أقام النحل خلية جميلة متينة البناء في فجوة داخل شجرة. ومثلما يوجد في كل خلية, كان يعيش في تلك الخلية نوعان من النحل: شغالات النحل التي تقضي عمرها كله تجمع الرحيق وتصنع العسل وشمع الخلايا وعيونها, وذكور النحل التي تستلقي متراخية في كسل وخمول. ذات يوم بدأ ذكور النحل يتفاخرون قائلين: ما أذكانا وأقوانا.. بخبرتنا استطعنا إقامة هذه الخلية الرائعة!.. أثار هذا الادعاء غضب شغالات النحل, فاستدعت الهدهد ليحكم في صحة تلك الأقوال التي يرددها الذكور. قال الهدهد: من الصعب أن أقرر من منكم الذي أقام هذه الخلية الجميلة متينة البناء.. إنكم تتشابهون في أجسامكم شبها شديدا. ومع ذلك فإن عندي اقتراحا: أن تتركوا جميعا هذه الخلية, علي أن يبحث ذكور النحل عن مكان آخر يقيمون فيه خلية أخري بغير استعانة بالشغالات, كذلك تبحث الشغالات عن مكان آخر تبني فيه خلية جديدة بعيدا عن الذكور. وعندما تنتهون من بناء الخليتين أذهب لمشاهدتهما, أتأمل هندسة إقامة عيون الخلايا, وأتذوق طعم العسل, عندئذ أعرف في الحال من الذي يستطيع بناء الخلايا, ومن الذي أقام أفضل خلية. صاح الذكور: هذا ليس عدلا!.. لماذا نترك خليتنا هذه لنبني خلية أخري ؟! إننا نتباهي بجمال هذه الخلية بالذات, في تجويف هذه الشجرة التي نعيش فيها الآن, ولسنا بحاجة إلي خلية أخري! عندئذ تقدمت الشغالات وقلن في حماس: أما نحن, فإننا علي استعداد لأن نبدأ فورا في بناء الخلية الجديدة. إننا علي ثقة فيما سيكون عليه جمالها, ودقة وسلامة قيامها بوظائفها, تماما كالتي نعيش فيها الآن!! بل بدأت الشغالات فعلا, وبغير انتظار, في بناء الخلية الجديدة. هنا التفت الهدهد إلي الشغالات وقال: الآن عرفت من منكم يستطيع أن يقيم خلية نحل جميلة نافعة متينة, كما عرفت من الذي يعجز عن ذلك.. ومن المؤكد أن هذه الخلية وما بها من عسل هي من صنعكن أنتن أيتها الشغالات, فالأفعال تدل علي صحة الأقوال... أما ادعاءات الذكور فهي اكتفاء بالقول وهروب من الفعل!!