تتعرض البلاد لهجمة شرسة من الإرهاب يجتاح كل ما أمامه و أصبح البطل في فيلم الإرهاب المتكرر هو القناص الذي يزهق الأرواح فهو الشخص الخفي الذي يتمتع بدقة تصويب عالية ويقوم بإنجاز المهام الموكلة إليه دون أن يشعر به أحد نهائيا حتي الهدف الذي يتعامل. فعالم القناصة عالم غامض حيث ارتبطت كلمة قناص بحرفية إزهاق الأرواح بطلقة واحدة علي مسافة بعيدة و يغلف هذا العالم الكثير من الأسرار ولكن إذا كانت نظرة العالم لهؤلاء القناصة نظرة دونية فالنظرة الأعلي هي أنهم يصوبون طلقاتهم لعدوهم ويحفل التاريخ بالكثير منهم. ويتحدث اللواء عبد المنعم كاطو الخبير الاستراتيجي قائلا: القناصة ليست شيئا جديدا ولكنها أخذت شهرة أكبر بعد الأحداث الأخيرة وثورات الربيع العربي وكان قدماء المصريين لديهم قناصة في الحروب وكان السبب الرئيسي هو اقتناص القادة بما يتسبب في إفقاد العدو القدرة علي السيطرة وتحقيق النصر فهو نظام حربي من قديم الأزل وكانت أشهر حوادث القنص عند الفراعنة هي اقتناص سقنن رع أبو كاموس وأحمس حيث أصيب الأخير من قناصة الهكسوس ومازالت الجمجمة بها آثار السهام حتي الآن بالمتحف.. وفي الحروب العربية كان رماة السهام يعملون كقناصة وهم مجموعات ذات كفاءه عالية في رمي السهام مختصة باقتناص القيادات في الحروب العربية.. وفي الحروب الإسلامية كان الهدف دائما هو اقتناص حامل اللواء فعندما تسقط الراية تنهار الروح المعنوية ومن أشهر عمليات القنص في العصر الإسلامي حادثة قنص سيدنا حمزة عم الرسول صلي الله عليه وسلم. ويوضح اللواء كاطو أنه لا يوجد سلاح للقناصة بالجيش فأفراد القوات المسلحة لا بد أن يكونوا محترفين لفنون التنشين بالسلاح ولكن هناك فروق في الإمكانيات وعلي أساسها يلحق الضابط بسلاح القناصة, وللقناص مواصفات خاصة فلابد أن يكون لديه ذكاء شديد وصبر وقدرة علي تحمل المسئولية وقوة أعصاب وحدة في البصر بالإضافة إلي العوامل الإنسانية حتي لا يصيب أطفالا مثل ما حدث مع الطفل محمد الدرة بفلسطين والطفلة مريم بكنيسة العذراء بالوراق و الطفل محمد بالعمرانية وكان الأفظع من ذلك هو اغتيال المقدم الشهيد محمد مبروك الضابط بالأمن الوطني والشاهد في قضية الرئيس المعزول محمد مرسي في قضية التخابر مع دولة أجنبية وهي القضية المثارة حاليا في أروقة القضاء وربما تفصح عن مفاجآت هامة عن مشاركة أجانب في هذه العملية. القوات الخاصة بدأت مع نشأة الجيش المصري ولكن بتنظيمها الحديث نشأت بعد ثورة يوليو1952 في شكل المظلات والصاعقة. وكان الهدف الرئيسي من إنشاء العمليات الخاصة هو عمليات التأمين الخاصة ضد الإرهاب والمجموعات التخريبية أما في الحرب فالعمل يكون خلف خطوط العدو. وهناك نوع آخر من القنص وهو الكمائن بكل أنواعها سواء في القوات البرية أو قوات الدفاع الجوي وكانت أهم عملية تتمثل في اقتناص الطائرات الإسرائيلية في المدة من30 يونيو إلي7 يوليو والمسمي بأسبوع تساقط الطائرات الإسرائيلية ومن هذه العمليات أيضا عملية هدير وتم فيها اقتناص الأفراد داخل الدشم الإسرائيلية لخط بارليف عام1969 حيث دربت مجموعات من سلاح الدبابات والمدافع وكانت مهمتهم تحرير الدانة من فتحات وفراغل الدشم لتنفجر في أفراد العدو, وكانت مهمة القناصة الرئيسية في ذلك الوقت تتمثل في حرمان العدو من حرية