السلفيون يخوضون الآن معارك حامية الوطيس علي عدة جبهات, لحسم الفائز بقيادة التيار الاسلامي قبل حلول الاستحقاقات الدستورية المقررة من انتخابات برلمانية ورئاسية, بعد تنحية الإخوان جانبا من هرم السلطة. والمنطق السائد بين السلفيين أن حزب النور الظهير السابق للإخوان هو الأحق والأولي بهذه القيادة, خصوصا وأنه أبدي القدر الكافي الدال علي تمتعه بالرشد والأهلية السياسية, علي عكس الجماعة التي طار عقلها واختل توازنها, منذ خلع رجلها محمد مرسي. ولا توجد غضاضة ولا تأثيم في جزئية سعي واستعجال السلفيين لتصدر المشهد العام, وإقناع الناس بأنهم البديل الأعقل للإخوان, لكن الغضاضة تتركز في أن السائرين علي الدرب السلفي لم يقدموا للمصريين بعد ما يشعرهم بالطمأنينة والسكينة من ناحيتهم. فالسلفيون حتي هذه اللحظة يريدون إعادة تدوير المشروع الإخواني ولكن بشكل يبدو جديدا في عيون الناظرين والمتابعين لهم, فهم يحدثونك عن المشروع الإسلامي ويخلطون من خلاله بين الديني والسياسي, علاوة علي إثارة النعرة والفتنة الدينية مع أن المجتمع المصري لا يلزمه ما من شأنه تقسيمه وبعثرة قواه الخائرة. وانظر علي سبيل المثال إلي حركتهم داخل لجنة الخمسين, والزوبعة المتعلقة بما يسمونه مواد الهوية والضغط لصياغة الدستور بما يتوافق مع تصوراتهم, ثم هذه المعركة غير الملائمة في هذا التوقيت مع الشيعة, وكأن ما حدث في قرية أبومسلم لم يكن كافيا لردع من تسول له نفسه افتعال مشادات ومناوشات فرعية لا طائل ولا عائد من ورائها سوي الفرقة والاقتتال الداخلي, ثم من الذي منح السلفيين الحق في التصدي لأفعال يرونها مخالفة للدين؟ وأين موقع الدولة من ذلك؟ إن السلفيين, رغم تقديري لبعض مواقفهم الإيجابية بعد30 يونيو, يتغافلون عن أنهم كانوا الوجه الأخر للعملة الإخوانية, وكانوا شركاء فيما اقترفوه من مصائب وكوارث كلفتنا غاليا, وإذا أصروا علي المشاركة, وهو حق لا ننازعهم فيه, فلابد من قيامهم بمبادرة مراجعة لتنقية أفكارهم إزاء الدولة الوطنية والأقباط والمسلمين من غير معتنقي المذهب السني, بعدها سنفتح أذرعنا ترحيبا بهم في العمل السياسي. لمزيد من مقالات محمد إبراهيم الدسوقي