في عام2001 صدرت عدة مؤلفات عن الارهاب إثر أحداث11 سبتمبر, إذ بعدها شاع الارهاب إلي الحد الذي تمكن فيه من كوكب الأرض. وأنا أريد في هذا المقال والمقالات القادمة أن أجري حوارا مع أصحاب تلك المؤلفات بحثا عن أسباب الإرهاب, وعن كيفية إزالتها من أجل تذوق الحياة مع التقدم, والاستمتاع بالحرية مع التحرر. والسؤال اذن: هل نحن نحيا في عصر الارهاب؟ الجواب بالإيجاب في مؤلف صدر في عام2001 عنوانه الرئيسي عصر الارهاب وعنوانه الفرعي أمريكا والعالم بعد11 سبتمبر. وقد اشترك في تأليفه ثمانية من كبار المفكرين. والرأي السائد عند هؤلاء أن الارهاب مغاير عن الحرب التقليدية. فالحرب التقليدية تنشب ضد عدو محدد يتمثل في نظام سياسي, في حين أن الارهاب لا يتجه إلي نظام سياسي أيا كان, إنما يتجه إلي معتقد ديني ويستعين في القضاء عليه بظاهرة الكوكبية في تحررها من الزمان والمكان, إذ في إمكان الإرهابي التنقل بحرية وبسرعة وبسهولة, ويجهز علي من يريد قتله ثم يعود إلي الكهف الذي يقيم فيه. هكذا كان بن لادن زعيم القاعدة, فقد أذاع بيانا في7 أكتوبر عام2001 عن أحداث11 سبتمبر من شريط مسجل, ثم عاد إلي الكهف بعد أن أثني علي شهداء11 سبتمبر الذين رفعوا سيف الاسلام في وجه أمريكا واسرائيل. وبعد إذاعة البيان تغير حال أمريكا, إذ فقدت الأمن والأمان, فلم تعد عزلتها ممكنة بل لم تعد أسلحتها التقليدية صالحة, وبالتالي لم تعد القوة العظمي الوحيدة التي لم تكن في حاجة إلي معونة الآخرين. ومن هنا صك الرئيس الأمريكي جورج بوش مصطلح نظام عالمي جديد يدعو فيه إلي تضامن الدول والشعوب. وبعد إذاعة البيان أثير السؤال الآتي: لماذا الإرهاب؟ جواب أولئك المفكرين الثمانية أن الارهاب مردود إلي شيوع التطرف في العالم الإسلامي بسبب كراهية الغرب ومعاداة الحداثة. فاذا كانت الحداثة هي ثمرة التنوير, فإعمال العقل ملازم لها. إلا أن النخبة الاسلامية لم تنشغل بإشاعة التنوير, بل انشغلت بدفع الشعب إلي كراهية الغرب, وكراهية الحداثة,لأنها إفراز من الغرب, بل راحت تؤيد الانقلابات العسكرية في كل من مصر وسوريا والعراق, وتغازل التيارات الاسلامية. والسؤال اذن: ماذا حدث بعد ذلك؟ انهارت الطبقة الوسطي فانفتح الطريق أمام الاسلام الراديكالي, وكان رمزه محمد عطا المفجر لأحداث11 سبتمبر, وبعد ذلك شاعت السيارات المفخخة لدي حزب الله وشباب فلسطين وحماس والجهاد الإسلامي, وتحكمت سلفية سيد قطب في ذلك الاسلام الراديكالي, وقررت تأسيس دولة اسلامية عالمية بالعنف عند الضرورة لإحياء الخلافة الاسلامية. وترتب علي ذلك التلازم بين الارهاب وإبادة اسرائيل, الأمر الذي أفضي إلي انهيار عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين.والمفارقة هنا أن المعتدلين من رجال الدين الإسلامي أصبحوا من أعداء السلام.ويري المفكرون الثمانية في كتاب عصر الارهاب أن الارهابيين محكومون برؤية واحدة وهي أنهم أصدقاء الله, وأن في انتظارهم حوريات يقمن في فردوس النعيم, وكلهن أمل في الالتقاء بأصدقاء الله, ومن هنا كان نضال الارهابيين مزدوجا. نضال من أجل الله ومن أجل الحوريات. وخلاصة الكتاب مركزة في سؤالين: لماذا تخلف العالم الإسلامي؟ ولماذا تخلفت أمريكا؟ جواب السؤال الأول أن تخلف العالم الإسلامي مردود إلي وهمين: وهم إعادة الخلافة الاسلامية, ووهم المؤامرات الخارجية الموجهة إلي العالم الإسلامي. أما جواب السؤال الثاني فهو أن السياسة الخارجية الأمريكية لم تتغير منذ الحرب الباردة, إذ لم تعد مواكبة للبيئة الجديدة التي أفرزتها الكوكبية, والتي تدور حول إضعاف الدولة وهو الأمر الذي ينشده الارهاب الإسلامي, لأنه مع موت الدولة يمكن للإسلام الراديكالي من التمكن من كوكب الأرض, وبالتالي من تحقيق الخلافة الاسلامية. والرأي عندي أن الاسلام الراديكالي هو, في جوهره, مفهوم أصولي عن الاسلام, وبالتالي يكون من الأصوب أن ننشغل بتحليل الأصولية الاسلامية بديلا عن الراديكالية الاسلامية, ونقول الأصوب لأن الأصولية أوضح في معناها من الراديكالية, إذ هي تعني وهم امتلاك الحقيقة المطلقة, ومن شأن هذا الوهم أن يصبح الانسان إلها. وألوهية الانسان, في هذه الحالة, تصبح حالة ذهنية ازالتها تكون مرهونة بتوليد علمانية تكون مضادا حيويا لإزالة الأصولية. لمزيد من مقالات مراد وهبة