لم يكن تحرير سيناء وعودتها إلي أحضان الوطن مجرد حلم قدر ما يحلم قاطنوها بتنميتها لتكون المخرج الحقيقي لكل عثراتنا الاقتصادية ومن ثم إقامة المشروعات التي تعتمد في المقام الأول علي استغلال ثرواتها الزراعية والتعدينية إلا أن سفينة الوطن دائما تحاك بها المؤامرات من كل جانب فلم يكتف الكيان الصهيوني بجرائمه في أعوام48 و52 و67و73 بسيناء وفلسطين وجنوبلبنان حتي نفاجأ اليوم بالمصادفة بوجود نبات يطلق عليه العلماء المسكيت يعد أخطر أنواع الأشجار علي الإطلاق. في البداية يقول سيد أبو بكر الحسيني المتخصص في النبات ومدير محمية نبق أتوقع أن يكون جلب نبات المسكيت إلي سيناء بالطرق المباشرة وغير المباشرة يعد مؤامرة خصوصا بعد أن أعلن أحد مزارعي البدو أن هذا النبات دخل مصر عن طريق أحد السائحين الإسرائيليين العاملين في قطاع الزراعة الذي أهدي بعض المواطنين عددا من الأشجار باعتبارها نباتات للزينة وسرعان ما نمت بكثافة فائقة رغم افتقار المحافظة للمياه معتمدة في ذلك علي مخزون المياه الجوفية وعندما رصد الباحثون بمحميات جنوبسيناء هذا النوع من الأشجار لم يتخيلوا يوما أن يروه في سيناء وهي شجرة تعرف باسم المسكيت(Prosopisjuliflora) وهو أحد أخطر أنواع النباتات الغازية بجنوب مصر حيث لوحظ زراعته كنبات سياجي بجوار الطريق الدائري الأوسط لمدينة شرم الشيخ فشكلت محميات جنوبسيناء فريقا من الباحثين المتخصصين بكل محميات جنوبسيناء لرصد كل وجود لهذا النوع من الأشجار بعموم المحافظة من خلال مراجعة المشاتل والمزارع والتواصل مع المجتمع المحلي بالأودية والواحات الطبيعية وحيثما يستقر الإنسان فتوصلوا لحقيقة الانتشار الفعلي لهذه الأشجار. أن المحميات الطبيعية ذاتها خالية تماما منها عدا مناطق محددة بمحمية طابا بمناطق استقرار المواطنين. بالإضافة إلي وجود عدد قليل منه في بعض مشاتل مدينة شرم الشيخ وأعداد محدودة ببعض المزارع في مدينة طور سيناء مقارنة بمساحة المحافظة البالغة حوالي30 ألف كيلومتر مربع أظهرت بأن المشكلة لاتزال في بدايتها وقيد السيطرة إلا أن الأمر يتطلب تدخلا سريعا وفعالا يحول دون تكاثر وانتشار هذا النوع الخطير لكن إلي الآن لم تخرج حملة واحدة لإزالته والقضاء عليه. وتعد هذه الشجرة من الأنواع الغازية شديدة الخطورة لقدرتها العالية علي النمو والتكاثر والانتشار بسرعة شديدة وكذلك تحملها لأقصي الظروف البيئية من حرارة وجفاف بفضل قدرتها علي امتصاص المياه والمغذيات من التربة بدرجة تتفوق بمراحل علي جميع الأنواع الموجودة بصحاري مصر حيث تستطيع خلال سنوات قليلة أن تحتل كل مساحات الأراضي والأودية متسببة في القضاء علي كل الأنواع النباتية الأخري سواء طبيعية أو مستزرعة بما فيها أشجار النخيل وأشجار السيال النادرة ونباتات المسيجات( الأسوار) وخلافه وتمنع أي فرصه لنمو أي نباتات أخري أينما توجد, وتستطيع في خلال سنوات قليله احتلال أوديه بأكملها بحيث لا يستطيع نبات أو حيوان أو إنسان أن يصل إليها لشدة تشابك فروعها وأشواكها الحادة والأخطر أنها تعد آفة نباتية يصعب السيطرة عليها لحد كبير لإنتاجياتها العالية من البذور وقابلية انتقال هذه البذور مع مياه السيول أو مع روث الحيوانات التي يمكن أن تتغذي علي بذورها فقط دون الأوراق. وتقدر الخسائر المادية للولايات المتحدة منها سواء في صورة تدمير للبيئات الطبيعية أو كلفة مكافحة الأنواع الغازية بنحو138 مليار دولار أمريكي سنويا بل ويمكن أن يتسبب نوع واحد في خسارة ماديه كبيرة ففي أستراليا وحدها تتسبب الأرانب البرية الأوروبية( نوع واحد فقط) وهي تعتبر نوعا غازيا لقارة أستراليا في خسارة تتجاوز200 مليون دولار أمريكي سنويا بسبب تغذيتها علي المحاصيل الاقتصادية وهذه الأرقام علي الرغم من ضخامتها تصبح قليله جدا إذا أخذ في الاعتبار الخسائر المادية المضاعفة الناتجة عن انقراض الأنواع الأصيلة وفقدان الخدمات المقدمة من النظم البيئية بعد تدميرها. وأشار مدير محمية نبق إلي أن هذا النوع من الأشجار يتسبب سنويا في خسارة مساحات زراعية كبيرة فتوجد في مصر بمنطقتي حلايب وشلاتين تبلغ مساحتها نحو2 كيلومتر مربع فضلا عن دول كالسودان ودول وسط أفريقيا ودول الخليج العربي خاصة السعودية وعمان واليمن بدرجة تحمل اقتصاديات هذه الدول أعباء مالية كبيرة لمكافحتها دون التمكن من السيطرة علي انتشارها حتي الآن. وحول كيفية وصول هذه الشجرة إلي مصر أعلن مدير محمية نبق أن هذه الشجرة تنمو طبيعيا في أمريكا الوسطي والجنوبية حيث توجد في المكسيك والأرجنتين وتشيلي ونقلها المستعمر قبل أكثر من مائة عام إلي جنوب أفريقيا بهدف حماية الرقعة الزراعية من زحف الصحراء ووصلت إلي شمال شرق السودان عام1917 للهدف ذاته وكذلك باقي الدول الإفريقية لتصبح آفة زراعية خطيرة ليست بأفريقيا وحدها بل لم تسلم منها قارتا أستراليا وآسيا بأكملهما. ومن السودان ومع حركة تجارة الجمال النشطة بين السودان ومصر من خلال معبر حلايب وصلت بذور هذه الشجرة في أمعاء الحيوانات لتغزو منطقة حلايب و شلاتين وتنتشر خلال مساحه تتعدي ألفي كيلومتر مربع من محمية علبة بمنطقة حلايب وشلاتين بجنوب مصر مهددة البيئات الطبيعية ومخزون المياه الجوفيه بها ونظرا لأن هذه الجمال يمكن أن تباع للبدو من سيناء فقد وصلت إلي بعض المزارع بجنوبسيناء إلا أن بعض الشهادات من قدامي العاملين بمشاتل شرم الشيخ أكدت أن بعض هذه الأشجار توجد بمشاتلهم منذ أكثر من خمسة وعشرين عاما أي بعد تسلم سيناء من الجانب الإسرائيلي.