تزايدت أخيرا المخاوف من انتقال الصراع الطائفي الذي يعيشه العراق وسوريا إلي لبنان عقب التفجيرات الارهابية التي شهدها الأخير وأن تصبح بداية للحرب الطائفية الكبري في المنطقة بين الطائفة السنية والشيعية. والتي بشر بها المؤرخ اليهودي الذي يحمل الجنسيتين البريطانية والأمريكية برنارد لويس في كتابه' مستقبل الشرق الأوسط' الصادر عام1997, وكشرط لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد, ومن ثم فهذه التفجيرات تكتتسب خطورتها من عدة عوامل أولها, أنها استهدفت لأول مرة مناطق شيعية واضحة كجنوببيروت, ومناطق سنية بارزة كمساجد طرابلس, وقد حدثت بالتزامن مع الحرب الطائفية في سوريا وتجدد الصراع الطائفي في العراق, فأهم بلدان الجوار تعاني من حرب طائفية مذهبية داخل كل منها تشمل كل الطوائف وترتكز بالأساس بين السنة والشيعة, فالوضع في العراق شديد الخطورة في ضوء تركز الشيعة الذين يشكلون الأغلبية في الجنوب والشرق, والسنة في الوسط والغرب, والأكراد في الشمال, وكل هذه الطوائف تمتلك ميليشيات مسلحة فضلا عن العديد من التنظيمات الارهابية المسؤلة عن عمليات توازن الرعب الأرهابي في العراق. فمثلا إذا وقعت عملية ارهابية ضد الشيعة في البصرة, تجد بعدها مباشرة عملية ارهابية انتقامية ضد سنة بغداد أو الرمادي. ومن الواضح أن النيران العراقية والسورية, بدأت تتمدد إلي الداخل اللبناني وتهدد بنقل هذه الحرب إليه, خاصة مع مشاركة حزب الله ممثلا للطائفة الشيعية اللبنانية في الحرب الطائفية في سوريا, إلي جانب الأقلية العلوية الشيعية الحاكمة وضد الأغلبية السنية المقهورة,كما تقاتل إيران الشيعية وفصائل شيعية عراقية إلي جانب النظام العلوي الشيعي السوري, في مواجهة الأغلبية السنية هناك التي تدعمها فصائل سنية عراقية, أما أكراد العراق فأعلنوا حمايتهم لأكراد سوريا ودعمهم بالمال والسلاح والمقاتلين. ومن ثم فهذه التفجيرات والمناوشات المسلحة بين الأقلية العلوية الشيعية والأغلبية السنية في طرابلس والسيارات المفخخة والخلايا الإرهابية التي وضعت ثقلها أخيرا في لبنان, تعد امتدادا لما يحدث في سوريا والعراق, وتعيد للأذهان ذكريات الحرب الأهلية الطائفية التي عاني منها لبنان في الفترة من 1974 - 1990, وتطرح مخاوف جدية من توسع رقعة التفجيرات إلي مناطق جديدة علي غرار النموذج العراقي أوالسوري, عزز تلك المخاوف اكتشاف سيارة تحمل250كيلوجراما من المتفجرات في منطقة الناعمة, واتهام جماعات مسلحة بالمسئولية عن هذه التفجيرات, ما أثار أكثر من سؤال عن هوية هذه الجماعات وعمن يقف وراءها ومن يدعمها؟, وهذا ما أشاع قلقا وخوفا بين اللبنانيين الذين بدأوا يعيشون فعلا في أجواء وتداعيات الحرب في سوريا والصراع العراقي. والعامل الأخر, أن الساحة اللبنانية مهيأة لمثل هذا التطور, ففضلا عن الجمود الذي يسيطر علي الوضع السياسي, ولا سيما في الموضوع الحكومي بسبب تمسك كل طرف بموقفه من طبيعة الحكومة الجديدة وشكلها ودورها علي المستوي الوطني, هناك حالة الصراعات السياسية الطائفية الحادة التي يعيشها لبنان, خاصة بين السنة والشيعة سواء في طرابلس أو بيروت أو الجنوب, فضلا عن دخول الدروز والطوائف المسيحية الأخري علي الخط, وما يزيد هذه المشكلة تعقيدا أن الأراضي اللبنانية مقسمة علي أساس طائفي, فكل طائفة متخندقة في منطقة بعينها كما أن لكل منها فصائل مسلحة. العامل الأخطر, هو دور أطراف اقليمية ودولية مثل إسرائيل أوالولايات المتحدة وبريطانيا وعملاء النظام السوري, حيث كشفت عملية إلقاء القبض علي الوزير السابق ميشال سماحة, أن النظام السوري وعملاءه ضالعون بالتخطيط لتفجيرات واستهداف شخصيات سياسية ولبنانية, لإشعال الحرب الأهلية في الساحة اللبنانية, كما ترغب إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا, في اشعال الحرب الأهلية المذهبية في هذه المنطقة كمقدمة ضرورية لتنفيذ مخططها لتقسيم الشرق الأوسط, كما ورد في المشروعات المختلفة عن الشرق الأوسط الجديد, خاصة وأن بيروت كانت قد استفاقت قبيل هذه التفجيرات علي غارة إسرائيلية نفذت فجرا علي موقع تابع للجبهة الشعبية- القيادة العامة بمنطقة الناعمة غداة إطلاق أربعة صواريخ من جنوب لبنان علي الاراضي الفلسطينية المحتلة,كما عمدت قوات الاحتلال الإسرائيلي إلي توسيع خروقاتها للأراضي اللبنانية.