تعتبر بداية العام الدراسي موسم الأزمات للأسرة المصرية, لما يتطلبه الأبناء من تكاليف تعليمية فوق طاقة الأسرة الفقيرة والمتوسطة بدئا من الدروس الخصوصية التي بدأت بالفعل بالنسبة للشهادات العامة, إضافة لتكاليف الملابس المدرسية والأحذية حتي الشنط والأدوات الدراسية وكلها تحتاج مبالغ معجزة للأسرة البسيطة. بعد أن زادت الأسعار ما بين30 50% هذا العام مع وجود ركود عام في السوق وانحدار مستوي الأسرة ماديا وأصبح لايجدي رفع المصرفات عن الطلاب بالمدارس الحكومية والتي لاتتعدي بضع عشرات من الجنيهات للطالب. مؤشرات الشارع المصري تقول: إن نسبة الفقر ارتفعت إلي60% بين المواطنين وأن نحو25% علي الأقل من الأطفال تمنعهم الظروف من الالتحاق بالمدرسة ويجبرهم الآباء علي العمل ربما من سن الخامسة, في الوقت الذي أعلن فيه الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء ان تكاليف الانفاق من جانب الأسرة المصرية والدولة علي التعليم يتعدي70 مليار جنيه, وفي الاطار تقول السيدة لمياء محمود مدرسة إن تكاليف مصاريف الأولاد في العام الدراسي تتعدي50% من مصروفات الأسرة الأساسية بما يعني ضيق المعيشة طوال فترة الدراسة فالدروس الخصوصية لتلميذين تحتاج نحو700 جنيه وحدها لأنهما في الاعدادية والثانوية العامة, والحصة الواحدة في حدود50 جنيها للمادة وما يرتبط بذلك من مواصلات ذهابا وعودة بالاضافة للزي المدرسي الذي يتكلف نحو1200 جنيه للولد الواحد, ومن المعروف أن المدرسة الخاصة تفرض علي الأولاد زيا معينا ومحلا معينا يبيع بأسعار عالية لاتتناسب مع القيمة والجودة التي قد تكون منخفضة والآباء ملزمون بذلك لأن المدرسة تتقاضي ما بين10 20% من سعر الملابس التي تشتريها الأسرة. كما أن المصروفات الدراسية تعتبر مشكلة كبيرة في تلك المدارس والتي زادت ما بين300 500 جنيه حسب السنة الدراسية في المدارس الخاصة العادية وتزيد الضعف أو الضعفين في المدارس بالأحياء الراقية, حتي اصبحت المدارس الخاصة مهتمة بالعملية التجارية وليست التعليمية في غيبة الدولة بل إن بعض هذه المدارس تغري المدرسين بالاتجاه للدروس الخصوصية لأنهم لايتقاضون رواتب تتناسب مع جهودهم وتكون في حدود200 جنيه في المتوسط. وأضافت أن المشكلة الأخري هي مصاريف( الباص) وهي تبلغ ما بين1500 2500 في المتوسط للمدارس الخاصة العادية بزيادة تصل إلي500 جنيه عن العام الماضي وبذلك تحصل المدرسة علي رسوم مباشرة وغير مباشرة من كل مباشرةمن كل اتجاه وعلي الآباء أن يستعدوا لهذا العذاب والدفع بكل الوسائل بما يعني أن الزيادة تصل إلي30% تقريبا هذا العام, ويضاف لذلك أسعار الشنط والأحذية والتي يلح فيها الأطفال لاختيار الموديلات الجديدة التي تتعدي250 جنيها أما المتوسطة فهي في حدود75 120 جنيها ويشير مجدي دياب موظف ولديه ولد وبنت بالابتدائية إلي أن أولاده برغم أنهم بهذه المرحلة فانهم يتكلفون مبالغ عالية فهناك ارتفاع في أسعار الأحذية بنسبة لاتقل عن50% في الوقت الذي لايكفي فيه الراتب تكاليف المعيشة, ثم تأتي الكتب الدراسية التي يهملها الطالب والمدرس لشراء كتب خارجية بكل ما فيها من مزايا في الشرح والتوضيح والتي يفضلها المدرس الخصوصي لكثرة التمارين والأسئلة ايضا وهذه الكتب الخارجية تبلغ في السنة الدراسية الواحدة نحو300 جنيه. أما الكشاكيل والكراريس والأدوات الأخري فقد ارتفعت أسعارها بشدة فدستة الكشاكيل