الإسلام يحثنا علي طلب العلم وأمرنا بتعلمه, فقال سبحانه في أول سورة أنزلها علي نبيه محمد صلي الله عليه وآله وسلم: اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم. وجاء تقرير صندوق الأممالمتحدة للسكان عن حالة السكان في مصر في2012 ليكون بمثابة صدمة لنا, حيث أعلن أن نسبة الأمية بين السكان بلغت الثلث مما يضع مصر ضمن أعلي الدول من حيث الأمية, وتزداد نسبة الأمية لتصبح أكثر سوءا في الريف, فكيف نتخلص من هذه الآفة التي تهدد مجتمعنا, وما هو دور علماء الدين في محاربتها. يقول الدكتور سعيد عامر أمين, عام لجنة الفتوي بالأزهر الشريف, إن الإسلام دين العلم والعمل, وأول ما جاء في القرآن من آيات جاءت عن( التعليم) فقال تعالي:( اقرأ باسم ربك الذي خلق), وقد بين الله عز وجل وسائل هذا العلم( القلم) وأقسم الله به في القرآن وهذه دلالة علي تشريفه وبيان عظمته فقال تعالي:( ن والقلم وما يسطرون), ولقد رفع الله المؤمن المتعلم علي المؤمن غير المتعلم, فقال تعالي:( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير) آية11 سورة المجادلة. ويضيف: علي الدعاة أن يرغبوا الناس في تعلم العلم النافع لأنفسهم ووطنهم, وقد بين النبي الكريم صلي الله عليه وسلم, ذلك في قوله:( من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلي الجنة), فرسالة الإسلام هي رسالة علمية, نريد أن نحولها إلي واقع عملي في دنيا الناس, ووجب علينا أن نجتهد جميعا في الدعوة إلي العلم والتعلم, وترغيب الناس, خاصة في هذا العصر, والذي تطورت فيه أدوات العلم والتعلم, خاصة أنه من لا يحسن الكمبيوتر هو الأمي في نظر الناس, فما بالنا بمن لا يحسن القراءة والكتابة. أسباب الأمية ويشير الدكتور رمضان عبدالعزيز عطا الله, أستاذ بكلية أصول الدين بالمنوفية, إلي أن المتأمل في شريعة الإسلام يجد أنها حثت المسلمين علي التعلم, ومحاربة الأمية, والدليل أن أول آية نزلت تأمرنا بالقراءة, ومن الآيات الأولي أيضا( ن والقلم وما يسطرون) والقراءة والقلم وسيلتان للتعلم ومحو الأمية, ولأجل ذلك وجدنا النبي, صلي الله عليه وسلم, يقول في حديث( طلب العلم فريضة) وبناء علي ذلك نجد أن الإسلام يحارب الأمية, وعلي أهل العلم أن ينشروا تعاليم الإسلام واضحة في هذا المجال, وللأمية عدة أسباب, أولا, عدم اهتمام الإنسان بالتعليم سعيا وراء لقمة العيش, ثانيا: لا يوجد عند الأسرة الدوافع والرغبة في تعليم أبنائها لظروف اقتصادية, ثالثا, صحبة السوء فإنهم يحاولون دائما إفساد غيرهم بناء علي إفسادهم هم. الأمية الحديثة وأضاف: أن هناك أمية ظهرت الآن في كثير من المثقفين والمتعلمين, ألا وهي عدم الفهم الصحيح للواقع, وعدم الاعتراف بالحق مع وضوحه, كالذي ينكر الشمس مع وضوحها فهو إنسان لا يفهم ولا يعترف بالواقع, وهذا نوع من أنواع الأمية الحديثة, وعلي العلماء دور كبير في محاربة هذه الأمية يتمثل في النقاط التالية: أولا, تشجيع الأولاد علي التعلم, وذلك من خلال تقديم بعض المساعدات أو الحوافز لحث الأولاد علي التعليم, وعلي القائمين بالتعليم أو العاملين في مجاله ترغيب الأولاد في التعليم وعدم تنفيرهم من الإقبال عليه, وذلك من خلال المعاملة الحسنة التي يتعاملون بها مع الأولاد من عدم الضرب والإيذاء أو اللوم أو السخرية التي تحدث أثناء عدم فهم الطالب أو المتعلم للسؤال الذي يوجه إليه, كما أن الأم أيضا عليها دور كبير في هذا المجال, كما قال الشاعر( الأم مدرسة إن أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق), فإذا كانت الأم مثقفة ومتعلمة حرصت علي تعليم أبنائها, والمجتمع أيضا عليه دور آخر, وخاصة أنه إذا رأي الأولاد في الشوارع والطرقات في موعد الدراسة عليه أن يسارع بدعوتهم إلي الذهاب للمدرسة, أو الجامعة لتلقي العلم, وعلي المسئولين أيضا أن يقوموا بإغلاق دور الملاهي والسينما والأندية في أثناء مواعيد الدراسة حتي لا يجد الطالب أو المقبل علي التعلم أي فرصة للهروب من الدراسة. اختزال معني الأمية غير مقبول من جانبه يقول الدكتور أسامة فخري الجندي, الباحث في شئون الدعوة الإسلامية, إن شرط القضاء علي الأمية هو الشرط الأساسي للتقدم والتطور, وإن مشكلة الأمية بكل أبعادها ليست مشكلة تعليمية أو تربوية فحسب, بل هي في الأساس مشكلة حضارية, ولا نريد أن نحصر الأمية فيمن لا يقرأ ولا يكتب فحسب, وإنما هناك أمية من نوع آخر, وهو أن يختزل الإنسان العلم في جانب ويهمل جوانب أخري كثيرة, إن العلم الذي يدعو إليه الإسلام هو العلم الشامل بشقيه الديني والمادي, أما الشق الديني فهو العلوم التي مصدرها الوحي, وتعني بأمور العقيدة والقيم والتصور العام للوجود والنفس الإنسانية ونظام المجتمع. أما الشق المادي فهو علوم البحث في ظواهر الكون والحياة, ويهتدي الإنسان إليها بمداركه البشرية التي أنعم الله بها عليه; ليبصر طريق المعرفة الصائبة ويفتح مغاليق الحضارة علي أن تظل هذه العلوم الكونية في عالم الشهادة دنيوية بعلاقاتها مع الأشياء وتعبدية في الوقت نفسه لصلتها بالخالق الواحد سبحانه وتعالي. وشدد علي ضرورة تكاتف مؤسسات الدولة وتضافر الجهود للحث علي التعلم, كل من خلال منابره, والعمل علي توفير السبل والآليات التي من خلالها نستطيع أن نقضي علي مشكلة الأمية, ونساير التطور الثقافي, لعلنا نلحق بالركب الحضاري, ونعود إلي حمل مشعل الحضارة في كل العالم, وعلي الوزارات المعنية أن تؤسس لكثير من المحاضرات والندوات العامة التي تبين من خلالها قيمة العلم الذي هو سبيل التقدم, ونبذ الأمية التي هي سبيل الانهيار, فبناء الأمم يرتبط ارتباطا وثيقا بالبناء العلمي, وانهيار الأمم يرتبط ارتباطا وثيقا بالأمية, فلننظر أيها نريد ونعمل من أجلها.