سعر الدولار اليوم السبت 15-6-2024 أمام الجنيه    تعرف على أسعار البيض في وقفة عرفات    وزير المالية: دبرنا الاحتياجات التمويلية الإضافية للموازنة دون قروض جديدة    الجيش الأمريكى يدمر 7 رادارات وطائرة مسيرة وقاربين مسيرين لجماعة الحوثى باليمن    موعد مباراة إسبانيا ضد كرواتيا في يورو 2024.. والقنوات الناقلة    الدفاع السعودية تستضيف ذوى الشهداء والمصابين من القوات المسلحة بالمملكة واليمن لأداء الحج    النيابة تأمر بتشكيل لجنة هندسية لمعاينة عقار الساحل ومعرفة أسباب انهياره    بالأسماء.. توفير 469 مكانًا لتأدية صلاة عيد الأضحى بالمنوفية    توسيع عمليات البحث للعثور على جثتين لطالبين غرقا في نهر النيل بالصف    ما حكم ذبح الأضحية أثناء خطبة العيد؟    فيورنتينا الإيطالي يهنئ محمد صلاح بعيد ميلاده ال32    فى اليوم ال253 من العدوان.. شهداء وجرحى فى قصف الاحتلال المتواصل على غزة    محمد إمام يحافظ على المركز الثاني في إيرادات السينما بفيلم اللعب مع العيال    حملات لتوعية المواطنين ومحال الجزارة بترشيد استخدام المياه أثناء ذبح الأضاحي    دعاء النبي في يوم عرفة.. خذ الأجر والثواب    أفضل العبادات في يوم عرفة.. اغتنم الفرصة    جدول مباريات الولايات المتحدة الأمريكية في دور المجموعات من بطولة كوبا أمريكا    لبيك اللهم لبيك.. مليارا مسلم يتطلعون لدعوات الحجيج على صعيد عرفات الطاهر    خلافات أسرية.. محاولة فران اضرام النيران بجسده بالبنزين في بولاق الدكرور    حبس المتهمين بإكراه شخص على توقيع إيصالات أمانة بعد اختطافه بحلوان    عروض خليجية وتركية ل«عواد».. ومُحاولات مُكثفة لتجديد عقده مع الزمالك    الصحة العالمية تحذر من تفاقم الوضع الصحي في الضفة الغربية    «تقاسم العصمة» بين الزوجين.. مقترح برلماني يثير الجدل    تشكيل إسبانيا المتوقع أمام كرواتيا في يورو 2024    أفضل الأعمال المستحبة في يوم عرفة 2024.. اغتمنه اليوم    «غسلتها بإيدي».. لطيفة تتحدث للمرة الأولى عن وفاة والدتها (فيديو)    نصائح للحجاج في يوم عرفة.. لتجنب مخاطر الطقس الحار    «معلق فاشل».. شوبير يرد على هجوم أحمد الطيب    الجيش الإسرائيلي يستعد لهجوم واسع النطاق على لبنان    إصابة 3 اشخاص في مشاجرة ثأرية بين عائلتين بقرية كحك بالفيوم    مصطفى بكري: وزير التموين هيمشي بغض النظر عن أي حديث يتقال    انتخاب سيريل رامافوزا رئيسًا لجنوب إفريقيا لولاية ثانية    ما هو يوم عرفة؟    ضرب وشتائم وإصابات بين محمود العسيلي ومؤدي المهرجانات مسلم، والسبب صادم (فيديو)    هبوط اضطراري لطائرة تقل وزير الدفاع الإيطالي بعد عطل طارئ    بسبب جلسة شعرية محبطة.. صلاح عبد الله يروي سر ابتعاده عن كتابة الأغاني للمطربين    معهد التغذية يحذر: اللحوم المشوية على الفحم تسبب السرطان    بطولة عصام عمر وطه الدسوقي.. بدء تصوير فيلم «سيكو سيكو»    «مرحلة ما يعلم بيها إلا ربنا».. لطيفة تكشف سبب اختفائها    مش مكتوبة ليهم.. الداخلية السعودية تعيد أكثر من ربع مليون حاجا    لمنع الإصابة بسرطان الجلد.. طبيب يحذر من التعرض لأشعة الشمس    بعد تدخل المحامي السويسري.. فيفا ينصف الإسماعيلي في قضية سعدو    مقرر المحور الاقتصادي بالحوار الوطني: ميزانية الصحة والتعليم اختيار وليس قلة موارد    محمد علي السيد يكتب: دروب الحج ..سيدي أبوالحسن الشاذلي 93    «العلاج الطبيعي»: غلق 45 أكاديمية وهمية خلال الفترة الماضية    وزير المالية الأسبق: كل مواطن يستفيد من خدمات الدولة لابد أن يدفع ضريبة    موسيالا أفضل لاعب في مباراة ألمانيا ضد اسكتلندا بافتتاح يورو 2024    يورو 2024 - ناجلسمان: من المهم ألا يقتصر التسجيل على لاعب واحد.. ولهذا سعيد ل موسيالا    كرة سلة - سيف سمير يكشف حقيقة عدم مصافحته لمصيلحي    أعراض التهاب مفاصل الركبة وطرق علاجها المختلفة    طريقة عمل لحمة الرأس مثل الجاهزة.. اعرف أسرار المطاعم    «زي النهارده».. وفاة وزير الداخلية الأسبق النبوي إسماعيل 15 يونيو 2009    حظك اليوم برج الأسد السبت 15-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    سعر السكر والزيت والسلع الأساسية بالأسواق فى بداية الأسبوع السبت 15 يونيو 2024    محافظ الغربية يواصل متابعة الاستعدادات لعيد الأضحى المبارك    توجيه عاجل من رئيس جامعة الأزهر لعمداء الكليات بشأن نتائج الفرق النهائية    نقيب الإعلاميين يهنئ السيسي بحلول عيد الأضحى    «التنسيقية».. مصنع السياسة الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاتصال غير آمن ...استمرار؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 02 - 2014

كنت أسمع أبي يلعن من اخترع الهاتف , لأن الناس أصبحت تكتفي به – حتى في الأعياد – كبديل عن الزيارات .. كانت أمي تهز رأسها باستهزاء قائلة : ناقص يبعتوا الكحك ف جوابات !
