شخصية الأم وصفاتها ومشاكلها النفسية تؤثر علي طفلها, فالطفل الخجول أو ضعيف الشخصية, المتردد غير القادر علي اتخاذ قرار هو ضحية, لأن اكتسابه هذه الصفات حدث رغما عنه نتيجة طبيعة الأم وطريقة تعاملها معه, وهذا ما يجب أن تنتبه إليه كل أم. فكثيرا ما نجد الأمهات تصب كل اهتمامها علي غذاء و نظافة الأطفال فقط دون الاهتمام بالبناء النفسي للطفل ومراعات تأثير تعاملاتها معه عليه خصوصا في السنوات الأولي, مع أن الأم- وكما توضح د.هبة عيسوي أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس- غالبا ما تطبع شخصيتها وسلوكها علي أطفالها, و تؤثر هذه الشخصية علي سمات الطفل, ومن المفترض أن تساعده علي بناء شخصية متوازنة في مرحلة الطفولة, إلا أن هناك أنماطا من الأمهات تطبع آثارا غير مرغوب فيها علي أطفالها, فمثلا الأم القاسية المبالغة في القسوة والإيذاء البدني تؤدي قسوتها إلي نتائج عكسية غير مرغوب فيها, فالطفل الذي يضرب بشدة يشعر بالإهانة و القهر فيصبح ضعيف الشخصية أو كذابا, ولا يواجه مشاكله وغالبا ما ينقاد وراء الأصدقاء مما يسهل انحرافه و انجراره إلي سلوكيات غير سوية. والأم التي تبالغ في التدليل فذلك يؤدي إلي تذبذب الطفل و يطمس شخصيته, فيشعر بالخوف ويفقد الأمان إلا في وجود أمه وهو دائما متردد و لا يأخذ قرارا بسهولة. والأم التي تتوقع التفوق المطلق من الأبناء والوصول إلي نسب عالية من الدرجات دون النظر إلي قدراتهم ودائما تتطلع إلي الدرجات النهائية والتفوق ولاترضي بأقل من ذلك, فإن طفلها يشعر دائما بعدم رضا أمه عنه و يزداد شعوره بالتقصير فتنمو داخله مشاعر القلق والإحباط و التدني من مرحلة الطفولة, وتزداد أكثر في المراهقة فيكون فريسة سهلة للتعرض للاكتئاب. والأم الوسواسية التي دائما تهتم بنظافة البيت و ترتيبه و تنفعل حين يخل الأطفال بالنظام التي قامت به, فإن الطفل يسأم هذه الطريقة لأنه يشعر دائما أنه مقيد ويفضل الإقامة عند أجداده حتي يشعر بالحرية, وفي فترات المراهقة يفضل الوجود خارج المنزل أغلب الوقت ولا يشارك الأسرة في أي زيارات. والأم المتسلطة كثيرة الأوامر والمتحكمة التي تصر علي رأيها و لا تقتنع بوجهة نظر الآخر يصبح طفلها خجولا تظهر عليه علامات الإفراط في الحركة والسرحان وأحلام اليقظة و الاندفاع مع عدم حساب العواقب. و أخيرا.. تنصح د.هبة كل أم بأن تتحلي بالصبر والمبادرة مع إعطاء الطفل الفرصة للتعبير عن رأيه والاهتمام بما يخصه, و تراقبه عن بعد وتتدخل فقط لإعطائه النصيحة والإرشاد وتشجعه بكلمات رقيقة أو تقدم له مكافأة و تبتعد عن الإهانة والقسوة لأن الهدف هو تربية طفل مرن خلاق, لديه ثقة بنفسه ويستطيع حل مشاكله بنفسه حتي يصبح شخصية متوازنة.