تعليقا علي رسالة تجربتي مع التوحد أود أن أشارك كاتب الرسالة التقدير والشكر لدعمه لصديقته وطفلها التوحدي... الا أنني أود أن أذكر بعض المعلومات والحقائق: التوحد إعاقة يولد الطفل بها, رغم أن أعراضها لا تبدأ بالظهور إلا في عمر سنة إلي ثلاث سنوات. وغالبا يكون التشخيص في عمر3 سنوات تقريبا من عمر الطفل وذلك عقب قلق الأهل من تأخر الطفل في تطوير المهارات اللغوية المناسبة لعمره المرحلي. ويعرف التوحد بأنه عجز يعوق تطور المهارات الاجتماعية والتواصل اللفظي وغير اللفظي واللعب التخيلي والابداعي وهو نتيجة اضطراب عصبي يؤثر علي الطريقة التي يتم من خلالها جمع المعلومات ومعالجتها بواسطة المخ. ويقدر انتشار هذا الاضطراب مع الأعراض السلوكية المصاحبة له بنسبة1 من بين400 شخص( تقريبا), وتزداد نسبة الاصابة بين الأولاد عن البنات بنسبة1:4, ولا يرتبط هذا الاضطراب بأية عوامل عرقية, أو اجتماعية, حيث لم يثبت أن لعرق الشخص أو للطبقة الاجتماعية أو الحالة التعليمية أو المالية للعائلة أية علاقة بالاصابة بالتوحد. ليس بسبب إهمال الأم المذكورة أصيب الطفل بالتوحد, وفيما مضي كان يعتقد أن التوحد ينتج عن انهيار العلاقة بين الأم وطفلها, بمعني أن الأم تكون قد أخفقت في تزويد طفلها بالحب والحنان حتي سميت الأم بالثلاجة لبرودة عواطفها أو لأنها عديمة الاحساس, فإن البحث العلمي بين أن هذه الفرضية ليس لها أساس, وأن العوامل البيولوجية هي التي تكمن وراء التوحد وليست العوامل النفسية والبيئية. وبينت عدة دراسات أن التوحد قد يرتبط باضطرابات جسمية معينة مثل الحصبة الألمانية والتشنجات وبعض الاضطرابات الوراثية وأسباب بيولوجية أخري.. وبوجه عام مازال العلماء حتي الآن لا يدركون بالتأكيد ما يسبب التوحد. كل طفل يعاني من التوحد فهو حالة فردية خاصة, ولذلك علي الآباء أن يتفهموا حالة طفلهم جيدا حتي يتسني لهم الوصول إلي مفتاحه, لأنه من الصعب علي الوالدين اقتحام عالم طفل التوحد أو ما نسميه قوقعته دون أن يأذن لهم طفلهم, فذلك الطفل يعيش في حالة من الاضطراب التي يحتاج فيها إلي من يساعده علي فهمها بفهم ما في داخله أو حوله, ثم يشرحه له ويفهمه ما يدور بداخله, ثم يساعده علي أن يتأقلم بنفسه مع هذا الاضطراب الذي يموج داخله. وبعض النصائح التي يمكن أن تتبعها الأسر التي يعاني طفلها من التوحد: (1) لابد من تحديد الأشياء التي يفضلها الطفل, وكذلك السلوكيات التي يجب أن يسلكها وكذلك تحديد الأشياء التي تضايقه. (2) التعرف علي النظام الروتيني الذي يحبه الطفل واتباعه, لأن الطفل التوحدي بطبعه روتيني. (3) لابد من تحديد جوانب الحياة( الوجدانية, الاجتماعية, المعرفية, الحياتية...) التي يعرفها. (4) بعد ذلك علي الوالدين تجنب المواقف التي تثير غضب الطفل. (5) العمل علي التقرب إليه بعلاقة جسدية بالملامسة والكلمات الرقيقة, والنجاح في التقرب إليه بهذه العلاقة مفتاح لتعديل سلوك هذا الطفل. (6) ولأن الطفل التوحدي كما قلنا روتيني, فإنه في حالة محاولة تعديل أي سلوك من سلوكياته فلابد من تجنب التغييرات المفاجئة سواء في المكان أو السلوك, ومحاولة الحفاظ علي استقراره. بالنسبة للنشاط الزائد: من المعروف أن النشاط الزائد مرتبط بالتوحد, ولتوجيه هذا النشاط يمكن الآتي: (7) استخدام الأشياء التي يفضلها الطفل من الألعاب لمحاولة جعله أكثر استقرارا, بمعني إذا كان يحب لعب الكرة مثلا, أستغل هذا الحب في جعله أكثر استقرارا بأن أدعوه بهدوء شديد إلي مشاركته اللعب, ولكن بنوع من التغيير ونحن جلوس. (8) وفي حالة عدم تقبله الجلوس والهدوء, فهناك أنواع من الأدوية يصفها الطبيب المعالج والمتابع لحالة الطفل قد تساعد في وصوله لحالة الاستقرار بدرجة بسيطة, وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليها فقط لتغيير سلوك النشاط الزائد, وإنما الاعتماد الأكبر يكون بتدريبه بالتدريج, وبصبر شديد من خلال ما يحب, وعلي المربي ألا يمل من محاولة إجلاسه أثناء اللعب, فإنه لو نجح في ذلك فسينجح بإذن الله تعالي في إيصال الطفل إلي درجة أكبر من الاستقرار في النشاط الذي يفعله. (9) ويجب التنبيه علي ضرورة تدعيم أي سلوك إيجابي يقوم به الطفل بما في ذلك من تأثير في تعديل سلوكه. أما بالنسبة للتأخر في الكلام: (10) فلابد من مواصلة التحدث إلي الطفل حتي وإن لم يرد, مادمنا متأكدين من سلامة الحاسة السمعية وأنه يسمع جيدا, حتي وإن كانت استجابته ضعيفة, ففي حالة الأطفال التوحديين يمكن أن يمتنعوا عن الاستجابة لسنوات, ولكنهم بعدها يعودون للاستجابة مرة ثانية( نشاط معين ينقطع ثم فجأة يعود مرة أخري), وبالتالي لابد من الاستمرار في عملية التعليم من خلال فهم واضح لقوقعته( بيئته) التي يحصر نفسه فيها بقدر الإمكان. (11) وكما قلنا فإن لكل طفل نظامه الروتيني الخاص, فعلي المربي أن يتبع نفس سلوك الطفل, عن طريق مشاركته بالتدريج في السلوكيات التي يقوم بها كبداية ومدخل لكسب ثقة الطفل, حتي يتقبل منا أي محاولة للتدخل لتعديل سلوكياته, بمعني نفترض أن طفلا ما تعود علي لف أصابعه, فيقوم المربي بعمل نفس الحركة أمام الطفل حتي يشعره أنه يعيش معه في نفس العالم. ويجب الانتباه إلي عدم تعجل النتائج, لأن ذلك الطفل يحتاج إلي صبر عليه, لأن نموه بطيء عن أقرانه, في الوقت الذي له جوانب تميزه عن أقرانه, فغالبية الأطفال التوحديين لهم مميزات يتمتعون بها كتفوق في الجانب الموسيقي أو أي جانب آخر, ولابد من معرفة جانب تميز الطفل واستخدامه كمدخل أساسي لتحقيق أي هدف نريد تحقيقه( تعديل سلوك, تعلم, سلوك...), بمعني الدخول إليه من مدخل ما يحب. د. بهاء الدين عبد الحكم فرج مدير مركز التقدم للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة