قد يظن البعض أن دعوتنا إلي عودة علم الاستقلال المصري الأخضر ذي الهلال والنجوم الثلاثة البيضاء به نوع من التشبه بليبيا التي أعادت علم الاستقلال فعليا أو الثورة السورية التي ترفع علم الاستقلال السوري رمزا لها وواقع الحال يشهد أن هذه الدعوة قديمة, وإن ظهرت بقوة بعد ثورة25 يناير سوف أسوق اسبابها باختصار. أولا: ان العلم لا يعبر عن مصر اطلاقا فضلا عن تشابهه مع أعلام دول عربية كثيرة كسوريا والعراق واليمن مع فروق غير مرئية, فعلي سبيل المثال لا يمكن تفريق علمنا الحالي عن علم اليمن سوي بالنسر الأصفر في علمنا غير الواضح في أغلب الأحيان في حين أن أي علم يجب أن يكون رمزا متفردا للوطن معبرا عن حضارته وهكذا كان علم الاستقلال المصري مميزا ومعبرا عن مصر بخلفيته الخضراء رمز أرض مصر الخصبة وحضارة وادي النيل والهلال رمز الإسلام المكون الرئيسي لثقافة المصريين المحتضن لثلاث نجوم تمثل الأديان السماوية الثلاث, وما علي أرض مصر من تسامح, وهو علي النقيض من علمنا الحالي الذي يرمز فيه اللون الأسود علي سبيل المثال إلي مرحلة ما قبل ثورة23 يوليو1952 التي إن كانت كذلك فعلا فهل يعقل أن نضع أيامنا السوداء في علم نحييه ليل نهار؟! ثانيا: إن علم الاستقلال هو العلم الوحيد الذي أبدعه المصريون لم تفرضه حكومة ولا حاكم, فهو مستمد من علم ثورة1919 ذي الخلفية الخضراء التي يعلوها هلال وصليب رمز الوحدة الوطنية, والجدير بالإشارة ان علم مصر وقتها كان لونه أحمر وبه ثلاثة أهلة بداخل كل منها نجمة بيضاء وتغير إلي العلم الأخضر مع صدور دستور1923 وتم الاستفتاء عليه مع الدستور استجابة لرغبة الشعب المصري لذلك سمي وقتها بالعلم الأهلي, وهو مسمي كان شائعا في ذلك الوقت علي كل ما هو شعبي كالنادي الأهلي مثلا والذي يستمد لون قميصه من علم مصر الأحمر الذي ذكرته. ثالثا: يعتقد الكثيرون خطأ أن هذا العلم قد ألغي عقب قيام حركة أو ثورة23 يوليو1952 م, في حين أن الحقيقة تقول انه ظل العلم الرسمي لمصر حتي عام1958 وفي ظله قبل1952 كان الاستقلال والكفاح ضد الاستعمار وحرب فلسطين, وبعد عام1952 حدث في ظله ايضا إعلان الجمهورية والجلاء البريطاني عن مصر عام1954 وتأميم قناة السويس وكفاح وبطولات المصريين خلال حرب العدوان الثلاثي علي مصر1956 إلي أن تم استبداله بالعلم الأحمر والأبيض والأسود إبان الوحدة مع سوريا, كما تم تغيير اسم مصر إلي الجمهورية العربية المتحدة, وعقب فشل الوحدة عام1960 كان من المفترض عودة علم الاستقلال وعودة اسم مصر لزوال سبب التغيير, إلا أن ذلك لم يحدث حتي أعاد الرئيس الراحل محمد أنور السادات اسم مصر مع دستور1971 ولم يعد العلم, إنما عدله فقط بإزالة النجمتين الخضراوين من منتصفه واستبدلهما بصقر أصفر, ثم غير الرئيس السابق حسني مبارك بالتبعية هذا الصقر إلي نسر اصفر عام.1984 وأخيرا تهاجم هذه الدعوة مقولة انه علم الملكية وقد أوضحت آنفا انه علم الشعب أو العلم الأهلي وانه ظل خلال النظام الجمهوري ايضا حتي العام1958 م مما يدحض هذه المقولة. والمبشر أنه قد ظهرت أخيرا استجابة لهذه الدعوة بعودة علم الاستقلال كونه رمز الدولة المدنية المصرية المعبر الحقيقي عن شعب مصر ونضاله علي موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك من خلال العديد من الصفحات وفي ميدان التحرير وفي مظاهرة طلاب جامعة عين شمس واتمني الاستجابة لهذه الدعوة من جموع الشعب والحكومة وجميع مرشحي الرئاسة وأن تطرح مسألة عودة العلم الأهلي خلال صياغة الدستور المقبل بإذن الله. هلال أحمد وجدي مدرس مساعد الفلسفة السياسية - كلية الآداب جامعة المنصورة