طغت علي مجتمعنا منذ اندلاع ثورة25 يناير2011 الكثير من التغيرات والتطورات في الشخصية المصرية, من ظهور التعددية في الطوائف والأفكار والاتجاهات والمذاهب والتضارب بينها الذي بات واضحا في العمليات التكفيرية التي راح يشنها البعض علي الآخر وعدم تقبل وجوده في المجتمع. وأبرز هذه التيارات من يدعون أنفسهم شيوخا ودعاة بعثوا من أجل الحفاظ علي الدين الإسلامي, فراحوا يعتلون منابر المساجد استغلالا لمصالحهم الشخصية والسياسية باسم نصرة الإسلام. فاستغلوا الدين أسوأ استغلال وسيطروا علي ذوي العقول البسيطة التي تري الدين حلا لمشاكلهم الاجتماعية, فتخلوا عن كل ما يربطهم بالمجتمع بداية من عقولهم وأخلاقياتهم ومبادئهم حتي هويتهم المصرية من أجل أفكار لا علاقة لها بدعوي الدين الحقيقية. وليس هذا الاستغلال السيئ للمنابر وليد اليوم, وإنما يرجع إلي إغفال الرقابة بشكل مباشر أو غير مباشر ومؤسسة الأزهر لأهمية المنبر ومكانته عند العديد من المصريين, ففي غضون الأعوام الثلاثين الماضية انتشرت المساجد في الأزقة والحارات وراح كل من لا يعلم يتحدث باسم الدين, هذا حلال وهذا حرام, غافلا عن دور الدين الأساسي ودعوته الحقيقية للتعايش السلمي وسط التعددية والاختلافات ودعوته للأخلاق والمثل التي لا طالما اتصف الشعب بها قبل أن تطرأ عليه العديد من التغيرات. فقد طمست الأخلاق باسم الدين وطوال العقود الثلاثة السابقة تربت أجيال علي هذه الأفكار اللا دينية وكانت نشأتها من المنابر ودور العبادة. والحقيقة أن معالجتها يجب أن تبدأ من حيث زرعت أي من المنابر نفسها التي تم إفساد العقول عن طريقها ولابد من وجود رقابة علي المنابر, وأن تكون قاصرة علي رجال الدين وشيوخ الأزهر الشريف, والدعوة لتعاليم الدين الإسلامي السمحة والوسطية نبذا للعنف, بعيدا عن أي أفكار تشددية, والدعوة إلي الأخلاق والمثل العليا التي هي جزء لا يتجزأ من الدين والمجتمع. ومن هنا أشيد بقرار وزير الأوقاف الصائب بعدم اعتلاء المنابر لغير الأزهريين بعد أن تم استغلالها بطريقة خاطئة فاهتزت صورة من يعتليه. فلطالما تعلق الناس بهذا المنبر ودوره, والذي تبدأ منه الثورة الحقيقية علي النفس لإصلاح ما تم هدمه خلال العقود الماضية. نورهان أمين عبد الرحيم