صباح يوم الخميس26 ديسمبر.. في تمام الساعة العاشرة صباحا.. سيطرت أجواء من الترقب والاهتمام علي مقر جامعة الدول العربية بميدان التحرير.. مع بدء الزيارة المهمة لوزير الخارجية نبيل فهمي التي التقي خلالها مع الأمين العام للجامعة الدكتور نبيل العربي.. لاسيما أنها جاءت في اليوم التالي للقرار الصادر عن حكومة الدكتور حازم الببلاوي باعتبار جماعة الإخوان المسلمونس. وقد أدلي العربي بتصريح مقتضب قال فيه انه بحث مع وزير الخارجية امكانية قيام الامانة العامة للجامعة بابلاغ الدول العربية الموقعة علي الاتفاقيه العربية لمكافحة الارهاب عام1998 بقرار الحكومه المصرية الأخير حول جماعه الاخوان. وخلال الأيام الماضية.. ثارت التساؤلات حول الآثار المترتبة علي هذه الاتفاقية, وما يعنيه ابلاغ الدول الموقعة عليها بالقرار المصري, لاسيما أن قطر الداعمة لتنظيم الاخوان الارهابي هي احدي الدول الموقعة عليها. ولعل أهمية هذه التساؤلات تتضح من خلال الاستعراض السريع لأهم بنود الاتفاقية التي وقعت عليها17 دولة عربية, حيث تنص هذه البنود علي أن الدول الموقعة تتعهد بعدم تنظيم أو تمويل أو ارتكاب الأعمال الإرهابية, أو الاشتراك فيها بأية صورة من الصور, ومنع اتخاذ أراضيها مسرحا للتخطيط أو تنظيم أو تنفيذ الجرائم, بما في ذلك العمل علي منع تسلل العناصر الإرهابية إليها, أو إقامتها علي أراضيها, أو استقبالها أو إيوائها أو تدريبها, أو تسليحها أو تمويلها, أو تقديم أي تسهيلات لها.كما تشير نصوص الاتفاقية بوضوح الي تعهد الدول الموقعة بتسليم المتهمين, أو المحكوم عليهم في الجرائم الإرهابية, المطلوب تسليمهم من أي من هذه الدول, طبقا للقواعد والشروط المنصوص عليها في الاتفاقية, حسب النص. والسؤال الآن هو.. هل تلتزم قطر بتنفيذ الاتفاقية بعد اخطار الدول الموقعة بقرار مصر باعتبار الاخوان تنظيما ارهابيا؟ وهل يقوم حكام الدوحة بالفعل بتسليم الارهابيين المصريين المطلوبين للعدالة؟ الأمر المؤكد هو وجود ارهابيين أمثال عاصم عبد الماجد وطارق الزمر وغيرهم علي الأراضي القطرية, لكن آخرين قد يحلون أيضا ضيوفا مكرمين علي القيادة القطرية خلال أيام, لاسيما بعد اعلان وكالة الأناضول التركية للأنباء يوم السبت28 ديسمبرعن هروب3 من قيادات الاخوان سرا من مصر, وهم عمرو دراج وزير التخطيط والتعاون الدولي السابق, وصلاح عبدالمقصود وزير الإعلام السابق, المطلوب علي ذمة قضايا منها سرقة سيارة بث تليفزيوني خلال اعتصام رابعة, وجمال حشمت عضو مجلس شوري الجماعة المتهم في قضايا تحريض علي قتل, الا أن الوكالة التركية لم تحدد الأماكن التي هربوا اليها, واكتفت بالقول إنهم سوف يصلون الي دول عربية وأوروبية. فهل ستسلم قطر كل هؤلاء لمصر؟! قد يبدو السؤال ساذجا للوهلة الأولي, الا أنه من المنطقي أن يتم طرحه, لاسيما في ظل الشعارات التي ترفعها تلك الدولة الصغيرة وتخفي وراءها حقيقة مآربها, حول ما تسميه بدعم الشرعية, فهل تلتزم هي بالشرعية القانونية لاتفاقية مكافحه الارهاب التي وقعت عليها؟ الدكتور نبيل العربي قدم ملمحا من ملامح اجابة السؤال خلال مؤتمر صحفي عقده يوم الأحد29 ديسمبر, عندما قال ان التزام الدول الموقعة علي الاتفاقية بتطبيق القرار المصري يتوقف علي هذه الدول ذاتها, نظرا لوجود فجوة كبيرة بين القانون الدولي وبين تطبيقه. وأضاف قائلا يجب ألا ننسي أن كل دولة لها سياستها, وليس من صلاحية الأمانة العامة للجامعة العربية أن تصف سياسة دولة ما أنها خطأ, مشيرا إلي أن من يقدم النقد للدول العربية, هو مجلس وزراء الخارجية العرب, أو القمة العربية, لكنه أوضح أن الجامعة تتبني الدبلوماسية الهادئة, وكشف في الوقت نفسه عن أنه يقوم باجراء اتصالات حول هذه المسألة دون أن يفصح عن مضمونها. الأهرام توجهت بالسؤال ذاته الي مصدر دبلوماسي في الجامعة العربية, فبدأ اجابته هو الآخر بطرح السؤال بصيغة أخري قائلا هل يعني اتخاذ أي دولة عربية قرارا ما أن يكون هذا القرار ملزما لجميع الدول؟ قلنا له اذا كانت هذه الدول قد وقعت علي اتفاقية ذات بنود واضحة في هذا الشأن فلماذا لا تلتزم بها؟. رد قائلا بوضوح ان الواقع يؤكد انه رغم كل الاتفاقيات فإن مسألة تسليم المجرمين بين الدول تستلزم وجود اتفاقيات ثنائية بين كل دولة وأخري تسمح بذلك, أما فيما يتعلق بتمويل وتدريب وايواء الارهابيين فهي مسائل لاتحكمها الاتفاقيات المحفوظة في الأدراج بل يحكمها الواقع وعمل الأجهزة المختلفة في الدول علي الأرض. أخيرا.. انتهي كلام المصادر الرسمية.. ويبقي أن نقول ان المصلحة المصرية تستلزم جدية العمل في هذا الملف مع تلك الدولة الصغيرة لا بحثا عن تسليم ارهابيين, من جانب دولة ترعي الارهاب, بل لتحقيق مكسب سياسي, وربما ملاحقة قانونية, ازاء عدم الالتزام ببنود الاتفاقية, بما قد يصل الي تصعيد الضغط الدبلوماسي المصري للمطالبة بتجميد عضوية قطر في الجامعة العربية, في اطار الرد علي هجومها الارهابي الذي تمارسه بهجوم دبلوماسي رادع ومنظم, لوقف مخططات الصبيان, وأحلام الصغار, التي عبر عنها بنفسه قبل سنوات وزير الخارجية القطرية الأسبق حمد بن جاسم عندما سئل في جلسة خاصة- تسربت للصحافة آنذاك- عن أهداف السياسة القطرية المثيرة للجدل, وعلاقاتها المشبوهة تلك الفترة باسرائيل, وتحولها الي وكيل سياسي لتنفيذ أطماع الغرب, حيث قال نحن دولة صغيرة ليس لنا تاريخ ونحتاج للقيام بذلك حتي نكتسب الأهمية والمكانة ونوجد لنا دورا علي الساحة! فهل يرضي الشعب القطري, شريكنا في الدين والعروبة, والذي كان دوما ولايزال عاشقا لمصر درة التاج العربي, عن ممارسات حكامه؟