ليس سرا أن وزير الداخلية في العهود السالفة كان أكثر شخصية مكروهة وسط الجماهير, بسبب ميل وزارة الداخلية لصف السلطة بالحق والباطل, وعدم اهتمامها بفكرة الانحياز للناس الذين يمثلون الحصن الآمن للشرطة وقت الحاجة. الداعي لهذا الكلام الحفاوة البالغة التي استقبل بها الناخبون يوم الاستفتاء علي الدستور وزير الداخلية محمد إبراهيم, فالسعادة البادية علي وجوه من كانوا باللجنة الانتخابية, واندفاعهم لمصافحته كانت عفوية ووليدة اللحظة ولم يكن فيها أي تصنع ولا رياء, وعكست في جانب منها أن محمد إبراهيم أصبح محبوبا ومقبولا بين المصريين الذين يقدرون التضحيات الجسيمة المقدمة من ضباطه وجنوده لاستعادة استقرار البلاد وأمنها المهدد من قبل جماعة إرهابية تحالفت مع زمرة من الحاقدين والكارهين للبلد وأهله, وبالتأكيد فإن إبراهيم لم يخطر علي باله أنه سيحظي بهذا الفيض الجارف من الحب والمودة. فشعبية وزير الداخلية لها حيثياتها ومبرراتها العديدة, لكنها ليست شيكا علي بياض فلها مسئولياتها واستحقاقاتها الواجبة, فبقدر العطاء سيكون المقابل المجزي من محبة والتفاف الشعب حول الشرطة ودفاعهم عنها لدي استهدافها من الإرهابيين الجبناء الخونة, وعلي رجاله أن يعملوا علي زيادة هذه الجرعة وليس الانتقاص منها, كيف؟ يتأتي ذلك بتغيير المناهج المقررة علي طلاب كلية الشرطة لتعميق مفهوم أنهم ليسوا باشوات الألفية الثالثة, وأن مهمتهم تطبيق القانون وآلياته المعتمدة علي صيانة حقوق الإنسان وعدم امتهان كرامة المعتقل حتي لو كان متهما, وتعزيز الشق الاحترافي في العمل الشرطي كبديل عن الاستسهال بالقبض العشوائي علي المواطنين لإغلاق ملفات القضايا والجرائم المرتكبة, وأن ينظر للجندي في الأمن المركزي نظرة مغايرة فهو يتحمل كثيرا من الأعباء والمتاعب, خصوصا خلال المظاهرات والاشتباكات مع قاطعي الطريق من الإخوان. نعم الشرطة تغيرت واستوعبت دروس الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو واستطاعت أن تزيل بعضا من الرواسب والصورة السلبية, لكنها لا تزال في بداية طريق طويل يتطلب منها الصبر والإصلاح المستمر. لمزيد من مقالات محمد إبراهيم الدسوقي