فريد زهران ل«الشاهد»: ثورة 1952 مستمدة من الفكر السوفيتي وبناءً عليه تم حل الأحزاب ودمج الاتحاد القومي والاشتراكي معًا    مفاجأة في أسعار الذهب الفترة المقبلة.. مستشار وزير التموين يكشف التفاصيل (فيديو)    أخبار × 24 ساعة.. إجراء 2 مليون و232 ألف جراحة ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    نائب محافظ القاهرة يتابع أعمال النظافة وإزالة الإشغالات بحي عين شمس    محمود محيي الدين يلتقي البابا فرانسيس على هامش مبادرة أزمة الديون في الجنوب العالمي    خبير اقتصادي: طرح كبير بنهاية العام.. والمواطن سيشعر بتحسن    مقرر بالحوار الوطني: الإصلاح السياسي مفتاح النجاح الاقتصادي والمصريون في الخارج ليسوا مجرد مصدر للعملة    أكسيوس: بنيامين جانتس يعلن اليوم انسحابه من ائتلاف نتنياهو    نيجيريا تتعادل مع جنوب أفريقيا 1 - 1 فى تصفيات كأس العالم    القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير 4 طائرات مسيرة وصاروخين مضادين للسفن    حزب الله اللبناني يعلن استهداف تجمعا لجنود إسرائيليين في مثلث الطيحات بالأسلحة الصاروخية    5 شهداء و 14 مصابا جراء قصف الاحتلال لمنزل بحي الشيخ رضوان شمال غزة    بيسكوف: "الخط الأحمر" بالنسبة لنا كان توجيه أوكرانيا ل"معادة روسيا"    تصفيات كأس العالم - بصناعة براهيم دياز.. المغرب يهزم زامبيا بصعوبة ويتصدر المجموعة    ميدو يعلن ظهوره ضيفا دائما فى برنامج الهدف مع إبراهيم عبد الجواد على أون سبورت    «صفقات سوبر ورحيل لاعب مفاجأة».. شوبير يكشف ملامح قائمة الأهلي الصيف المقبل    مصطفى شلبي: اخترت الزمالك رغم عرض الأهلي الأكبر.. سنفوز بالدوري.. وأمنيتي الاعتزال بالقلعة البيضاء    منتخب مصر الأولمبي يفوز على كوت ديفوار بهدف ميسي    دورة الترقي.. الأمل يراود «4 أندية» للصعود إلى الدوري الممتاز    استعلم مجانا الآن.. رابط نتيجة الصف الثالث الإعدادي محافظة قنا الترم الثاني 2024 برقم الجلوس    أطول إجازة رسمية.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى ووقفة عرفات لموظفين القطاع العام والخاص    شديد الحرارة نهاراً معتدل ليلًا.. حالة الطقس اليوم    ربة منزل تنهي حياتها شنقًا بعد تركها منزل زوجها في الهرم    إصابة 5 أشخاص بحالات تسمم بعد تناول سندوتشات حواوشى بالمحلة    مصرع شخص وإصابة 2 آخرين في حادث تصادم سيارة ودراجة بخارية بالدقهلية    انطلاق آخر بعثة حجاج الجمعيات الأهلية بالمنيا إلى الأراضي المقدسة.. صور    عمرو دياب وشيرين عبد الوهاب يشعلان حفل زفاف ابنة المنتج محمد السعدي (صور)    حظك اليوم برج الأسد السبت 8-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    فريد زهران: ثورة 25 يناير كشفت حجم الفراغ السياسي المروع ولم تكن هناك قيادة واضحة للثورة    هيثم الحاج علي: 30 يونيو أرست العدالة الثقافية في مصر    إزاى محمد منير غنى "ياللى بتسأل عن الحياة" مجانا بفيلم أحلى الأوقات.. اعرف القصة    كيف توزع الأضحية؟.. «الإفتاء» توضح ماذا تفعل بالأحشاء والرأس    أدعية ذي الحجة مكتوبة مفاتيح الجنان.. رددها الآن    موعد أذان الفجر بمدن ومحافظات مصر في ثاني أيام ذى الحجة    «الاتصالات»: نسعى لدخول قائمة أفضل 20 دولة في الذكاء الاصطناعي بحلول 2028    رسميا.