منذ أن بدأت استخدام الإيميل وانا أفتقد رائحة الخطابات .. الورق الذي نتفنن في تنسيقه وتلوين حوافه قبل إرساله .. الأشكال الكرتونية التي كانت “ مارجريت “ تحب أن تختم بها خطاباتها .. الحروف الصينية التي ترسمها “ ليو” بمهارة ..وهدايانا البسيطة من عملات محلية وصور سياحية نرفقها بالخطاب ..
باختصار توقفت عن هواية المراسلة تماما وصارت الإيميلات كطلقات الرصاص , نتبادلها بسرعة وبشكل شبه يومي فتخرج خالية من التفاصيل ..لم يعد هناك وقت لاختزان التفاصيل أو التفكير فيها .. عندما كنت أكتب لمارجريت عن أشرف , كنت أعيد اكتشافه من جديد .. كنت أحلل تصرفاته وأرى المواقف التي جمعتنا معا بشكل أوضح .
لم تفاجئ هي بانتهاء علاقتي به بعد آخر رحلة قمنا بها قبل الامتحان بشهرين .. كتبت لها كل ماحدث , ورغم النبرة الانفعالية العالية التي كنت أكتب بها جاء ردها هادئا وغير متفاعل , مما أرجعته حينها لبرودها الإنجليزي الطبيعي .
بمرور الوقت أصبحت الإيميلات بيننا من نوعية : الأمور تسير كالمعتاد , ذهبت لتناول القهوة مع جدتي .. ثم لم أكتب إليك لأنه لم يحدث شيئ جديد يستحق ان أحكيه ..
لم اكن أدري أن الغد سيحمل ماهو أسوأ , فرغم جمود الإيميلات إلا أننا كنا لا نزال واقفتين عند نقطة التواصل المقصود , أن تكتب هي إلي وأكتب إليها , وليس أن أقرأ ما كتبته هي غير موجهة رسالتها لأي أحد ..
.............................................
الفيسبوك يصلك بمن حولك .!!.
كانت مارجريت تضع من حين لآخر أغنية تحبها أو صورة لها في مناسبة ما مع أصدقائها, بينما أنا وأصدقائي – المحليّون – كنا أكثر تعبيراً وكشفاً , نكتب تقريبا كل يوم ما يدل على الحالة المزاجية والسياسية والعاطفية بل وربما الطقس أيضا ..
يزداد في كل يوم عدد الأسماء والصور على قائمتي , حاملاً شغف اكتشاف شخص جديد , رجل او امرأة .
.............................................
“ ما الذي يدور في رأسك ؟” كان أشد الأسئلة مكراً ..
كنت أسجل في رأسي كل موقف يحدث لي لأرى كيف يمكنني كتابته على صفحتي بشكل جذاب .. ليس في تفاهة وسطحية مريم , مريم العبيطة التي تسمي نفسها “ أمورة حتتنا “و التي ما إن تكتب : أوف كيف تكون الحرية بدون تناول الملوخية , حتى تحظى بعدد لا نهائي من التعليقات والإعجاب . لا ..لم أكن اغار من مريم , ولا غضبت منها لما صادقت محمود ..محمود أساسا شخص سمج في الحقيقة وقد قابلته مرتين أو ثلاثة في النادي . ورغم أنه كان لطيفا جدا في تعليقاته وأنيقا في كل ملاحظاته , لكن حين قابلته لم يكن بنفس وسامته في الصور رغم أنه لم يكن قبيحا أيضا ..
