ربما نختلف حول طريقة إدارة وزارة الصحة، لأزمة الأنفلونزاالموسمية أو ما كان يعرف سابقاً بانفلونزا الخنازير، وقد نختلف حول قدرة المستشفيات على مواجهة الفيروس . لكن الجميع يتفقون على أن خطر الإصابة لا يزال قائماً، كما تزداد المخاوف يوما بعد يوم، خاصة بعد حدوث عشرات من حالات الوفاة فى بعض المحافظات، وإصابة المئات، لدرجة جعلت أولياء الأمور يخشون على أبنائهم من العودة إلى المدارس ، حتى لا يصابوا بالفيروس، خاصة فى ظل ارتفاع الكثافات داخل الفصول. وقبل أن نستعرض آراء الأطباء، حول الفيروس، وأسبابه، وطرق اعلاجه أو الوقاية منه، نعود بالذكرة إلى الوراء ، وبالتحديد فى عام 2009 ، حين تم إعدام 300 ألف خنزير فى مصر، خشية انتشار فيروس إنفلونزا الخنازير، الذى أصاب العديد من الحالات وقتها، وتسبب فى وفاة البعض، وبعدها بنحو 5 سنوات، عاد الفيروس من جديد، ولكن بمسمى آخر وهو الانفلونزا الموسمية A/H1N1، - وإن كان البعض لا يزال يحتفظ بنفس الاسم السابق وهو انفلونزا الخنازير- والذى تمكن من قتل نحو 38 حالة وفاة تم رصد إصابتها بأعراض تنفسية شديدة، وتم تشخيصها بالفيروس الموسمى منذ بداية شهر ديسمبر 2013حتى الآن، بالإضافة إلى 318 حالة إصابة وفقاً للبيان الصادر عن وزارة الصحة السبت الماضى . ومن جديد، ظهرت سوق سوداء للاتجار فى عقار تاميفلو، بعد حدوث حالات وفاة بسبب الانفلونزا الموسمية- الخنازير سابقاً- ، وتلقت تحقيقات الأهرام العديد من الاتصالات التليفونية من المواطنين، يشكون فيها من الاختفاء عقار تاميفلو من الصيدليات. و مع أن الدكتور حاتم الجبلى وزير الصحة الأسبق، كان قد أصدر قراراً وزاريا- فى أعقاب انتشار وباء انفلونزا الخنازير فى عام 2009- للسماح بتصنيع ال ا تاميفلوب محلياً ، وطرحه للبيع فى الصيدليات بسعر 70 جنيهاً للعلبة، وفق ضوابط ، وعقب صدور القرار الوزارى بتصنيع التاميفلو محلياً ، تقدمت شركات ومصانع الدواء للحصول على موافقة بإنتاجه ، وتمت الموافقة لإحدى الشركات على التصنيع، وبعدها انفرجت الأزمة، وأغلق ملف انفلونزا الخنازير تماماً ، ومعه لم يعد هناك أى إقبال على ال اتاميفلو»، حتى عاد الفيروس من جديد،وعاد الطلب مرة أخرى على التاميفلو، الذى اختفى من الصيدليات فى ظروف غامضة! التصنيع المحلي وبشكل عام، لا أحد يختلف على فعالية، وأمان التاميفلو.. فهو علاج فعال للأنفلونزا ، وأعراضه الجانبية لا تذكر، ومن مميزاته أنه لا يتفاعل مع الأدوية الأخرى التى قد يتعاطاها المريض، هكذا يرى الدكتور عز الدين الدنشارى أستاذ الأدوية والسموم بكلية الصيدلة ذ جامعة القاهرة .. لكن من المؤسف أنه كان يتم تهريبه من الخارج، فى وقت تقوم فيه وزارة الصحة بصرفه للحالات الحرجة فقط، بينما اضطر الناس للحصول عليه من السماسرة، والوسطاء، وبعض الصيدليات التى توفره من خلال المهربين.. ويخشى من أن يكون ارتفاع سعره سبباً فى لجوء الكثيرين إلى تهريبه للاتجار فيه، كما أن السعر قد يغرى مصانع غش الأدوية لتقليده، وإضافة مواد عديمة الفائدة، أو ضاره، فيشكل فى هذه الحالة خطورة على من يتعاطونه. سألناه: هل يعود فيروس أنفلونزا الخنازير بعد الشفاء منه؟ - د: الدنشاري: عندما يصاب الشخص بأنفلونزا الخنازير تتكون أجسام مضادة للمرض فلا يصاب به قبل مرور عام، لكنه قد يصيب الجسم مرة أخري! الأعراض المرضية أما أعراض إنفلونزا الخنازير فى البشر ، فهى مماثلة لأعراض الإنفلونزا الموسمية وتتمثل فى ارتفاع مفاجئ فى درجة الحرارة وسعال وألم فى العضلات وإجهاد شديد، مشيراً إلى أن طهى لحم الخنزير عند 71 درجة مئوية يقتل الفيروس، كما أن العدوى لا تنتقل للأشخاص من تناول لحم الخنزير أو منتجاته ، وفى العادة، تصيب فيروسات إنفلونزا الخنازير البشر فى حالة حدوث اتصال مع الخنازير المصابة، غير أنه قد حدث تحور لفيروس H1N1 ، ونجم عن ذلك طفرة جينية ، وأصبح الفيروس أحد أنواع الانفلونزا المتعددة التى يصاب بها الانسان دون الاختلاط بالخنازير ، ولا تنتقل العدوى أيضاً عن طريق الهواء، و لكنها تنتقل بالرذاذ الناتج من العطس أو الكحة. الوقاية خير من العلاج وهناك العديد من الإجراءات الوقائية التى يمكن أن تحول دون انتقال عدوى الإصابة بالفيروس من الحيوانات إلى البشر أوتحول دون انتقالها بين البشر، ومن ذلك غسل الأيدى بالماء والصابون عدة مرات يومياً، خاصة بعد التعامل مع الحيوانات، وتجنب الاقتراب من الشخص المصاب بالمرض، وضرورة تغطية الأنف والفم بمناديل ورقية عند السعال، واستخدام كمامات على الأنف والفم لمنع انتشار الفيروس. الجهاز المناعي.. خط دفاع فى المقابل، يمكن تقوية الجهاز المناعى وهو خط دفاع رئيس فى مواجهة الأمراض ، بتناول زيت السمك، وفيتامين E، وفص من الثوم يوميا، وحبة البركة، وعسل النحل ، والزبادي، والزنجبيل، والشاى الأخضر، والعادي، وينصح بتناول الدهون النباتية، والزيت الحار( زيت بذرة الكتان) ، إلى جانب الخضراوات مثل الخس، والجرجير، والبروكلي، والكرنب، والفواكه مثل الليمون، والبرتقال، والجوافة ، والموز. دواء استراتيجي التاميفلو ، فى رأى الدكتور عادل خطاب أستاذ ورئيس قسم الصدر بطب عين شمس ، دواء استراتيجي، ولابد من توفيره، فهو الدواء الوحيد، والفعال، والآمن لمواجهة أنفلونزا الخنازير. . ويعود بالذاكرة إلى الوراء، وبالتحديد إلى عام 2003، عندما ظهر فيروس أنفلونزا الطيور عالمياً فى عام 2003، وتم إنتاج التاميفلو لعلاج المصابين بالفيروس، واتجهت وزارات الصحة فى العالم لتكوين مخزون استراتيجى منه ، وظل وباء أنفلونزا الطيور يجتاح دول العالم المختلفة ، ومن بينها مصر، فقرر الدكتور محمد عوض تاج الدين وزير الصحة- آنذاك- الاجتماع مع مسئولى مكتب شركة روش بالقاهرة، وهى الشركة المنتجة للتاميفلو، وتم الحصول على كميات كبيرة من التاميفلو بشكل عاجل، وبسعر تنافسي.