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم السبت 8 يونيو بعد الانخفاض الأخير بالبنوك    «عيب».. تعليق ناري من شوبير بشأن أزمة تجاهل إمام عاشور لجهاز منتخب مصر    المغرب تُسقط زامبيا بثنائية في تصفيات كأس العالم    جيش الاحتلال يعترف بفشله في اعتراض طائرة عبرت من لبنان    لخلافات بينهما.. مُدرس بالمعاش يشرع في قتل طليقته بالشرقية    متحدث "الأونروا" يكشف كارثة بغزة: المياه الجوفية اختلطت بالصرف الصحي    محور يحمل اسم والده.. أحدث ظهور ل كريم محمود عبد العزيز    أستاذة اقتصاديات التعليم لإكسترا نيوز: على الطلاب البحث عن تخصصات مطلوبة بسوق العمل    "كل الزوايا" يشيد بأداء تريزيجيه.. عندما تنصف كرة القدم المقاتلين من أجلها    شاهد.. أحدث ظهور ل نيللي كريم بعد انفصالها عن هشام عاشور    أدعية ليالي العشر من ذي الحجة.. «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الهُدَى»    أحكام الأضحية.. كيفية توزيع الأُضحِيَّة وهل توزع الأحشاء والرأس    الكشف على 8095 مواطناً خلال قافلة طبية بقرية بلقطر الشرقية بالبحيرة    أخبار مصر: 4 قرارات جمهورية هامة وتكليفات رئاسية حاسمة لرئيس الحكومة الجديدة، زيادة أسعار الأدوية، أحدث قائمة بالأصناف المرتفعة في السوق    نقص هذا الفيتامين يتسبب في الإرهاق ومشاكل في الأعصاب    "هتتطبق يعني هتتطبق".. برلماني يعلق علي زيادة أسعار الأدوية    جامعة طنطا تطلق قافلة تنموية شاملة بمحافظة البحيرة بالتعاون مع 4 جامعات    "الهجرة": نحرص على المتابعة الدقيقة لتفاصيل النسخة الخامسة من مؤتمر المصريين بالخارج    أوقفوا الانتساب الموجه    كيف تحمي نفسك من مخاطر الفتة إذا كنت من مرضى الكوليسترول؟    "البحوث الفنية" بالقوات المسلحة توقع بروتوكول مع أكاديمية تكنولوجيا المعلومات لذوي الإعاقة    الأنبا باخوم يترأس قداس اليوم الثالث من تساعية القديس أنطونيوس البدواني بالظاهر    التعليم العالى: إدراج 15 جامعة مصرية فى تصنيف QS العالمى لعام 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسعار الوهمية والاستغلالية بالأسواق
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 10 - 2013

في الاقتصاد تعد الأسعار الآلية الأساس لعمل الأسواق. ولكي تحقق الأسعار الغرض منها في عمل الأسواق بكفاءة يتعين أن تكون معلومة لجميع البائعين والمشترين ومحترمة من قبلهم جميعا
وان يتساوي البائعون فيما بينهم والمشترون فيما بينهم في القوة والقدرة علي التعامل. وكي يحقق السوق, من خلال الأسعار, الصالح العام, يجب أن يمتنع المتعاملون في السوق عن الممارسات اللاأخلاقية مثل الغش والخداع. ويعد الاحتكار أسوأ نقائص السوق, فالمحتكر يخضع السوق وجميع المشترين لسطوته, ولا يتوخي إلا تعظيم أرباحه, ولو أدي ذلك إلي تخريب السوق والإضرار بالمشترين وبالسوق ذاته.
ولنبدأ بسوق سعر الصرف لأهميته المحورية في الاقتصاد المصري الذي يعتمد علي الاستيراد من الخارج لكثير من السلع الاستهلاكية ومستلزمات الإنتاج المحلي.
