وسط الاضطراب وحالة القلق التي يعيشها المجتمع الآن, تظهر كل يوم نقاط مضيئة, ومبشرة بالأمل , ومن ذلك ما أعلنته كل من هولندا وبلجيكا منذ يومين برفع حظر سفر مواطنيها الي مصر للسياحة, خاصة الي مناطق جنوبسيناء والبحر الأحمر ونويبع, وجاء القرار كبداية لرفع بقية دول أوروبا الحظر الذي فرضته علي سفر رعاياها الي مصر. وكما نعرف فإن هذه الدول لا تصدر قراراتها إلا بعد دراسات دقيقة ومتأنية, ومادامت قد سمحت لرعاياها بالسفر الي أرض الفراعنة, فمعني ذلك أنها تثق في أن الوضع الأمني بدأ يستقر في مصر, وأن الأمن في طريقه للعودة الي سابق عهده, لتظل مصر دائما بلدا للأمن والأمان, وإذا كنا نثمن ونقدر الجهود الجبارة التي يبذلها وزير السياحة هشام زعزوع لتحقيق نقلة نوعية في الشأن السياحي. فإننا يجب أن ننظر بعين الاعتبار والتقدير للجهود المكثفة التي تبذلها وزارة الداخلية ورجال الأمن لإعادة الاستقرار الي ربوع هذا الوطن, لأن السياحة لن تعود وتزدهر إلا بعودة الأمن الي الشارع المصري أولا, إذ كيف تتوقعون من سائح أجنبي أن يأتي إلينا ليستمتع, فإذا به يفاجأ بالمظاهرات وسيارات الإسعاف تزغرد في الطرقات؟ غير أن الحقيقة التي يجب أن يعرفها القاصي والداني في بر مصر أن وزارتي الداخلية والسياحة لن تكونا قادرتين وحدهما علي اعادة عجلة السياحة للدوران بكامل طاقتها, إن السياحة هي قضية شعب مصر كله بجميع أطيافه وطوائفه, وكما هو معلوم, فإن السياحة أصبحت للمصريين موردا مهما جدا للدخل, وتدخل صناعة السياحة في كل مجال من مجالات حياتنا, وتفتح بيوتا كثيرة, بدءا من سائق التاكسي والحنطور, مرورا بالمطاعم والمصايف والشواطئ, وانتهاء بأكبر المصانع التي تنتج منتجات يحتاج إليها السائحون. إن مصر التي يقطنها نحو تستعين مليون إنسان قادرة علي استقبال مثل هذا العدد سنويا من السائحين, بشرط أن تتنامي ثقافة الاستقبال عندنا, ولم يعد مقبولا أبدا استمرار هذا الاستهتار الذي نتعامل به مع الزائرين, مطلوب علي وجه السرعة خطط عاجلة لتغيير سلوك الناس في بلادنا نحو السائحين, ومطلوب تشجيع المستثمرين من الداخل والخارج علي التوجه الي اقامة المزيد من البنية التحتية للسياحة, كالفنادق والقري السياحية والمنتجعات. ولا يغيب عن أذهاننا جميعا أن دولا أقل منا بكثير في مناطقها السياحية نجحت في جذب أضعاف ما نستقبله نحن سنويا من السائحين, وهنا ربما يكون علي وسائل الإعلام عندنا أن تولي السياحة نظرة اهتمام, بدلا من الاستغراق الغريب في شئون السياسة. لمزيد من مقالات راى الاهرام