ارتفعت أسعارها من10 جنيهات الي18 جنيها في المتوسط والكراريس إلي21 جنيها بزيادة100% عن العام الماضي حتي المحال المعروفة بالتخفيضات, كما أن المدرسة تتعاقد مع صاحب محل بالهرم وهو متعاقد مع كل مدارس المنطقة وهي نحو50 مدرسة خاصة لذلك فإن عملية الشراء والمقاس تكون صعبة جدا مع الزحام لأن هذه المحال وحسب قول صاحبها تعطي نسبة أعلي للمدرسة صاحبة الزي ويتفق معهم علي نسبة عالية من الربح في مقابل إجبار الأهالي علي شراء منتجهم حتي ولو كان سيئا لأنه يحمل شعار المدرسة حتي لايشتري الأهالي من بائع غيره مما يجعل الأهالي لعبة تجارية بين المدرسة والتاجر, انخفاض الشراء ويشير حامد علي تاجر بالعتبة إلي أن نسبة شراء مستلزمات المدارس انخفضت هذا العام بدرجة عالية, رغم اقتراب العام الدراسي وهي غالبا تهم الفقراء بالدرجة الأولي وأبناء المدارس الحكومية, فهناك الأحذية الشعبية والملابس والشنط وغيرها بأسعار ارتفعت بنسبة الربع فقط, غير أن الحالة المالية تبدو منخفضة للأسرة المصرية لدرجة أن الكثيرين يتجهون لسوق المستعمل في كل شيء ورغم أنه جيد من حيث الشكل إلا أنه لايعتمد مع ظروف طاقة الأطفال والشباب, فالسوق شبه متوقفة مع حالة التوتر التي يعيشها البلد فإذا جاء اليك زبون فإنه يفاصل حتي في الربح والبائع يضطر حسب الظروف للبيع بأقل الأسعار غير أن الظاهر بين كثير من الأحياء الشعبية أن كثيرا من الأسر تقوم باصلاح الأحذية والشنط القديمة لأولادها بسبب ظروفها الصعبة التي تؤثر علي الجميع. أما الدكتورة آية ماهر أستاذ الموارد البشرية بالجامعة الألمانية فتري أن منظومة الأسرة المصرية تحتاج رعاية خاصة في ظروفنا هذه ومع بداية العام الدراسي التي تستهلك كل مواردها السابقة واللاحقة ذلك لانتشار ظاهرة من الناس يحصلون علي طعامهم من القمامة, كما أن نحو40% من التلاميد يذهبون إلي المدارس دون تناول أي طعام وسط ظروف أسرية غير مستقرة ومن الغريب أن وزارة التربية والتعليم وضعت برنامج تغذية لأطفال المدارس في صورة وجبة جافة سوف تنفذه اعتبارا من النصف الثاني من العام الدراسي, وتعلن عن ذلك مبكرا, وكان الأولي بها تنفيذ ذلك في هذه الفترة لاجتذاب وتشجيع الأسر علي انتظام أبنائهم دراسيا الأسعار والدخل وأضافت أستاذ الموارد البشرية أن زيادة أسعار احتياجات الدراسة هذا العام لايتناسب مع دخل الأسرة المصرية بحال سواء من الموظفين أو العمال أو المهن التجارية والباعة, لذلك يجب أن يكون هناك دور حيوي من جانب الدولة لرفع ضغوط العملية التعليمية وادراك أن الاستثمار الأمثل هو التعليم للنهوض بشرائح المجتمع الدنيا, وذلك بالبدء عمليا في محاربة الدروس الخصوصية التي تستهلك موارد الأسرة وذلك بفتح فصول تعليمية مجانية بالمدارس والجمعيات الخاصة ومراكز الشباب والمساجد والكنائس ودعم المدرسين بها بمكافآت جيدة جدا بجهود الأطراف المشرفة عليها, وأن تقيم الجهود علي أساس المشاركة الفعلية في حل مشكلة الدروس الخصوصية, وأن تبادر الجمعيات الخيرية وشركات رجال الأعمال بتوفير حقائب وأحذية وملابس مجانا للأطفال غير القادرين, لأن في ذلك صيانة لقوة المجتمع, وغير ذلك سيدعو هؤلاء المواطنين وأبناءهم للانصراف عن التعليم. وأن تكون هناك رقابة مطلوبة وحقيقية علي نشاطات المدارس الخاصة التي انحرفت بعضها بطلب المزيد من المصروفات دون وجه حق, في حين أن معظمها لايؤدي خدمة تعليمية