الجاني إرهابي حتي تثبت ديانته.. يبدو أن هذا الشعار أصبح محفورا في عقلية رجال مكتب التحقيقيات الفيدرالي الأمريكي إف بي أي بعد اعتداءات11 سبتمبر2001 الإرهابية. من هذه القاعدة يمكن فهم استبعاد السلطات الأمنية أن يكون اطلاق المتعاقد أرون أليكسيس النار في مبني تابع للقوات البحرية الأمريكية حادثا إرهابيا بعد الكشف عن أن الجاني' القتيل' يمارس الديانة البوذية وليس مسلما. 'الإسلاموفوبيا' تسيطر علي الجميع ويتحسس الجميع مسدسه في الولاياتالمتحدة عندما يتم الإعلان عن حادث إطلاق نار جديد.. هذا هو ملخص المشهد عند متابعة الإعلام الرسمي الأمريكي عقب إطلاق أليكسيس النار في مبني البحرية الأمريكية الذي أودي بحياة12 شخصا في أكبر عدد من الضحايا يسقط في مقر عسكري قرب واشنطن العاصمة منذ هجمات سبتمبر. ومع تسريب أول الأخبار عن هوية الجاني والتأكد من أنه بوذي ويتكلم التايلاندية تحول الحديث إلي البحث عن أسباب الحادث وترجيح أنه يرجع إلي اضطراب نفسي أصاب اليكسيس منذ مشاركته في عمليات الإنقاذ خلال هجمات سبتمبر2001 أو كراهيته للجيش بعد فصله من الخدمة. وانتقل الحوار من مخاطر الإرهاب إلي الجدل بشأن قضية السلاح في الولاياتالمتحدة. وبدأ التفتيش عن ماضي اليكسيس وتورطه في حادث إطلاق نار سابق بسياتل في2004, وتسليط الضوء علي قصور إجراءات التفتيش في المقرات العسكرية وعدم وجود أجهزة للكشف عن المعادن ودخول الجاني للمبني بكارنيه منتهي الصلاحية بصفته متعاقدا مع البحرية الأمريكية قبل اقالته في..2011 هذا التحول في الحديث من الإرهاب للبحث عن ماضي الجاني القتيل كان حجر زاويته ديانته البوذية. وهو ما يعيد للأذهان قصة الطبيب النفسي السابق في الجيش الأمريكي نضال حسن الذي قتل13 شخصا في قاعدة فورت هود العسكرية عام.2009 ففي هذه الحادثة المشابهة, كان إنطلاق التغطية الإعلامية والتحقيقات بعد الكشف عن اعتناق نضال حسن الإسلام هو ارتباط هذا الطبيب المسلم بالتنظيمات الإرهابية. وبعيدا عن حقيقة الكشف عن علاقة فكرية بين نضال وتنظيم القاعدة فإن ما هو مسلم به أن هذا الطبيب الذي صدر بحقه حكما بالإعدام لم يرتبط تنظيميا بأي مجموعات سياسية أو إرهابية. وبالتالي كان يمكن البحث عن الأسباب النفسية للجريمة ولكن صورة الإرهابي تصدرت المشهد من البداية لتحول دون مناقشة سياسية حول السلاح أو الإجراءات الأمنية كما حدث في حادث البحرية الأمريكية الأخير. إن هذا التباين في التعامل مع قضيتين لهما نفس الملابسات تقريبا في غضون أقل من4 سنوات تشير إلي استمرار الخوف الأمريكي من المسلمين, وهو ما دعا العديد من الكتاب الأمريكيين الليبراليين إلي ضرورة البحث عن طريقة لتجاوز عقدة11 سبتمبر من خلال حوار مفتوح في المجتمع الأمريكي حول العلاقة مع المسلمين في الولاياتالمتحدة. ولكن في المقابل, فإن تكرار الحوادث الإرهابية التي يكون الجاني فيها مسلما وآخرها تفجيرات بوسطن التي كان وراءها الشقيقان تسارناييف يحول دون إعطاء التيار المعادي للإسلاموفوبيا في الولاياتالمتحدة من أخذ مبادرة حاسمة ويمنح التيار الديني المحافظ الأمريكي فرصة تلو الأخري لتصدير الخوف من المسلمين, فهذه الدائرة الجهنمية ما بين عمليات إرهابية ينخرط فيها مسلمون وخطاب الكراهية المحافظ تقود إلي جعل الديانة عامل الحسم في التفتيش عن الأسباب في الحوادث الإجرامية في الولاياتالمتحدة.