انتهي الدرس يا أوباما.. هكذا كان لسان حال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد لقاء دام20 دقيقة مع نظيره الأمريكي علي هامش قمة العشرين في بطرسبرج...... فقد نجح بوتين في استغلال' الأرض والجمهور' في مباراته القصيرة مع أوباما. ليعيد للعالم ملامح القيصر الروسي الشاب الذي نجح في عام2000 عبر أول لقاءاته مع رئيس أمريكي هو بيل كلينتون وقتها أن يبعث رسالة قصيرة وحاسمة هي' لقد ولد قيصر جديد في الكرملين'. فبوتين, الذي تجاوز الستين من عمره, أصبح متمرسا في كيفية التعامل مع سادة البيت الأبيض. فقد كانت أول اختبارات الرئيس الروسي عندما وصل الكرملين في بداية الألفية هو التعامل مع بيل كلينتون في ظل ملفات ساخنة كثيرة. ووقتها نجح في سحب البساط من تحت الرئيس الديمقراطي المترنح تحت ضربات معارضيه في الداخل ليفرض وجوده في الساحة الدولية وبدء ما عرف بحقبة' روسيا الوطنية' التي تدافع عن مصالحها بقوة في وجه الامبراطورية الأمريكية بعد فترة من السكون والخضوع خلال ولاية يلتسين. وبعد مرور13 عاما, قام الرئيس الروسي بزراعة الشوك علي طريق أوباما عبر تأكيد دعم النظام الروسي وما تلاها من مبادرة وضع الاسلحة الكيماوية السورية تحت الاشراف الدولي لنزع اظافر اليد الأمريكية المهيئة لضربة عسكرية تعيد' الهيبة' للرئيس الأمريكي' المتردد'. وتوازي مع ذلك منح عميل وكالة الأمن القومي الأمريكية إدوارد سنودن حق اللجوء السياسي ورفض تسليمه لواشنطن مما أجبر أوباما علي إلغاء القمة الأمريكية الروسية السنوية للمرة الأولي منذ انهيار الاتحاد السوفيتي. فقد عاد بوتين لرئاسة روسيا و'الجليد' يغطي العلاقات مع واشنطن في ظل محاولة أمريكا تجاهل المصالح الروسية في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية مما أعطي انطباعا لدي المجتمع الدولي أن الدب الروسي فقد قوته تحت وطأة البحث عن مخرج من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. وكان حجر الزاوية في إعلان وفاة النفوذ الروسي هو الملف السوري. ومن هنا كان موقف القيصر الروسي العنيد والمتشدد برفض التخلي عن نظام بشار الأسد والعمل علي دعمه الصمود أمام ضربات المعارضة المسلحة والغضب الشعبي. فقد راهن بوتين علي أن منع السيناريو الأمريكي لإسقاط بشار تأكيد إذن روسي سيعيد لموسكو دورها في الدبلوماسية الدولية وفي رسم التحولات بالشرق الأوسط. وبالفعل نجح الرئيس الروسي في كسب الرهان( حتي اللحظة), حيث أصبح الحديث عن ازاحة بشار دون موافقة روسية بمثابة ضرب من المستحيلات. واستفاد الرئيس الروسي من معارضة أغلب دول مجموعة العشرين لتوجيه ضربة عسكرية إلي سوريا وفشل حليف أوباما الرئيسي ديفيد كاميرون في الحصول علي تأييد مجلس العموم للمشاركة في الضربة. في المقابل, لم يجد أوباما سوي ورقة المثليين جنسيا للعب بها وهي الورقة التي لم يرها الأمريكيون مكافأة لورقة منح اللجوء لسنودن وتبجح بوتين في نهاية قمة العشرين بإعلان استمرار المساعدات الروسية عسكريا واقتصاديا لنظام بشار الأسد. وعلي الهامش, فإن بوتين بحسب محللين روس- يبدو أكثر تألقا في بطرسبرج مما أسهم بنجاحه في خطف انتصار دبلوماسي علي أوباما. فبطرسبرج هي المدينة التي شهدت بداية بوتين الوظيفية قبل انضمامه للمخابرات السوفيتية' كي جي بي'. فقد استغل الرئيس الروسي لقاء نظيره الأمريكي في مدينته المفضلة التي يشعر فيها بالقوة الاستثنائية مما جعله يبدو منتصرا في أول الجولات التي يلتقي فيها بوتين وأوباما كرئيسين ليدرك الرئيس الأمريكي أن التعامل مع الداهية الروسي ليس بالأمر السهل.