اشتاق لابتسامة المصريين, تلك أمنية عزيزة عبرت عنها بكلمات رقيقة صادقة الملكة رانيا زوجة العاهل الاردني, وبدا من تصريحات رانيا, التي عاشت لسنوات في مصر, أن الشعب المصري تنازل عن سمة أصيلة مميزة له, بسبب ظروفه القهرية الراهنة وما يواجهه من عدم استقرار سياسي وأمني واقتصادي, خلال السنوات الثلاث الفائتة. فالمزاج السائد في بلادنا يطغي عليه الكآبة والنزعة السوداوية ويتغلغل أكثر فأكثر كلما انزلقنا لأسفل بدلا من الارتقاء لأعلي, وكلنا علي دراية تامة بشعور الناس بالغثيان والامتعاض من حالنا وتقصير حكومتنا ونحن في غني عن سرد تفاصيلها. ومن ثم, يلزمنا الساخر المتزن الواعي القادر علي إعادة البسمة لشفاهنا وتبصيرنا بعيوبنا ومساوئنا, وفارق شاسع بين الساخر والمهرج أو البلياتشو, فالأول بذكائه وخفة دمه يستطيع أن يجرح دون أن يسيل قطرة دم واحدة, أما الثاني فرسالته الإضحاك لمجرد الإضحاك, وأدواته عمادها المبالغة وليس مطالبا بان يكون صاحب رسالة. وتاريخنا القديم والحديث يكتظ بنماذج للعظماء من الساخرين الذين حملوا علي أكتافهم كشف الكثير من سوءات السلطة دون أن يتجاوزوا في سخريتهم ولا يجرحون الذوق والآداب العامة بفجاجة تلامس الوقاحة والبذاءة, ودفعوا ثمنا باهظا بالزج بهم في السجون. والمجتمع من جهته عليه توسيع آفاقه ووضع الأمور في نصابها ووزنها الواقعي, فبرامج السخرية بما فيها الغارقة في الشطط والإيحاءات الجنسية لن تقدر علي خلخلة الثوابت أو الانتقاص من قيمة وهيبة الدولة ومؤسساتها الوطنية, وبالرغم من ذلك عليه الحذر من الدعوات المتزايدة لوقف هذا البرنامج أو ذاك وبالمرة إغلاق القناة التي تبثه. ومن الذكاء عدم نسيان أننا نعيد بناء الدولة المصرية وحتما ستكون هناك هفوات وأخطاء وتجاوزات طوال الطريق, فمن واجبنا تعلم التوقف عند ما يستحق وأن يتسع صدرنا لصغائر إذا نظرنا إليها سنجدها لا تقدم ولا تؤخر, فرجاء لا توصدوا الأبواب أمام الساخرين فقد هرمنا من الحزن فأعيدوا ابتسامتنا أثابكم الله. لمزيد من مقالات محمد إبراهيم الدسوقي