فى الظاهر تبدو العناوين العريضة التى يصدرها حزب النور براقة وجاذبة للعين، وتعكس فى جزء كبير منها حنكة وبراعة سياسية، لكنها فى الوقت نفسه أقرب لمناطق ملغومة ومحاطة بسياج من الغموض، وإثارة الشكوك. فالحزب يواجه معضلة بالغة التعقيد تتمحور حول رغبته فى عدم فقد قاعدته الشعبية العريضة فى صفوف التيار السلفى، الذى لم تلتزم شريحة كبيرة منه بحملته للتصويت لصالح الدستور الجديد عند الاستفتاء عليه، وأن يظل قريبا من دائرة السلطة وصناعة القرار، بعد ما لحق من اضرار بالاسلاميين على يد الإخوان، الذين هدموا بتصرفاتهم الهوجاء أحلام الجماعات الاسلامية بإقامة دولة دينية فى مصر. فالنور لا يود الانزواء فى ركن بعيد، ولذلك تراه حاضرا بقوة فى المشهد السياسى، منذ خلع الرئيس السابق محمد مرسى، ويود البقاء كعراب يسعى كل من يفكر فى الترشح للانتخابات الرئاسية لخطب وده، طمعا فى أن يؤازره الحزب ومناصروه، وعبر عن هذا بجلاء فى تحديده ثمانية شروط لدعم أى مرشح رئاسى. ومن بين تلك الشروط كيفية تفعيل المادة الثانية بالدستور والخاصة بالشريعة الإسلامية كمصدر رئيسى للتشريع، وهو ما يجعلنا نتساءل عن مغزى الاحرار على الإيحاء بأن هناك تربصا بالشريعة وتطبيقها من خلال وضع هذا الشرط، ولماذا لا يجتهد النور الذى لا ننكر وقوفه بجانب القضايا الوطنية فى الفترة الاخيرة، وهو موقف يحسب له، من أجل الخروج بمشروع قومى يلتف حوله المصريون؟ فمصر تحتاج فى المرحلة المقبلة لما يوحدها ولا يشتت جهودها وطاقتها فى معارك جانبية لا طائل من ورائها، وأن نقدم ما يخدم مصلحة الوطن والمواطن على ما عداها، وأن نفكر كمصريين وليس بمنطق الطوائف، فمشكلتنا مع الإخوان كانت ومازالت فى منطقهم الأنانى ورغبتهم الاحتكارية. لمزيد من مقالات محمد إبراهيم الدسوقي