كان مقبولاً إلى حد ما, ولكن ما إن بدأ يتكلم حتى أحسست بلزوجة كريهة تسيل من بين شفتيه , كان يريد ممارسة الحب من اللقاء الأول ,بينما كنت أريد أن أخرج معه أكثر من مرة لأطمئن لقدرته على إسعادي أنه جاد فعلا في الارتباط بي وأن ما بيننا لن يبدأ بقبلة وينتهي بمغادرة الفراش ..
لم يكن محمود ليحيد عن هدفه ولم يكن أيضا ليضيع وقته في كلمات لا قيمة لها كما وصفها “ الفعل لا القول يا حبيبتي هو الفيصل “ ظللت مترددة , فكان أن كتب بعد يومين “ أفضل ما تمنحه لحبيبة مترددة هو نسيان واضح- منقول “ حدث هذا في نفس اليوم الذي أضاف فيه مريم لقائمة أصدقائه .
محمود ذكي رغم أي شيء , وهو يعرف جيدا كيف يتصيد اللحظة التي يقتحم فيها المرأة ...حين تبدأ في الكتابة عن الفقد والأسى والحب الضائع , ثم تضع على الصفحة صورا دامعة وقلوب وشموع , يبدأ هو أيضا في عزف نشيد الوحدة والأسى , والأم التي فقدها مبكرا ومازال يحن لحضنها وحنانها .
في الوقت الذي ظهر فيه كريم كنت أنا أضع صورة فاطمة الباكية التي تحاول الابتسام رغم كل الوجع والظلم والقهر الذي تعانيه , وكريم له شعر طويل وجذاب تماما مثل كريم المسلسل التركي الشهير.. ...بدا كريم جذابا ومرحا جدا , كنت أضحك كثيرا من تعليقاته , ولكن للأسف لم يكن لقاؤه سهلا بسبب إقامته خارج البلاد
...............................
أعرف أنه لا يفسد سعادة الأنثى سوى أنثى ...لذا فكل بنت تظهر هي غريمتي إلى أن يثبت العكس .. ولذلك اخترعت شخصية شادي كسلاح أخرجه وقت اللزوم .
أدخلته دائرة أصدقائي باعتباره ابن عمي , ليغازل البنات اللاتي أرغب في إقصائهن .
عندما اكتشفت أن كريم أضاف مريم لقائمته , بدأ نشاط شادي على الفور ..جعلته يتقرب إلى مريم مستغلة ما أعرفه عن طباعها, لم يستغرق الأمر سوى أسبوع حتى كان كريم قد حذف مريم من قائمة أصدقائه وعاد ليتحدث معي بالساعات قبل أن ننام.. لم يطل الوقت حتى ظهرت ناني بصورها الساخنة وأغنياتها المفرطة في الشوق والولع ...وبالطبع غاب كريم متعللا بمشاغل العمل وتضييق الرقابة عليه من زوجته ..
.............................................
تتفرس يوميا في صفحة ناني تسجل ما كتبت وماذا أعجبها وكيف علّقت ..تشك كثيرا في أنها لا أحد سوى مريم جاءت لتنغص عليها سعادتها ثانية ..
أسبوع آخر وظهر منير ..الأربعيني الحنون ال « فيري جينتل مان » ..كان في غاية الرقة والتفهم ومحاولة مساعدتها على تجاوز ما تحكيه له من مشكلاتها «الفظيعة » والتي يقنعها في النهاية أنها لا تستحق .
ما كان يدفعها للشك في منير هو اقتران ظهوره واختفاؤه بوجود ناني – التي تشك أساسا في كونها مريم – عدا وقت الظهور والاختفاء لم يكن هناك ما يدعو للشك , ولكن رغم ذلك باتت تتلوى من الحيرة يوميا ...من لحطة ما تستيقظ حتى تنام فهي تفتش بدأب في صفحات مريم وكريم وناني ومنير وأيضا محمود لعلها تجد ما يكشف لها حقيقة ما ...حقيقة واحدة فقط
.............................................
لو لم تكن مريم زميلتها في الكلية لشكت في كونها شخصية حقيقية أيضا .
أصبحت تشك في كل شيء ..تشك فعلا أيهما العالم الحقيقي وأيهما الافتراضي .. تحول الناس لأسماء وصورلا تدري شيئا عن وجودهم الفعلي في الواقع ..
صديقتها ..هل هي فعلا صديقتها أم صديقة حبيبها جاءت لتكشف سترها .. حبيبها ..هل هو فعلا حبيبها أم حبيب صديقتها أم شقيقها وقد انتحل صورة وصفة اخرى
تبا لكل هذه الافتراضات !
لم لا تموت ببساطة وينتهي الأمر ؟!
الموت أصبح سهلا كالحب .. ما عليك قبل أن تموت سوى أن تترك الباسوورد لورثتك وتوصيهم برد الإيميلات بانتظام , والاستمرار في إعطاء الميسد كول وإرسال الرسائل النصية القصيرة من حين لآخر .
لن يلاحظ أحدهم الفرق ولن ينتبهون لموتك سوى بعد وقت طويل جداً ..ربما عندما يمر الزمن ولا تضيف لهم صورا جديدة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.