من المؤسف أن المعاقين في مصر لم يسلموا من أباطرة الفساد, فلقد انتشرت في الآونة الأخيرة المتاجرة بهم, واستغلال معاناتهم لتحقيق مكاسب مادية وأدبية, كان منها سيارات المعاقين, ومن بينها أيضا ما يتعلق بدمج المعاقين مع أقرانهم العاديين في المدارس العادية! لقد قامت فكرة الدمج علي تقديم جميع الخدمات والرعاية لذوي الإعاقة في بيئة بعيدة عن العزل, وهي بيئة الفصل الدراسي العادي بالمدرسة العادية, أو في فصل دراسي خاص بالمدرسة العادية, أو فيما يسمي بغرف المصادر, التي تقدم خدماتها لذوي الاحتياجات الخاصة لبعض الوقت.. إلا أن الموضوع خرج عن هذا الإطار فقد تمت المتاجرة بالاسم والدمج الشكلي فقط, وخاصة في ظل نظام تعليمي سيئ.. فأي دمج الذي نتحدث عنه في ظل تردي أوضاع المعاقين في مصر, ومنها الوضع التعليمي؟! لقد أشارت بعض الإحصائيات إلي أن نحو4% فقط من المعاقين ملتحقون ببرامج التعليم النظامي..فكيف نتحدث عن الدمج في مجتمع لا يزال يستخدم لفظ معاق للسخرية ؟! وبرغم أنني مؤمن بأهمية فكرة الدمج, وبحق بعض ذوي الإعاقة في ذلك, خاصة ممن تنطبق عليه شروط الدمج إلا أن الدمج في مصر إما أن يكون لبعض الأسر المتوسطة والفقيرة في بعض المدارس الحكومية, التي تحمل تجربة الدمج بها العديد من المشكلات والسلبيات, والشكل الثاني أن يكون في الأسر ذات المستوي الاجتماعي والمعيشي المرتفع, وهم في الغالب إما أن يقعوا فريسة للنصب; حيث يستغل بعض أصحاب المدارس الدولية واللغات التوجه العالمي والعربي الحديث نحو دمج ذوي الإعاقة, وكذلك رغبة وحلم الأباء في رؤية أطفالهم بالمدارس, ويتم دفع مصروفات باهظة من أجل ذلك. وفي الغالب لا يكون هذا الدمج إلا مجرد تسكين. وهناك أيضا بعض الأسر التي تلجأ للدمج كرد فعل نفسي لإنكار الإعاقة والهروب منها فتلجأ إلي بعض المدارس الدولية التي تطبق الدمج, ويكون الهدف الحصول علي شهادة, وكذلك كشكل اجتماعي.. ومن المؤسف أن نجد بعض المتخصصين في الطب النفسي يزينون ذلك للآباء والأمهات! فماذا سيستفيد طفل توحدي بعد الحصول علي شهادة, وهو لا يستطيع القيام ببعض مهارات الرعاية الذاتية البسيطة؟! إن تعليم الأطفال ذوي الإعاقة في مدارس خاصة بهم أكثر فاعلية وأمنا حتي لو أدي ذلك لعزلهم عن المجتمع.