كان من الضرورى أن تعتمد مصر على نفسها فى إنتاج التاميفلو محلياً، وقد كان. . فقد سمح وزير الصحة الأسبق الدكتور حاتم الجبلى ، بتصنيعه ، بنفس الخامات، ووفق المعايير، والضوابط المتبعة فى هذا الشأن.. و فى ظل المخاوف من تزايد معدلات الإصابة بفيروس الأنفلونزا الموسمية أو ما كان يطلق عليه سابقاً انفلونزا الخنازير، اتجه البعض كما يقول الدكتور عبد الهادى مصباح استشارى المناعة- للحصول على التاميفلو بداع، وبدون داع، مما أدى إلى خلق سوق سرية للاتجار فيه، وتهريبه، وربما غشه فى مصانع بئر السلم ، ولاشك أن عملية التصنيع المحلى سوف تضع نهاية لهذه المشكلة. ولمن لا يعرف، فإن فيروس أنفلونزا الخنازير فى حالة تحور.. وهناك بعض الحالات أظهر فيها الفيروس مقاومته للتاميفلو ، وقد تم تسجيل أكثر من 100 حالة مصابة حول العالم قبل سنوات ، منها 7 حالات فى ولاية ويلز ونورث كارولينا، وتم علاجهم بعقار اريليزاب وهو بخاخ فى الأنف، وبشكل عام ، يبقى التاميفلو أساسيا فى العلاج، وعلى المرضى الذين لديهم حساسية من مركباته أن يمتنعوا عنه. 457 نوعاً بشكل عام، يرفض الأطباء استخدام التاميفلو دون التأكد من أن نتائج التحليل ايجابية.. ففى الأطفال - مثلا ذ تنصح الدكتورة صافيناز المراغى أستاذ طب الأطفال بكلية الطب - جامعة القاهرة بإجراء التحليل فوراً فى حالة الشك فى الإصابة، ولو جاءت النتيجة ايجابية لابد من تعاطى التاميفلو شراب مرة واحدة لمدة 10 أيام بتركيز 30ملليجرام، مع المضاد الحيوى ، وبعض الأدوية الأخرى لعلاج الأعراض المختلفة المصاحبة مثل الكحة والإسهال، والقيء، وارتفاع درجة الحرارة. والتاميفلو فى رأى الدكتورة صافيناز المراغي- هو الحل الوحيد لعلاج الإصابة بأنفلونزا الخنازير، ذلك أنه إذا تمكنت الأعراض من الأطفال فى سن صغيرة، أو كبار السن من ذوى الأمراض المزمنة، سيكون الخطر أكبر، والتأثير أشد . مضاعفات خطيرة ومن مخاطر انفلونزا الخنازير على البشر- والكلام هنا ل الدكتور محمد البتانونى استاذ الأمراض الصدرية بكلية طب قصر العيني- أن أعراضها تشبه أعراض الانفلونزا الموسمية، مثل الارتفاع الشديد فى درجة الحرارة، وسعال شديد، وضيق فى التنفس، وعند الاصابة بالفيروس تحدث مضاعفات شديدة كالالتهاب الرئوي، والفشل التنفسي، ولذلك تستلزم الاصابة فيروس الانفلونزا الموسمية التشخيص المبكر، والعلاج السريع للتغلب على مضاعفات المرض، والتى إذا تم إهمال علاجها بالسرعة المطلوبة، والدقة فى التشخيص، تؤدى إلى تدهور حالة المصاب فيتعرض للإصابة بالفشل الرئوى والتنفسي، مما يستلزم وضعه فى غرفة الرعاية المركزة للسيطرة على الأعراض المصاحبة للاصابة الفيروس، ولذلك فإننى أنصح بضرورة اتخاذ إجراءات احترازية لمنع الاصابة من الأساس، وسرعة زيارة الطبيب فى حالة الاصابة بأعراض الانفلونزا الموسمية.