منذ أن بدأت الثورة الليبية ضد نظام العقيد معمر القذافى عرفت الساحة الليبية ظهور تنظيمات مسلحة شاركت فى الثورة بدرجات متفاوتة، حيث بدأت الفكرة بتشكيل قوات الثوار الليبيين وهى حدات عسكرية شكلها المجلس الوطنى الانتقالى من خليط من الثوار المتطوعين وجنود القوات المسلحة الليبية السابقين الذين استقالوا والتحقوا بالثوار. واللافت أنه بعد انتهاء الثورة على نظام القذافى، اتخذت هذه التنظيمات مسارات مختلفة، بعضها اندمج تحت قيادة رئاسة الأركان التى مثلت نواة الجيش الليبى الجديد، وبعضها الآخر رفض الاندماج ورفض العملية السياسية برمتها وفضل أن يظل حاملا للسلاح. وتورط فى عمليات ضد الدولة وضد المواطنين الذين ضاقوا ذرعا بممارساتهم وخرجوا فى عدة مظاهرات للمطالبة بإخراجهم من العاصمة والمدن الكبرى، بعد ان وجهت إليهم أصابع الاتهام فى أكثر من حادثة لعل من أبرزها اقتحام القنصلية الأمريكية فى بنغازى مما أسفر عن مصرع السفير الامريكى كريستوفر ستيفنز، واطلاق النار على المظاهرات المناوئة لهم ومقتل عشرات المواطنين نتيجة لذلك، واختطاف رئيس الوزراء على زيدان، واقتحام الوزارات للمطالبة بدفع الاموال، والمحاولات المتكررة للسيطرة على الموانىء الليبية فضلا عن عمليات اغتيال لبعض المسئولين فى الدولة من رجال الأمن والقضاء. ويشير المراقبون الى أن الحكومة الليبية وفى اطار محاولاتها الحثيثة لانهاء وجود هذه التنظيمات تسعى لتوظيف الغضب الشعبى تجاهها، بل وتراهن على دعم المواطنين فى مختلف الاقاليم لانهاء جميع المظاهر المسلحة الخارجة على القانون والشرعية. حيث نجحت هذه الجهود جزئيا فى طرابلس، ولكنها مازالت تتعثر فى بنغازى التى تعيش واقعا يوميا من الانفلات الامنى. كما تشير التوقعات الى أن الصراع بين الدولة التى تسعى لبسط سيطرتها وهذه الميليشيات سيكون طويلا بسبب الفوضى التى مزقت البلاد عقب الاطاحة بنظام القذافى وسيطرة الميليشيات المسلحة ذات الفكر الجهادى على مدنه الكبرى، وذلك رغم النجاح الجزئى الذى تحقق فى العاصمة نهاية العام الماضى. ويمكن اجمال أبرز هذه التنظيمات فى: - تنظيم أنصار الشريعة: وتتواجد فى شرق ليبيا وتحديدا بنغازى وتحمل فكرا جهاديا يقترب من فكر القاعدة. وهى جماعة ترفض العملية الديموقراطية والانتخابات ولا تعترف بالدولة وتدعو الى اقامة دولة اسلامية تطبق الشريعة. وتكرر الجماعة نفيها لوجود أى صلة لها بالقاعدة، كما ترفض اتهامها بالضلوع فى اغتيال عناصر امنية وتتهم الاعلام بتعمد استهدافها. وتواجه الجماعة رفضا شعبيا من قطاعات المجتمع الليبي. - كتيبة شهداء بوسليم: توجد فى مدينة درنة بشرق ليبيا ويتكون أعضائها من السجناء السابقين بسجن بوسليم، وتحمل كذلك فكر القاعدة، وهى مرفوضة شعبيا حيث يتهمها الأهالى بالتورط فى عمليات تصفيات لبعض العناصر الموالية للقذافى. -كتيبة 17 فبراير: وهى الأكثر عددا وعتادا بين هذه التنظيمات وتنتشر ايضا فى شرق ليبيا، وهى مؤيدة للحكومة وللعملية الديموقراطية وتعد جزءا من رئاسة الاركان، وتميل من الناحية الفكرية الى فكر الاخوان المسلمين، وتتمتع بقبول شعبى واسع. -الجماعة الاسلامية المقاتلة: توجد فى شرق وغرب ليبيا وتضم أفرادا ممن دخلوا فى مواجهات مسلحة مع القذافى فى التسعينات ثم قاموا بعمليات مراجعة فكرية داخل سجن بوسليم. وهى تقبل الحكومة والعملية الديموقراطية، حيث شارك بعض اعضائها فى الانتخابات ومارسوا العمل السياسى كأفراد، وتتباين المواقف الشعبية منها. -الجماعات السلفية: ويقدر عدد أعضائها بالالاف وهى مجموعات متناثرة وتنتشر فى المنطقة الغربية فى طرابلس وضواحيها، وتتبنى بالطبع فكرا سلفيا، وقد شاركت فى انتخابات المؤتمر الوطنى العام من خلال حزب الأصالة ذو التوجه السلفى، ولديهم مقعدان ولا تتمتع بقبول شعبى واسع حيث يتهمها البعض بالتورط فى تفجير بعض الاضرحة فى عدة مدن ليبية.