صناعات بير السلم ذلك الكابوس المزعج الذي يهدد الاقتصاد المصري بسبب منتجاتها المغشوشة لانها لاتعترف بمعايير الصناعة وفي الوقت الذي وصلت فيه العمالة في هذه الصناعات العشوائية إلي40% فان الاحصائيات تشير إلي ان هذه الصناعة تضم الآن نحو4.1 مليون مصنع أو منشأة صغيرة, ويصل عدد العاملين بها إلي2.8 مليون عامل. وهذا الانتشار في عدد المنشآت وعدد العاملين بها جعل منتجات هذا القطاع تسيطر علي مساحة كبيرة من السوق, وصلت من التطاول إلي قيام تلك المصانع بتقليد ماركات شركات معروفة عالميا ومحليا, واتخاذ هذا التقليد كستار للغش وعدم الجودة والاخلال بالمواصفات القياسية. ففي محافظة البحيرة تنقل السيارات في تكتم وسرية الادوات الكهربائية ولوازم السباكة بجميع انواعها إلي قري البحيرة بالاضافة إلي المناطق النائية والعشوائية, في مسلسل يومي يحدث بعيدا عن اعين جميع الأجهزة الأمنية والرقابية ويوضح محمود محمد عاطل أن هذه السيارات تتجه لمحال ومناطق معروفة في المناطق الشعبية أو القري النائية والعزب المتطرفة لضمان وصول البضاعة والحصول علي ثمنها بعيدا عن رقابة التموين والمباحث. فيما يؤكد سعد حسين كهربائي خطورة ان تكون لوازم الكهرباء من مواسير واسلاك رديئة الصنع, مؤكدا انها تنصهر داخل الحوائط مسببة كوارث, بينما تنفجر اللمبات مجهولة المصدر أو تحترق بعد ساعات من استخدامها. ويضيف ان شركات طباعة اغلفة مستلزمات الكهرباء مسئولة جنائيا عن ذلك اذ انها تطبع اغلفة لماركات عالمية تخدع المستهلك وتضع علامات تجارية مشهورة ومع الأسف لايدرك المستهلك انه وقع فريسة للغش التجاري إلا بعد فترة. والادهي من ذلك ولاكتمال خيوط المؤامرة علي المستهلك كما يقول محمد سالم عامل كهرباء إن الصنايعي الذي يحدد المطلوب للمنزل تكون له نسبة تعرف بالعمولة يحصل عليها من صاحب المحل حسب قيمة المشتريات من مصانع بير السلم هذه, وما يدفع المحال لبيع منتجات بير السلم هذه هو ان نسبة الربح فيها لاتقل عن300% من رأس المال كما ان البيع يتم دون فواتير واقصي ما يستطيع المستهلك الحصول عليه هي ورقة تسمي بيان أسعار بها اسم الصنف والسعر ولايعتد بها كحجة قانونية كما انها لاتضمن حق المشتري ولاتدين البائع. ولم تكن ادوات الكهرباء وحدها هي منتجات بير السلم المنتشرة بالبحيرة فحسب ولكن ادوات السباكة ايضا التي تملأ السوق بريف محافظة البحيرة واسواقها العشوائية والتي لايقل استخدامها خطورة عن استخدام ادوات كهرباء مصانع بير السلم, فبحسب مصطفي رشيدي سباك والذي يؤكد انه من الممكن ان تفاجأ بعد شهور بنشع في الحوائط والارضيات ويكون لزاما عليك تكسير البلاط لتكتشف بعدها ثقوبا بطول المواسير قد ينجم عنها كارثة انهيار الحوائط, ناهيك عن ان المحابس والحنفيات وشتي ادوات السباكة سرعان ما تفسد والسر يكمن في كونها صناعات رخيصة الأسعار غير مطابقة للمواصفات, كما انها تدخل كمنافس قوي لمنتجات المصانع الرسمية التي ستصبح بالضرورة أغلي سعرا نظرا لالتزام أصحابها بدفع الضرائب علي الاقل وما يفاقم المشكلة هو الثقافة الاستهلاكية لدي المصريين والتي تميل إلي تفضيل المنتج الارخص سعرا حتي لو كانت جودته اقل واذا كانت صناعات بير السلم موضع اهتمام الرقابة فان هذا الاهتمام يقابله اهمال الجهات المعنية الأخري كما ان قلة قليلة هي التي تعرف طريق الشكوي لجهاز حماية المستهلك أو مباحث التموين, وهذه الجهات المعنية هي التي تركت هذا القطاع ينمو حتي استفحل في الفترة الأخيرة فكيف تخرج صناعات بير السلم من مخابئها السرية وكيف يتخلص المستهلك من خطرها؟