احتجت منذ اسابيع لمبلغ بالدولار وكان سعر الصرف المعلن من البنك المركزي سبعة جنيهات للدولار. ولكن المصرف الذي اتعامل معه اعتذر عن إتاحة الدولارات المطلوبة لأن البنك المركزي لا يسمح له ببيع الدولار, فلم يكن امامي إلا أن اسعي مكرها لأحد محال الصرافة. وعندما دخلت المحل وجدت اللوحة المعلقة تعلن عن سعر البنك المركزي, ولكن عندما حاولت التعامل مع الموظف طلب سعرا أعلي للدولار, وعندما تساءلت, قال ساخرا مشيرا إلي السعر المعلن: لا أحد يتعامل بهذا السعر!
فصل القول, مادامت البنوك لا تسمح بشراء الدولارات منها ولو لعملائها, لا يبقي لمن يريد عملة أجنبية إلا اللجوء لمحال الصرافة والسوق السوداء, ومن ثم يظل السعر الرسمي المعلن وهميا وتجري المعاملات وتتحدد الأسعار, في الاقتصاد كله في هذه الحالة, بناء علي سعر العملات الأجنبية خارج النظام المصرفي.
ولذلك, كما لاحظ قارئ فطن علي مقال سابق لي عن الغلاء, فإن الأسعار في الأسواق تشتعل كلما ارتفع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه, ولكنها لا ينخفض عندما ينخفض سعر الدولار. صحيح أن جشع التجار وإهمال الحكومة لواجبها في ضبط الأسواق والتحكم في الأسعار يبقي أحد الأسباب الرئيسية لهذه الظاهرة المستغربة. ولكن حتي لا نظلم تجار العملة, فإن سعر الصرف الوهمي سبب أصيل, فعندما يعلن البنك المركزي عن انخفاض سعر الدولار ولا توفر البنوك السيولة الدولارية, يبقي سعر الدولار تحت رحمة محال الصرافة والسوق السوداء وقد يرتفع بينما السعر الوهمي المعلن ينخفض.
فليوفر السيد محافظ البنك المركزي السيولة الدولارية لعملاء المصارف أو يعترف بأن سوق الصرافة هو الذي يتحكم بسعر صرف الدولار ويريح نفسه من إعلان السعر الوهمي ويريحنا.
وبهذه المناسبة, فمن الواجب إزجاء الشكر والتقدير إلي وزير التموين د. محمد ابو شادي علي وضع التسعيرة الاسترشادية للخضر والفاكهة ونتعشم أن تمتد لجميع السلع الأساسية لمعيشة عامة الناس وان تتحول إلي تسعيرة جبرية إن لم يلتزم التجار بجدية باحترام التسعيرة الاسترشادية, وهو مايبدو قد حدث حتي الآن.
إن المولولين من فرض التسعيرة ولو كانت استرشادية باعتبارها عودة إلي ممارسات تحد من الحرية الاقتصادية جهلة ومراءون يضعون جشع التجار فوق مصلحة الوطن والمواطن. فجميع البلدان العتيدة في ضمان الحريات تفرض التسعيرة الجبرية في أي ظروف استثنائية, مثل الحرب او الكوارث التي تستدعي فرض حالة الطوارئ, بقصد حماية مصالح عامة الناس من جشع التجار, فالنفس البشرية لأمارة بالسوء.
