مجرد لعبة كمبيوتر( يتقاتل) إبناي في رحابها يوميا, فلما كان أن راودتني نزعة طفولية عارمة في أن انضم إليهما كي ألعب.. فعلت!! فمن كنت أنا؟ جندي أمريكي مكلف بتنفيذ إحدي عمليات مكافحة( الإرهاب) في إفريقيا(السمراء) حيث تهبط بي الطائرة العسكرية بالقرب من مدينة بائسة لأواجه مجموعة مسلحة من بشر أكثر بؤسا, فأجوب الحارات والشوارع بحثا عنهم!! فلما فعلت, لفتت انتباهي عبارات مكتوبة بالعربية عن بعد علي الحوائط, فسألت نفسي( صامتا): وما علاقة اللغة العربية بإفريقيا السمراء؟ فلم أجد إجابة! اقتربت أكثر من البناية غير عابئ بأحداث اللعبة, فهالني أن رأيت العبارة التالية مخطوطة بالبنط العريض:( يسقط الطاغية مبارك)!! فسألت نفسي( صامتا) أيضا: وما علاقة مبارك بإفريقيا السمراء؟ فلم أجد إجابة! تركت اللعبة( للمراهقين), وبدأت رحلة بحث في أرض الواقع عن جريمة أخري: اللعبة بعنوانCallofDutyMW3 وترجمتها( نداء الواجب الحرب الحديثة3), وهي من إنتاج كبريات الشركات( الأمريكية) في هذا المجال(Activision). ولقد حدثتك من قبل( وكنت أول المتحدثين عن ذلك في الإعلام المصري بالمناسبة) عن أن حدود المؤامرة علي مصر قد طالت ما لا نتخيله من دسائس, وكان أغربها قاطبة توظيف الإعلانات لأغراض التحريض الثوري(راجع مقالي بعنوان( ولعها) المؤرخ علي موقع الأهرام); أما اليوم فاسمح لي أن أزف إليك مساحة جديدة من المؤامرة النشء!! إن الذي يجول بخاطره( تضمين) رسالة ثورية تحريضية في لعبة للأطفال والمراهقين هو ليس شخصا هينا, بل هو ليس شخصا أصلا, وإنما مؤسسات أمنية شديدة المراس; فلا أعتقد أن شركة مثل(Activision) يهمها اندلاع أو تأجيج نغمة الثورة المصرية وإنما هناك من يهمه ذلك.. ولم يزل!! تركت اللعبة لحالها وسرحت بخيالي قليلا, فتذكرت مصيبة أخري لا تقل خطورة( تسربت) إن خانت: مسلسل أطفال ناطق باللهجة المصرية أسموه( عالم سمسم), ربما لا يعلم الكثيرون أن( الحكومة الأمريكية) بجلالة قدرها ممثلة في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية قد مولته باتفاقية مع الحكومة المصرية من أجل عيون أطفالنا( لتضمين رسائل تثقيفية) إليهم!! فلما تعلم أن هذا التضمين( البرئ) قد بدأ منذ عام1997 أي قبل13 عاما من اندلاع( ثورتنا المجيدة), فإن الأمر ولا شك يحتاج منا إلي وقفة سريعة( لمراجعة) محتوي هذه( الهرتلة) قبل الانسياق وراء بثها أو إعادة بثها علي(أجيال أخري)!! تركت( عالم سمسم) وسرحت بخيالي( كثيرا) فتذكرت مصيبة أخري: مسلسل مغامرات سخيف أمطرونا به لسنوات أسموه( سلاحف النينجا); يكرس لفكرة( حفنة) من شباب تمارس أعمالا( عنيفة) في رداء بطولة من اختراع شخصين أمريكيين هما بيتر ليرد و كيفين إيستمان في كتاب كوميدي تلقفته شركة إنتاج أمريكية منذ عام1987 وحولته إلي رسوم متحركة بالعربية!! وسؤالي هو: ألا يلفت انتباهك تلك الحقائب( المحمولة علي الظهور) شديدة الانتشار( فجأة) بين شباب المتظاهرين منذ اندلاع ثورة25 يناير؟ ألا تجد ثمة تشابه يذكر بين شكل ظهورهم( بهذه الحقائب) و شكل ظهور سلاحف النينجا التي ذكرت, ثم أعمال العنف( البطولية) التي يقدمون عليها؟ وأنا لا أقول هنا إن المسلسل قد صمم خصيصا لهذا الغرض, ولكني ألفت انتباهك إلي حرفية( استغلال) هذه النوعية من المواد عموما, ألعابا كانت أو برامج أو مسلسلات, للربط الوجداني والترغيب والتشجيع بين أوساط المراهقين!! إن الذين يتصورون أن الأمريكيين قد خانوا نظام مبارك وحده هم واهمون; فلقد خانوا الكثيرين أيضا من بعد أن خالوا عليه( بكفي) شعار المعونة الأمريكية( المتعانقين): خانوا الأقباط من بعد أن أوحوا إليهم لسنوات بتأييد مبين, وعززوا فكرة أقباط المهجر الصارخين في وجه مبارك كلما زار الولاياتالمتحدة وحين يعود ثم لم نسمع لهم صوتا اليوم; يتجلي ظهور السفير الأمريكي بإصرار في كل قداس إلهي رئيس بالقاهرة; يتلقفه المصلون بعاصفة من التصفيق في رسالة تلغرافية صامتة لم تعرف سوي لغة( الأكف), ثم لم نر للسفير وجودا من بعد حرق الكنائس وقتل الأبرياء منهم!! ولقد خانوا الإخوان المسلمين بعد ذلك حين وظفوهم لتأجيج الثورة المجيدة مخرجين إياهم من سراديب الزمان موحين إليهم بمنتهي التأييد, ثم تركوهم أدراج الرياح بطول عام حكمهم, يلاعبونهم بكروت قرض البنك الدولي والمساعدات, وهم الغارقون في مشكلات الاضطرابات والفئويات و ميراث الديون, ثم هائمون بعد السقوط في الميادين رافعين( كفا) لا يغني ولا يسمن من جوع!! و لقد خانوا الشعب المصري بأسره حين أوحوا إليه بزخرف القول بسراب يحسبه الظمآن ماء عن الأموال المستردة شحذا للثورة من أجل الحرية والديمقراطية, فما جني المصريون سوي الاقتتال بالشوارع رافعين( أكف) العوز والحرمان!! حتي طابورهم الخامس خانوه, من بعد أن وعدوا عناصره بأحلي الوعود ثم تركوهم هائمين في بلاد الله يرفعون( أكف) الخوف من صفعات العدالة المرتقبة! وبذكر الطابور الخامس, ليس أقوي ولا أدل من عبارة أطلقها أدولف هتلر أيقونة الغزاة وصاحب أشهر( كف) مرفوعة في التاريخ: لم أجد أحقر من أولئك الذين ساعدوني علي احتلال أوطانهم!! لمزيد من مقالات أشرف عبد المنعم