إن الله سبحانه يبتلي عباده المؤمنين بالشر كما يبتليهم بالخير; لاختبار حسن عملهم وصلاحه في الحالين, ولذا يقول الحق سبحانه:( ونبلوكم بالشر والخير فتنة), ومن أنواع هذا الابتلاء الإحياء والإماتة, يقول الحق سبحانه:( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور). وقد رتب الله تعالي الموت علي أسبابه المتعددة, ومن هذه الأسباب ما يتعلق باعتلال البدن: كالمرض والزمانة والشيخوخة والهرم, ومنها ما ليس له تعلق بها بل مرده إلي أمور خارجية, كالقتل أو الغرق أو الحرق أو الهدم أونحو ذلك, وقد اعتبر الشارع بعض من مات بسبب اعتلال بدنه شهيدا, كما اعتبر بعض من مات بسبب خارجي شهيدا كذلك, فقد عد رسول الله صلي الله عليه وسلم من النوع الأول من الشهداء المبطون والمطعون وصاحب ذات الجنب, وعد من النوع الثاني المقتول في سبيل الله, والمقتول دفاعا عن نفسه أو أهله أو ماله أو دينه, والغريق, وصاحب الحريق, والذي يموت تحت الهدم, والمرأة تموت عند توليدها, فقد روي عن جابر بن عتيك رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: الشهادة سبع سوي القتل في سبيل الله: المقتول في سبيل الله شهيد, والمطعون شهيد, والغريق شهيد, وصاحب ذات الجنب شهيد, والمبطون شهيد, وصاحب الحريق شهيد, والذي يموت تحت الهدم شهيد, والمرأة تموت بجمع شهيدة, وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: ما تعدون الشهداء فيكم ؟, قالوا: يا رسول الله من قتل في سبيل الله فهو شهيد, قال: إن شهداء أمتي إذا لقليل, قالوا: فمن يا رسول الله؟, قال: من قتل في سبيل الله فهو شهيد, ومن مات في سبيل الله فهو شهيد, ومن مات في الطاعون فهو شهيد, ومن مات في البطن فهو شهيد, والغريق شهيد, وروي عن سعيد بن زيد رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: من قتل دون ماله فهو شهيد, ومن قتل دون دمه فهو شهيد, ومن قتل دون دينه فهو شهيد, ومن قتل دون أهله فهو شهيد. والمقصود بالمبطون: من أصيب بداء في بطنه وكان سببا في وفاته, والأشبه أنه الاستسقاء, والمطعون: هو من أصيب بالطاعون ومات بسببه, والمراد بصاحب ذات الجنب: هو من أصابته آلام شديدة في جنبه بسبب الكلي أو غيرها إذا تسببت في وفاته, فهؤلاء شهداء. ومن جاهد أو رابط في سبيل الله تعالي فقتل فهو شهيد, ومن وقع في اليم فغرق فهو شهيد, ومن شب حريق في موضع ولم يتمكن من الفرار منه فاحترق فهو شهيد, ومثله الذي يفاجأ بتداعي البنيان فوقه, بسبب زلزال أو ضعف في البناء ولم يمكنه الخروج حتي مات فهو شهيد, والمرأة تفارق الحياة عند توليدها بسبب النزف الشديد أو الخطأ الطبي الفاحش أو نحوهما فهي شهيدة أيضا, ومن يقتل عند مدافعة من يعتدي علي نفسه أو أهله أو ماله أو دينه فهو شهيد. وقد أعد الحق سبحانه لهؤلاء الشهداء منزلة سامية في الجنة, لا يصل إليها إلا من كان مثلهم, أو كان من النبيين أو الصديقين أو الصالحين من المؤمنين, يقول الحق سبحانه:( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا), كما جعل الله سبحانه للواحد منهم أن يشفع في سبعين من أهل بيته, إلي غير ذلك مما أعده الله لهم يوم القيامة.