وفي المجال الذي فرض فيه وزير التموين التسعيرة الاسترشادية, ربما لا يعلم الجميع ان هامش الربح في تسويق الخضراوات والفاكهة والذي يذهب جله للتجار وليس للمنتجين لا يقل عن مئة في المئة من سعر المنتج, وقد يتعدي ثلاثة او أربعة اضعاف, في كل حلقة من الحلقات الوسيطة بين المنتج والمستهلك. المنتج مثلا قد يبيع كيلوجرام المانجو بجنيه ونصف الجنيه ليدفع فيه المستهلك عشرة او خمسة عشر جنيها حسب من أين يشتريه, فمحال السوبر ماركت مثلا تقتضي هامش ربح أضخم. والدليل الدامغ علي جشع التجار هو الفارق الضخم بين أسعار بسطاء البائعين واسعار السوبر ماركت الفاخرة. وهؤلاء الباعة البسطاء يبيعون باسعار اقل لأنهم إما منتجون يبيعون للمستهلك مباشرة أو علي الأقل يستبعدون بعض حلقات الاتجار الوسيطة بين المنتج والمستهلك بالإضافة إلي قلة تكاليفهم الثابتة. ولأذكر مثالا, سنحت لي فرصة لمقابلة سيدة فلاحة رائعة تبيع الجبن القريش علي رصيف طريق, وعرفت أنها صنعته بنفسها فجر اليوم نفسه, وأدهشني انها طلبت سعرا يوازي نصف ماأدفع لبقال الحي الذي اتعامل معه يوميا, في سلعة أجود. والمؤلم ان هؤلاء البائعين الغلابة الذين يوفرون سلعا ارخص وغالبا أجود لا يلاقون من الحكومة إلا العنت والعذاب من خلال المطاردة والتكدير بدلا من تنظيمهم وتقديم الخدمات اللازمة لهم كمواطنين يسعون وراء الرزق بطرق شريفة ومفيدة, بينما يحظي الأكثر جشعا بالاحترام والتيسير, وأحيانا التشجيع. إذ في العقلية البيروقراطية المتخلفة يمثل هؤلاء الباعة المفترشون الطرق وصمة قبح وعار. بينما في جميع المدن المتحضرة تشكل أسواق المنتجين او اسواق الشوارع هذه, متي ما نظمت واتيحت لها المرافق الصحية معلما جذابا ومفيدا.
والحق ان المسألة تتعدي نطاق الأخلاق إلي الخصائص الموضوعية للأسواق في علم الاقتصاد. فالأسواق الطليقة تماما أو المنفلتة, كما هو الحال في مصر, تخضع دائما لظاهرة فشل السوق. بمعني أن أي سوق منفلت ينتهي أبدا بمحاباة الأغنياء والاقوياء, وبعقاب الضعفاء والفقراء في السوق, مسببا الظلم الاجتماعي المقيت. وهذه هي اخطر سوءات الرأسمالية المنفلتة وأحط اعراضها الاحتكار الذي يضع المستهلكين تحت رحمة من يبيع السلعة أو الخدمة. ولذلك فإن أحد شروط نجاح النظم الرأسمالية في جميع الدول المتقدمة هو ضبط الأسواق ومكافحة الأسعار الاستغلالية وضرب الاحتكارات. ولذلك تعتبر مكافحة الاحتكار وضبط الأسواق من أهم وظائف الدولة حتي في الدول الرأسمالية. ومنذ أعوام قليلة او شكت الإدارة الأمريكية علي تكسير اكبر شركة في العالم, شركة ميكروسوفت العملاقة, عندما قامت عليها شبهة احتكار في سوق برمجيات الحواسيب الشخصية.
المشكلة أن المجموعة الاقتصادية في الوزارة المؤقتة الراهنة تنتمي علي ما يبدو, كما المولولين من التسعيرة الاسترشادية, إلي المدرسة ذاتها في الرأسمالية المنفلتة التي أسسها نظام الحكم التسلطي الفاسد الذي قامت الثورة الشعبية العظيمة لإسقاطه ولم تفلح بعد, ولا تعير بالا للعدالة الاجتماعية رغم انها واحدة من أهم غايات الثورة.
وليس الغرض التشهير بالتجار أو الإضرار بمصالحهم وإنما وضع ميزان للعدل في الأسواق. ولكن بكل تأكيد يستلزم العدل عقاب من يغالون في الأسعار طلبا لهامش ربح استغلالي.
ولعل وزارة التموين بالتعاون مع مركز ابحاث رصين يجرون لنا دراسة نزيهة عن هامش الربح في سلسلة تداول السلع الأساسية بين المنتج والمستهلك النهائي. ووقتها يصبح لدينا اساس متين لفرض التسعيرة بما يحقق مصالح جميع الأطراف بالعدل, بما يضمن للمنتجين والتجار هامش ربح معقول, ويحمي المستهلك من الاحتراق بلهيب الأسعار بسبب هوامش الربح المبالغ فيها في الحلقات الوسيطة بين المنتج والمستهلك.
لمزيد من مقالات د . نادر فرجانى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.