لم تجد حكومة الدكتور حازم الببلاوي طريقا للسيطرة علي موجة الاسعار التي ضربت معظم السلع خاصة الغذائية, سوي التفكير في تطبيق التسعيرة الجبرية. ما يفتح الباب أمام مخاوف عودة السوق السوداء, حيث اعتبر اقتصاديون هذه الخطوة اذا اقرتها الحكومة ردة اقتصادية وعودة الي فترة الستينيات والسياسات الاشتراكية, خاصة ان النظام الاقتصادي للدولة يقوم علي اقتصاديات السوق الحر, في حين رحب فريق آخر بفكرة فرض تسعيرة جبرية, حيث قفزت معدلات الاسعار بشكل متزايد وان هامش الربح لدي التجار أصبح يتجاوز في بعض السلع80%, مما يجعل الدولة ملزمة لمواجهة جشع التجار وحماية المستهلك. يقول أحمد يحيي رئيس شعبة المواد الغذائية بالغرفة التجارية إن قرار تطبيق التسعيرة الجبرية إذا تم تطبيقه ردة اقتصادية, فالزمن تجاوز مثل هذه القرارات التي تتعارض مع فكرة اقتصاديات السوق الحر الذي يعتمد علي المنافسة والجودة, مع ضرورة تشديد الرقابة علي الاسواق. وأضاف يحيي إن إصرار الحكومة علي هذا القرار سيؤدي إلي إيجاد سوق سوداء يكون ضحيتها المواطن في المقام الأول, وسيسعي التجار الي تعطيش السوق, وعدم توفير السلع بالاسواق, ووقتها لن يجد المواطن أمامه سوي اللجوء للسوق السوداء,التي ستتضاعف فيها الاسعار بصورة مبالغ فيها. وقال يحيي انه فور تطبيق التسعيرة الجبرية ستختفي سلع كثيرة من الاسواق, حيث اننا نعتمد علي الاستيراد في توفير الكثير من احتياجاتنا الغذائية. وطالب رئيس شعبة المواد الغذائية الحكومة بتفعيل الرقابة علي الاسواق وجودة السلع وتاريخ الصلاحية بدلا من العودة الي أفكار الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي. من جانبه, قال الدكتور رشاد عبده رئيس المنتدي المصري للدراسات الاقتصادية ان مصلحة المستهلك تقتضي وجود منافسة بين التجار, وان الاقتصاد الرأسمالي قائم علي فكرة التوسع في المنافسة, واتاحة الفرصة لعرض السلع بالاسواق, علي أن يختار المستهلك أفضل وأجود سلعة بأرخص سعر, لكن فكرة التسعيرة الجبرية ستدفع التجار لعرض السلع الرديئة, ووقتها سيضطر المواطن إلي اللجوء للسوق السوداء. وطالب الحكومة بأن تستورد بنفسها المواد الاساسية للمواطن وعرضها من خلال منافذها المختلفة داخل المجمعات الاستهلاكية بأقل الاسعار وخفض هامش الربح بما يمكنها من رفع العبء عن المواطن, حيث ان القطاع الخاص لا ينظر فقط سوي للربح المادي وان بعض السلع تتجاوز أرباحها100%, واذا اقدمت الحكومة علي هذا القرار, ستجبر القطاع الخاص علي خفض الاسعار, وهذا ما تفعله الدول الكبري. وقال محمود العسقلاني رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء إنه أول من نادي بفرض التسعيرة الجبرية, لمواجهة غول الاسعار وإن مصر تمتلك منظومة من التشريعات تتعلق بالتسعير الجبري لم يتم الغاؤها منذ عام1945, ولا تحتاج سوي للتفعيل فقط. وأضاف العسقلاني أن كل ما فعله وزير التموين, هو التلويح باستخدام التسعيرة الجبرية والجميع يؤيده في هذا, واذا لم يتمكن من تنفيذ تهديده علي الحكومة ان تتدخل بشكل عاجل لتحديد أرباح السلع الاساسية والخدمية, حيث إن أسعار السلع في صعود كبير وهذا سوف يؤدي الي اختزال ما قامت به الحكومة في تحديد الحد الادني للأجور, حيث ان الزيادة المتوقعة ستذهب الي جيوب التجار الكبار. وعن الارتفاع الجنوني للاسعار, شدد العسقلاني علي أنه ليس هناك ما يدعو لهذه الزيادة غير المبررة, حيث يسعي التجار لتعظيم أرباحهم علي حساب المستهلك, وهذه جريمة يجب محاسبة من يرتكبها, وان السوق الحرة لا تعني تحديد الارباح كما يريد التجار بعيدا عن رقابة الدولة. اعتبر احمد سالم موظف بالمعاش أن زيادة الأسعار أصبحت تمثل العبء الأكبر لمحدودي الدخل فالسلعة تشتريها في اليوم الواحد بأكثر من ثمن وعندما نتحدث مع التجار يخبروننا أن الزيادة علي الجميع ونطالب الحكومة باتخاذ كل الإجراءات الممكنة لمواجهة جشع التجار والحد من غلاء الأسعار الذي يلتهم مرتبات الموظفين وأصحاب المعاشات في الاسبوع الأول من الشهر.