتمال استخدام القوة فى أوكرانيا والقرم يعبر عن نفاد صبر روسيا على حلف شمال الأطلنطى «الناتو»، وأنه لم يعد لروسيا طاقة على الصبر على تمادى الحلف بقيادة الولاياتالمتحدة فى تنفيذ خططه العدائية. كما دافع رئيس الوزراء الجديد لشبه جزيرة القرم الأوكرانية سيرجى أكسيونوف عن الاستيلاء على السلطة. وقال أكسيونوف الموالى لروسيا فى تصريحات صحفية «الساسة فى ميدان الاستقلال بالعاصمة كييف دعوا الشعب للسيطرة على السلطة.. والآن الشعب أخذ السلطة.. ومن ثم فما يسرى فى العاصمة كييف يتعين أن يسرى أيضا على جمهورية شبه جزيرة القرم ذات الحكم الذاتي». وعلى الصعيد الغربي، واصلت الولاياتالمتحدة استقطابها لأوكرانيا .وأعلن وزير الخزانة الأمريكى جاكوب لو أن بلاده على استعداد لتقديم «كل الدعم اللازم» لأوكرانيا لمساعدتها على استعادة استقرارها المالى ضمن إطار برنامج يضعه صندوق النقد الدولى وتصاحبه إصلاحات اقتصادية تقوم بها حكومة كييف. وقال «لو إن الولاياتالمتحدة مستعدة للعمل مع شركائها الثنائيين والمتعددى الجنسيات لتقديم كل الدعم اللازم لأوكرانيا كى تستعيد الاستقرار المالى وتعود إلى النمو الاقتصادى إذا ما نفذت الحكومة الجديدة الإصلاحات اللازمة». يأتى ذلك فى الوقت الذى يستعد فيه جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى للتوجه إلى كييف للتعبير عن دعم بلاده للسلطات الانتقالية هناك فى مواجهة «احتلال» روسيا لشبه جزيرة القرم. وتصر واشنطن على أن المسلحين الذين يواصلون السيطرة فى القرم على عدد من المواقع الاستراتيجية والقواعد العسكرية جنود روس بالرغم من أنهم لا يحملون أى إشارت مميزة تدل على هويتهم، ونفى موسكو لصلتها بهم. من جانبهم، أدان زعماء مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى «الانتهاك الواضح» لسيادة أوكرانيا من جانب روسيا، وأعلنوا تعليق التحضيرات الجارية لقمة مجموعة الثمانى «مجموعة السبع+روسيا» المقرر عقدها فى منتجع سوتشى الروسى فى يونيو المقبل .