بعد3 سنوات من الارتباك المزعج والمريب في كافة جوانب المشهد المصري سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا مازال النقاش محتدما والجدل مشتدا بين من يرون25 يناير ثورة تخلو من أي شوائب انقلابية في الداخل أو تآمرية قادمة من الخارج وبين من يجزمون بأن ما جري منذ25 يناير حتي هذا اليوم هو مؤامرة كاملة الأوصاف استندت إلي غضب شعبي مشروع وغير منظم فكانت الفرصة السانحة أمام خلايا الجماعة النائمة وكوادر الحركات المرتدية قناع الثورية والمطالب الحقوقية للتحالف برعاية قوي التحريض والتمويل الخارجي لإسقاط الدولة في إطار ما اصطلح علي تسميته معارك الجيل الرابع للحروب. وبعيدا عن الانجرار لهذا الجدل الممزوج بالعناد أعتقد أن هناك جانبا من الحقيقة سواء في رؤية مؤيدي25 يناير أو في رؤية الناقمين ولكن الشيء المؤكد هو تورط أمريكا بشكل مستفز وعدواني ولافت للنظر باتجاه العمل علي تفكيك الدولة المصرية وإبقائها في حالة عدم استقرار لأطول فترة ممكنة في أتون الفوضي الخلاقة! والحقيقة أن هذا التدخل الأمريكي منهجية قديمة في سياسة واشنطن تجاه الشرق الأوسط بشكل عام وتجاه مصر علي وجه الخصوص من قبل أن يولد باراك أوباما كما أن مسمي الجيل الرابع للحروب أو مسمي الفوضي الخلاقة لا يختلفان في المضامين والأساليب عن مبدأ إيزنهاور وسياسة ملء الفراغ منذ خمسينيات القرن الماضي تحت رايات الحرب الباردة ومعلوم أن واشنطن لا تنكر رفضها وعداءها المطلق لأي توجه في المنطقة لصياغة استقلال حقيقي يمكن أن يكون ضارا بالمصالح الأمريكية! ومن يقرأ يوميات الرئيس الأمريكي دوايت إيزنهاور عام1957 يكتشف أن الحرب الباردة بالأمس لا تختلف عن الجيل الرابع للحروب اليوم وأن الفوضي الخلاقة الحالية هي الوجه الحديث لسياسة ملء الفراغ طبقا لمبدأ إيزنهاور الذي كتب يقول: لابد أن نخوض الحرب الباردة بروح قتالية ولابد أن نمارس في ظل السلام منطق التجنيد والتعبئة ونحن هذه المرة لا نجند ونعبئ فرقا وجيوشا ولكن نجند ونعبئ شعوبا وأمما لكي تقف في خطوطنا. وعلي أطراف الجدل أن يستخلصوا حقيقة ما جري بالقراءة الواعية والمحايدة للسياسة الأمريكية ويدركوا حاجتنا إلي تغيير أنفسنا طالما أن أمريكا لم ولن تتغير! خير الكلام: الخطأ لا يعني الغباء والحذر لا يعني الخوف! لمزيد من مقالات مرسى عطا الله