الحركة شرق القتال علي طول الضفة الشرقية للقناة ولمساحة170 كيلو وكان هؤلاء الجنود يقومون بهذه المهمة بعد اختيارهم لما يتمتعون به من كفاءة عالية في الرماية كذلك تم دعمهم بأفراد فريق مصر القومي للرماية. وأحدث القناصات البحرية علي مستوي العالم هو الطراد الروسي ويدعي قانص حاملات الطائرات لأنه مزود بصواريخ مداها700 كيلو متر وكذلك حاملات الطائرة الأمريكية وهي عبارة عن مدينة متكاملة والحاملة الأمريكية تحمل80 طائرة والقائمين عليها من5-10 آلاف فرد. ويضيف اللواء كاطو: لعبت الأقمار الصناعية دورا هاما وكذلك سفن الفضاء التي تسمي بحرب النجوم وهي عبارة عن إطلاق الصواريخ من الأقمار الصناعية علي الأهداف الأرضية فالاستراتيجيات الحديثة تبني علي الأسلحة الذكية وهي تقتنص الهدف من علي أبعاد طويلة حيث يطلق الصاروخ علي مسافة2000 كيلومتر بمعدل خطأ متر واحد فقط وكذلك الطائرات تضرب علي بعد80 كيلو مترا تقتنص قبل أن تراها الطائرة الأخري أما الصاروخ فيصيب الطائرة من علي مسافة400 كيلو مترا فالدرع الصاروخية الأمريكية تصيب علي مسافات تصل إلي1000 كيلو مترا كل هذا يدخل في عملية القنص وليس فقط مقصور علي عمليات الجريمة مثلما حدث في عملية اغتيال الرئيس الأمريكي جون كيندي عام1963 فكان القناص الذي صوب علي كيندي وراءه قناص آخر حتي تتوه الجريمة, وتعتبر الأسلحة الذكية هي الجيل الأحدث للأسلحة الذرية حيث توجه إلي الهدف وهو ما يطلق عليه نظرية اطلق وانسي فذكاء هذه الأسلحة لم يقتصر علي نوع واحد فقط بل أصبحت تزود به الصواريخ بكل تخصصاتها صواريخ ضد صواريخ وصواريخ ضد طائرات وصواريخ ضد سفن وصواريخ ضد دبابات وتتركز جزئية الذكاء لهذه الأسلحة في الطبة وذلك لارتباطها بالأقمار الصناعية فعلي الرغم من أن الليزر له استخدامات عدة سيان في الطب أو قطع السبائك لكنه أصبح يستخدم أيضا في الأهداف العسكرية لاختراق الهدف والقضاء عليه, بالتدريب علي القنص في حماس وحزب الله والمليشيات التابعة لإيران أما الجريمة المنظمة في الداخل فيقوم بها أفراد يتدربون علي عمليات القنص وهم جماعات مرتزقة أكثر منهم مقاتلين مثل الجماعات الإرهابية في سيناء حيث تم وضع قيمة لرتبة القتل فمن يقتل جنديا يمنح25 ألف جنيه والضابط50 ألفا ومن يقتنص سيارة جيش أو كمينا له مكافأة كبيرة. أما الجديد في حرب الشوارع هو أنها أصبحت حرب معلومات فالقائمين بها هم الخارجون أو المرتزقة أو أصحاب الفكر المنحرف فإذا اقتصرت حرب الشوارع علي مواجهة كل فصيل فهذا ليس هو الحل والأفضل اختراق الهدف الذي يتم تمويله وتسليحه وأماكن تدريبه وأماكن اتصاله هذا هو الأهم للقضاء علي حرب الشوارع حينها تصبح يد الدولة أقوي من هذه المجموعات. برغم التقدم الهائل تظل النظرية المستقبلية للحرب غير النظامية هي سيدة الموقف وتسمي النظرية الرابعة للحروب ويتم فيها إشعال الحرب في الدولة نفسها وإمداد عناصر في داخلها بالسلاح والأموال لمحاولة إسقاطها من الداخل بعد إنهاك الدولة وضعفها وهي ما استخدمته أمريكا في دول الربيع العربي والذي كشفته مصر بحضارتها وقوتها ووقوف الشعب مع الجيش أفسد هذه العملية. علينا نحن المصريين أن نصارع الزمن في تطبيق القانون علي كل من اقتنص مصر وشعبها وأمالها وأحلامها وتحدها وصوب سهامه المسمومة في صدور شهدائها.