حقيقية وبمراقبة أسعار الزي المدرسي وعدم تغييره سنويا. وقالت: إن العملية التعليمية وادارتها هي احدي أسباب الخلل للأسرة المصرية, فالكتاب المدرسي الذي يتكلف نحو مليار جنيه غالبا لايستخدمه الطالب لأنه لايعطي ما يحتاجه, فيهمله الطالب كما هو ثم يلقيه في القمامة في آخر العام, ويتجه في الوقت نفسه للكتاب الخارجي ليكون عبئا ماديا جديدا, بل وتجد كثيرا من أسئلة الامتحانات منقولة نصا من الكتاب الخارجي, مما أفقد الكتاب المدرسي أهميته التربوية والتعليمية والذي يضعه خبراء علي مستوي راق يدركون فكرة التفاعل مع المادة الدراسية لتشكيل عقلية ناقدة قادرة علي حل المشكلات المطروحة من خلال الأسئلة والتمارين. والأمر الآخر هو أن الطلاب مثلا في بريطانيا يحافظون علي الكتب في أثناء استخدامها ويسلمونها للمدرسة في آخر العام ويستردون ثمنها كاملا من المدرسة, مشيرة إلي أن المدرسة نفسها توفر الآلة الحاسبة من النوعيات المعلم أولا وأشارت د. آية ماهر إلي أن المحور الأول في العملية التعليمية هي المعلم الذي يجب أن نحسن أحواله المالية بالحد الأدني والأقصي لأنه يربي الأجيال لأنه سيتجه حتما للتسول من الطلاب وإجبارهم علي الدروس الخصوصية لسد احتياجاته والخلل الذي يقع فيه, فهو مطالب بتربية الأجيال وبالمعيشة الكريمة أيضا له ولأولاده, لذلك فإن رعاية مدرسي المراحل الأولي من التعليم الابتدائي ثم الاعدادي سيتضمن نتائج أعلي في الثانوي العام والفني ثم الجامعة, لأن حال المدرس صرفه عن التدريس باخلاص, ونتج عن ذلك أن معظم الطلاب يخرجون من التعليم الأساسي لايعرفون القراءة والكتابة جيدا ويتجهون للتعليم الفني, لذلك فإن هناك ضرورة لدعم مرحلة التعليم الأساسي لأنها الأساس, فإذا نظرنا إلي الدول المتقدمة وجدنا أن هذه المرحلة تحظي باهتمام يفوق التعليم الجامعي لأنه أساس المراحل التالية, لأنه يمنع الأمية والفقر بعدذلك ويسهم مباشرة في وعي النهضة والوطن. حيث ثبت أن فساد وانهيار التعليم الأساسي له علاقة بتسرب نحو25% من التلاميذ, إما فقرا أو لعدم الرعاية أو جذب التلميذ. وتساءلت أستاذ التنمية البشرية: أين دور الجمعيات الخيرية التي تحرص طوال شهر رمضان علي الدعاية فقط وليس للعمل الخيري الحقيقي, بل هي للمقابلات والسهرات والمنظرة في كثير من الأحيان, فيجب أن تحاسب وزارة التضامن هذه الجمعيات عن نشاطها طوال العام وليس رمضان فقط لحشد المواطنين للزكاة والتبرعات المدعمة للجمعية وأفرادها. كما أن الادارات التعليمية عليها واجب بتوزيع كوبونات علي الطلاب الفقراء لصرف مبالغ لدي الجهات التي تبدي استعدادها للتبرع بالغذاء أو الملابس وأي احتياجات للطفل لتوفير رعاية حقيقية له, كما يمكن للجهات الوطنية المتبرعة أن تتولي توفير الأدوات الدراسية بالمدارس لتوزيعها علي غير القادرين ودعم دروس تقوية وتوفير احتياجات العملية التعليمية مثل المعامل والمكتبات والتوسع في المدارس باستخدام مباني الحزب الوطني, أو المباني المصادرة من جماعة الإخوان التي جعلت الدولة تخسر كثيرا حتي البنية الأساسية, وأن يحظي التعليم الفني بالرعاية من خلال توفير الأجهزة الحديثة جدا, لأن الخريج الحالي ينزل للسوق, وهو لا يجيد ولايعرف شيئا, كما أن وزارة التضامن مطالبة بالرقابة علي الجمعيات المتخصصة في المجال التعليمي ومحاسبتها في الأداء لنفتح الأبواب والحلول التي تأتي مع كل هذه الجهود.