كانت باكستان بوابة دخول الأمريكيين لأفغانستان وساحة الحرب الرئيسية علي الإرهاب من وصولا لاصطياد اسامة بن لادن في أبوت آباد. وعبر نفس البوابة سعت صحيفة' واشنطن بوست' إلي غسل سمعة برامج التجسس الأمريكية التي تقودها وكالة الأمن القومي بعد أن نجح العميل السابق إدوارد سنودن في فضح انتهاكات السلطات الأمريكية لخصوصية الاتصالات عبر الإنترنت للأمريكيين ولملايين من سكان العالم. فعبر تقرير تفصيلي, تحدثت صحيفة' واشنطن بوست' عن نجاح برامج المراقبة التي تنفذها وكالة الأمن القومي في استهداف حسن غول( المعروف بالكويتي) مساعد بن لادن وقتله خلال اكتوبر2012 من خلال شبكة تجسس الكترونية اخطبوطية للسيطرة علي المعلومات المتداولة علي أجهزة الكمبيوتر المحمولة والملفات الصوتية والرسائل الإلكترونية في شمال غرب باكستان. واستفاض التقرير الإخباري في الحديث عن دور خلية مكافحة الإرهاب التابعة لوكالة الأمن القومي في تتبع رسائل قيادات القاعدة لتحديد أماكنهم ومساعدة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية' سي أي إيه' في استهداف عناصر' القاعدة' الذين يهددون الأمن الأمريكي ضمن برنامج القتل المستهدف الذي تبنته إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما ونجح في اصطياد نحو3 الاف مقاتل متشدد. وعبر سرد مفصل لقصة رصد وكالة الأمن القومي رسالة إلكترونية لزوجة حسن غول سهلت تحديد مكان مساعد بن لادن وتوصيلها ل'سي آي إيه' لاستهدافه عبر غارة لطيارة بدون طيار. حاولت' واشنطن بوست' رسم الصورة المضيئة لبرامج التجسس الالكترونية الأمريكية' سيئة السمعة', معتبرة أن الوكالة تعتمد بشكل كبير علي عمليات اختراق مباشر لجمع المعلومات عبر شبكات المراقبة في بوابات الإنترنت الرئيسية بالعالم. لتنتهي بجملة مدير وكالة الأمن القومي كيث الكسندر:' إن قضيتنا قضية نبيلة.. ومهمتنا هي الدفاع عن هذه الأمة.. وحماية الحريات المدنية وخصوصيتنا'. وبعيدا عن محاولات' غسيل السمعة' لوكالة الأمن القومي, فإن باكستان أصبحت المسرح الرئيسي للتجارب للولايات المتحدة. فالمخابرات الأمريكية دفعت بثقلها وراء عمليات استهداف عناصر' القاعدة' عبر غارات الطائرات بدون طيار والتي بلغ عددها نحو330 غارة في المناطق الجبلية منذ.2004 وبعد نجاح تكتيك الطائرة بدون طيار بدأت أمريكا في التوسع باستخدام هذا التكتيك لمواجهة العناصر المتشددة في اليمن وعدد آخر من الدول. ونجحت الإدارة الأمريكية في كتم الأصوات المعارضة لهذه الغارات التي كشفت السلطات الباكستانية عن أنها اودت بحياة400 مدني علي الأقل عبر التركيز علي النجاحات في اختراق صفوف القاعدة وقتل عدد من قيادات التنظيم بصرف النظر عما تمثله الهجمات من انتهاك لسيادة دولة مستقلة بحسب رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف. وخطورة حقل التجارب الباكستاني أنه يصنع سوابق لانتهاك الولاياتالمتحدة قواعد القانون الدولي وفتح الباب كما حدث بالفعل أمام تكرار الطائرات الأمريكية بدون طيار غاراتها في أكثر من بقعة في العالم بزعم مكافحة الإرهاب. واليوم يفتح تقرير' واشنطن بوست' الباب أمام مسوغات جديدة لتبرير تجسس أمريكا وجهاز الأمن القومي علي حسابات الأشخاص ورسائلهم بشبكة الإنترنت في الدول ذات الأغلبية المسلمة بزعم مكافحة الإرهاب بعد أن واجه برنامج التجسس علي الإنترنت انتقادات عنيفة في أوروبا وأمريكا اللاتينية التي اعتبرته انتهاكا لحقوق الإنسان. وبالتالي فإن الطريق الوحيد لتبرير التجسس الإلكتروني الأمريكي هو رفع شعار' مكافحة الإرهاب' والمكان الأنسب لإبراز الانتصارات هو باكستان والنتيجة هو رفع حائط صد صلب في مواجهة الانتقادات في حال الفضح عن عمليات تجسس ومراقبة لمستخدمي الانترنت في الدول العربية والإسلامية.